عاشت الثقافتان العربية والهندية شبه انقطاع في زمن الاحتلال بعد قرون مديدة من التفاعل بين أبرز حضارات الشرق؛ العربية والفارسية والهندية على جغرافيا واحدة، لتبرز حالياً عدّة محاولات لإعادة استكشاف كلّ طرف للآخر، تدلّ عليها زخم الفعاليات التي تشهدها أكثر من عاصمة عربية.
"إعادة قراءة مولانا آزاد من خلال كتاباته" عنوان الندوة التي تنظّمها السفارة الهندية في القاهرة عند الثانية من بعد ظهر غدٍ الإثنين، بمناسبة مرور مئة وإحدى وعشرين سنة على ميلاد السياسي والفيلسوف الهندي (1888 – 1958) للإضاءة على سيرته وأبرز آرائه.
يتحدّث في الندوة كلّ من جلال الحفناوي، رئيس قسم اللغات الشرقية في "جامعة القاهرة"، ورانيا فوزي، رئيس قسم اللغات الشرقية في جامعة عين شمس، والمحاضريْن في اللغة الأردية عبد المجيد النداوي ومحمد عزير.
يقف المشاركون عند المساهمة الأبرز لأبو الكلام محيي الدين آزاد المولود في مكة المكرمة، والمتمثّلة بتوليه وزارة التعليم في بلاده عقب الاستقلال وحتى رحيله، حيث ساهم في وضع أسس نظام تعليمي حديث عماده العلوم الحديثة والتكنولوجيا والقدرة على مواكبة متغيّرات العصر، مؤمناً أن التعليم إحدى أبرز ركائز ترسيخ الديمقراطية.
لم تنفصل رؤية صاحب كتاب "ترجمان القرآن" عن أفكاره السياسية التي ناضل من أجلها ضد الاستعمار البريطاني، وعنوانها ضرورة بناء مجتمع سياسي يوّحد جميع أبناء الهند من مختلف الأديان والطوائف لمقاومة المحتل ثم بناء دولة مدنية حديثة، معارضاً لاستقلال المسلمين عن الهند والذي قاد إلى انفصال الباكستان عام 1947.
انتسب آزاد إلى حزب المؤتمر الذي تزعمه المهاتما غاندي، ومثّل فيه تياراً إصلاحياً حيث عبّر عن أفكاره في الصحف التي أنشأها مثل "الوكيل" و"الهلال" باللغة الأوردية ودعا على صفحاتها إلى مقاومة الاحتلال بالسلاح خلافاً لتوجهات غاندي اللاعنفية، وبسبب ذلك تعرَض للاعتقال أكثر من مرة.
بدأت علاقته مع العالم العربي باكراً حين زار مصر عام 1908، والتقى هناك عدداً من الشخصيات الفكرية والدينية وظلّ على تواصل معها بعد عودته إلى الهند، كما زار في فترة لاحقة عددا من البلدان العربية والإسلامية، وأنشأ المجلس الهندي للعلاقات الثقافية" عام 1950 الذي سعى إلى إقامة صلات مع البلدان تقودها حركات تحرر وطنية، كما أصدر مجلة "ثقافة الهند" باللغة العربية.
وضع آزاد العديد من المؤلّفات، من بينها: "مبادئ الفلسفة"، و"مسألة الخلافة"، و"الحرية في الإسلام"، و"غبار خاطر"، إلى جانب مقالاته الصحافية التي تناولت موضوعات فكرية وفلسفة وتاريخية.