يواجه مربو المواشي في مناطق شمال شرق سورية الخاضعة لسيطرة "قسد" مشاكل، منها ارتفاع أسعار الأعلاف وقلة الكميات والجفاف الذي أثر بشكل كبير على المحاصيل والإنتاج الزراعي.
وفي ظل تدهور أوضاع العاملين في القطاع وتفاقم التحديات التي تواجههم، اندفع بعضهم لإيجاد حلول بديلة، ومنها نبات "الأزولا"، لكي يستخدم كأعلاف، حيث بدأت الفكرة كمشروع مستدام يمكن أن يكون منقذا للثروة الحيوانية.
عماد خلف، حاصل على ماجستير في العلوم الطبية والبيطرية، بدأ بتطبيق فكرة استنبات الأزولا بجهود فردية، سعيا منه لتطبيق المشروع على نطاق أوسع، وهو أول مشروع ينفذ في المنطقة لاستنبات هذا النوع من الأعشاب.
تحدث خلف لـ"العربي الجديد" عن المشروع، وقال: "فكرة إنبات الأزولا أتت من الأزمة التي نمر بها هنا في المنطقة نتيجة قلة المواد العلفية وغلاء الأسعار. صراحة المواد الأولية المتوفرة هنا نعتبرها مواد أولية بدائية لعلف الحيوانات. المشروع هذا متداول في القارة الأفريقية منذ 5 سنوات، ويعتمد على الأزولا كمادة أساسية تدخل في تراكيب الأعلاف، بعض الأصدقاء في مصر أخبرونا بأنهم سيرسلون البذور لتجربة الإنبات، عن طريق الأردن حصلنا على البذور".
أضاف خلف "أجرينا تجربتين في البداية، كانت هناك أخطاء بعملية التسميد، التجربة الثالثة هي التجربة الناجحة معنا، الأزولا نبات يشبه الأشنيات يعتمد على الماء، فهو مائي وليس ترابيا، المكونات الأساسية لإنباته سهلة ومتوفرة، ويمكن لأي مرب أن ينشئ أحواضا لإنبات الأزولا الذي يتميز بأنه دائم الخضرة وليس موسميا، ويسمى نبات مدى الحياة، وعند جني المحصول يترك الربع فقط منه، وهذا الربع يعيد الإنبات خلال 15 يوما فقط، فالمدة قصيرة والنبات في الأساس عبارة عن تركيبة بروتينية، ومنطقتنا فقيرة جدا ولا توجد فيها نباتات تعطي مادة أساسية كهذه".
وبيّن خلف أن الأزولا تتميز بنسبة البروتين العالية جدا. والمواد العلفية المتوفرة في المنطقة لا تنافس هذه المادة، كون نسبة البروتين فيها تقارب 40 بالمائة، وهذه النسبة غير موجودة في القمح أو الشعير أو أي مادة علفية نستعملها في المواد العلفية البدائية.
تابع خلف: "لا يمكن تحديد نوع واحد من الحيوانات يأكل الأزولا، فجميع الحيوانات يمكن أن تأكلها، فهي مستساغة، لأنها خضراء. الطيور بشكل عام تستفيد من الأزولا دون استثناء، الكنار والحمام والطاووس والرومي والدواجن والبط والإوز والأغنام والمجترات حتى الخيول تعتمد عليها كمادة علفية مركزة بالمواد العلفية الأخرى كون نسبة البروتين فيها تؤمن الاحتياجات الغذائية لأي حيوان".
وأضاف: نستهدف تعميم الفكرة على المنطقة وهي تمثل حلا سريعا وجذريا لمشكلة نقص العلف الأساسي الذي نعتمد عليه على مدار مئات السنين، ومستلزمات الأزولا سهلة ومتوفرة، وهذه النقطة الأساسية، أي مرب يمكن له تأمين مقومات هذا النبات الذي لا يحتاج إلى سماد كيميائي وإنما إلى سماد عضوي، والماء متوفر، ويجب إبقاء الماء راكدا كي يكون بيئة لنمو هذا النبات، كون الدورة الإنتاجية له 15 يوما فقط، وهذا أمر جيد جدا.
وتايع: "الأمر الآخر، إذا كان الإنتاج عاليا ولم تكن هناك قدرة على التصريف يمكن تجفيفه لمنافسة المخزون الغذائي. نسبة البروتين عالية جدا فيه ويخزن على شكل علف جاف أيضا. نحن نريد أن يتحول المربون من عملية الحصول على المواد العلفية الموسمية إلى الدائمة، وعملية إنباته لا تحتاج لتكاليف عالية أو مقومات يمكن أن تفقد مستقبلا".
ووفقا للدراسات، فقد يحدث نبات الأزولا ثورة في إنتاج الأعلاف للحيوانات، كون الفدان الواحد قد ينتج 30 طنا شهريا، الأمر الذي يساعد في حال دعمه وإطلاق مشاريع لاستنباته في منطقة شمال شرق سورية ومناطق أخرى، على تخطي أزمة الأعلاف والحفاظ على الثروة الحيوانية.
مزارع ومربي مواش يقيم بمدينة القامشلي بمحافظة الحسكة، يدعى مدين الحسين، أشار في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنه شاهد مقاطع فيديو عن نبات الأزولا عبر يوتيوب، وكان مدهوشا بهذا النبات ومدى إنتاجيته.
وقال الحسين: "أزمة الأعلاف والجفاف وعدم وجود رؤية مستقبلية، كل ذلك يهدّد الثروة الحيوانية، وأي مشروع إضافي أو بديل يؤمن حاجات المربي من الأعلاف يكون ذا فائدة ويستحق الدعم. كثير من المشاريع لم تجد النور في هذا المجال، إلا أن نجاح مشروع استنبات الأزولا في المنطقة هو أمر يستحق الدعم".
يشار إلى أن الموطن الأصلي لنبات الأزولا هو أميركا الجنوبية، والنبات يتفرع لسبعة أنواع ويعرف بأنه صديق للبيئة يساعد في تثبيت النيتروجين الجوي، وإنباته لا يحتاج لعناية كبيرة أو أسمدة كيميائية ويمكن إدخاله في تركيب الأعلاف الحيوانية كجزء أساسي منه، ما يجعل منه خيارا ومشروعا جيدا بمناطق شمال شرق سورية لمربي المواشي.
وتتعرض الثروة الحيوانية في سورية لتهديدات عديدة، ما أدى إلى تكبّدها خسائر كبيرة. وكانت صحيفة تشرين المحلية قد نقلت، في وقت سابق، عن مدير الإنتاج الحيواني في وزارة الزراعة التابعة للنظام أسامة حمود، قوله إن خسائر الثروة الحيوانية في سورية بلغت خلال الأعوام العشرة الماضية 50% لمختلف القطعان، من الأغنام والبقر والجاموس والماعز أيضاً.