تتوالى الكشوفات الأثرية في بلدان المغرب ومالي والنيجر للنقوش الصخرية في عشرات الجداريات التي يعود تاريخها إلى ما بين خمسة وعشرة آلاف عام، في كهوف عاشها فيها الإنسان الأول خلال العصر الحجري الحديث، والتي اعتمدت التشخيص في مراحلها الأولى، قبل أن تهتم بالرموز، وبعدها بالخطوط.
تضمّنت أقدم النقوش الشمس والقمر والنجوم، أو الحيوانات كالأبقار والفيلة، والطيور (نعامات) والنباتات والعربات البدائية، ثم ظهرت رسومات تمثل صيادين يطاردون الوحوش الضخمة ومعهم سيوف وخناجر وأسلحة معدنية تُستعمل في القنص، أو فلاحين يحرثون الأرض.
"المشاهد المنقوشة بالأطلس الكبير.. رؤية أمازيغية للعالم" عنوان المعرض الذي يُفتتح عند السادسة من مساء الثلاثاء المقبل، الحادي عشر من الشهر الجاري، في "جامعة محمد الخامس" في الرباط، ويتواصل حتى الخامس عشر منه، قبل أن ينتقل إلى عدّة مدن مغربية.
يضيء المعرض على المناظر الطبيعية المحفورة في الأطلس الكبير، وهي مراعٍ جبلية تقع على ارتفاع أكثر من 2000 متر فوق مستوى سطح البحر، وتركز مواقع الصخور على ألواح الحجر الرملي الأحمر بالقرب من المروج الرطبة، الينابيع والماشية التي يشغلها اليوم رعاة المواشي. لأكثر من أربعة آلاف من السنين، لوحظت علاقة وثيقة بين النقوش الصخرية والتناجر، بحسب بيان المنظّمين.
وتظهر هذه المراعي أيضاً، بحسب البيان ذاته، استمرارية الممارسة المجتمعية الأصلية - أكدال - التي تعبّر عن القيم الأساسية للمجتمع الرعوي الأمازيغي: المطر والخصوبة بشكل خاص، كما يطرح واقع تراث هذه المناطق الثقافية، والتي أصبح الآن من الضروري الحفاظ عليها وحمايتها، رهانات مهمة، لاسيما لسكان الجبال الذين مازلو حتى الآن من بين أفقر الناس في البلاد.
إلى جانب ذلك، يُبرز المعرض الأبعاد الرعوية والصخرية، والملاجئ المحفورة التي تؤوي العديد من أنواع النباتات المستوطنة من أصول جبال الألب، وهي ذات أهمية كبيرة في ظروف يتسارع فيها تغير المناخ، كما يوضّح المنظّمون تطوّر النقوش المرسومة إلى حرف تيفيناغ في مرحلة لاحقة.
يبقى السؤال المطروح منذ اكتشاف هذه النقوس في بداية القرن الماضي: كيف يمكن الحفاظ على الفن الصخري في ظلّ تعرّضه للعوامل الطبيعة نظراً لوجوده في مناطق مفتوحة على الهواء الطلق وضمن مساحات شاسعة جداً؟