بالعودة إلى نشأة العلوم الاجتماعية، سنجد بأنّ المدينة بقيت موضوعاً في الظل على الرغم من أنها الفضاء الأساسي لمعظم الظواهر التي كان يدرسها علماء الاجتماع والنفس والاقتصاد والتاريخ وغيرهم. تغيّر الأمر بشكل تدريجي مع باحثي الجيل اللاحق للمؤسسين وبدأ الاهتمام بالمدينة يظهر على مستوى أوّل وليس بشكل ضمنيّ، خصوصاً مع تطوّر أدوات جديدة منها توفّر الإحصائيات ودخول مفاهيم من مجالات قريبة كالفلسفة ودراسات العلوم العصبية وعلوم البيئة، ومن ذلك أعمال عالم الاجتماع الألماني جورج زيمل، والمؤرّخ الفرنسي موريس هالفاكس، وخصوصاً مدرسة شيكاغو في الولايات المتحدة الأميركية.
مع تحوّل المدينة إلى موضوع أساسي في العلوم الاجتماعية في العالم، انخرط كثير من الباحثين العرب ضمن هذا الإطار، وإن بقي على هامش مجالات بحث أخرى في العلوم الاجتماعية؛ مثل الظاهرة الدينية وقضايا التنمية التي تتقاطع هي الأخرى مع مفهوم المدينة بشكل أساسي.
"المدينة العربية" عنوان سلسلة من المحاضرات ينظمها "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" في فرعه بباريس، تنطلق بداية من السادسة والنصف من مساء اليوم وتتواصل حتى نهاية الشهر الجاري بواقع محاضرة أسبوعية تُقام مساء كل يوم ثلاثاء.
المحاضرة الأولى ستقدّمها الباحثة الفرنسية فاليري كلار وتحمل عنوان "سياسات إعادة الإعمار والأحياء الهامشية في سورية: زاوية نظر تاريخية للتدخل العمومي في مواجهة العمران الهامشي"، أما محاضرة الأسبوع المقبل فتلقيها الباحثة غاييل جيلو وتحمل عنوان "الحدائق العمومية: فضاءات ضبط وحرية في المجتمعات العربية الإسلامية".
يوم الثلاثاء 24 من الشهر الجاري، يتحدث الباحث الجغرافي الفرنسي جاك كيلو عن سياسات تسمية الأماكن في المنطقة العربية ضمن ورقة بعنوان "النص والمدينة"، وتختتم السلسلة بمحاضرة "التنمية العمرانية المستدامة والنتقال الديمقراطي في العالم العربي" ويقدّمها الباحث بيير أمو بارتيل.