مع استمرار الشركات الغربية العاملة في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بالانسحاب من السوق الروسية واحدة تلو الأخرى منذ بدء أعمال القتال في أوكرانيا في نهاية فبراير/شباط الماضي، تواجه شركات الاتصالات الروسية تحدياً لإيجاد بدائل للمعدات في هذا القطاع، سواء عبر زيادة الواردات من الصين أو استبدال الواردات بمنتجات محلية الصنع.
وبعد بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا وما ترتب عنها من فرض عقوبات اقتصادية غير مسبوقة على موسكو، أعلن كبار موردي تكنولوجيا الاتصالات، بمن فيهم شركتا "نوكيا" الفنلندية و"إريكسون" السويدية، وقف الإمدادات إلى روسيا، لتبقى "هواوي" الصينية الشركة الكبرى الوحيدة العاملة في هذا المجال التي لم تعلن انسحابها من السوق الروسية.
وتعتزم "إريكسون" إغلاق ممثليتها في روسيا قبل نهاية العام وتسريح جميع موظفيها، بمن فيهم أولئك الذين يقدمون دعماً فنياً لشبكات شركات الاتصالات، فيما أعلنت "نوكيا" هي الأخرى إخلاء جميع مكاتبها في روسيا بحلول نهاية العام.
وأكبر المشترين لمعدات "إريكسون" في روسيا في السنوات الماضية، شركتا الاتصالات "إم تي إس" و"تيلي 2"، بينما تعاونت "نوكيا" هي الأخرى مع هاتين الشركتين، بالإضافة إلى شركتي "ميغافون" و"فيمبيلكوم" التي تحمل العلامة التجارية "بيلاين".
مع ذلك، يستبعد مسؤول التنمية في شركة "بورصة تيليكوم"، فاسيلي بيمينوف، أن يشكل انسحاب الشركات مثل "إريكسون" و"نوكيا" مشكلة لشركات الاتصالات الروسية على المدى القصير، محذراً في الوقت نفسه من التداعيات طويلة الأجل ما لم تتمكن روسيا من توفير بدائل. ويقول بيمينوف في حديث لـ"العربي الجديد": "لن يكون لانسحاب الشركات الغربية أي تأثير فوري بقطاع الاتصالات الروسي، لأن المعدات الموجودة بالفعل لا يُعطَّل عملها، وتبقى البنية التحتية الحالية قائمة".
وحول رؤيته للمخاطر طويلة الأجل جراء انسحاب الشركات التكنولوجية الغربية، يضيف: "قد يزداد الوضع على المدى البعيد صعوبة ما لم تتمكن روسيا من استبدال الواردات في هذا المجال أو إذا تمكنت شركات الإلكترونيات الأميركية الكبرى مثل "إنتل" و"آي إم دي" من تعطيل عمل رقائقها داخل روسيا".
وكانت صحيفة كوميرسانت الروسية قد ذكرت يوم الاثنين، أنّ "إريكسون" تعتزم إغلاق ممثليتها في روسيا قبل نهاية العام.
مع ذلك، لم تستبعد مصادر الصحيفة أن قسماً من موظفي دعم "إريكسون" سينتقلون إلى شركة أخرى سيؤسسها كبار المديرين الروس.
وكشفت مصادر "كوميرسانت" بسوق الاتصالات أن شركة "إريكسون" الرئيسية أبلغت فرعها الروسي في 22 أغسطس/آب الجاري، بأنه "مع الوفاء التدريجي بالالتزامات أمام المشترين" ستنهي الشركة خلال الأشهر المقبلة نشاطها في روسيا، واعدة بعون مالي واجتماعي للموظفين.
من جانبه أكد ناطق باسم "نوكيا" في تصريحات نقلتها وكالة رويترز أنّ الأغلبية الساحقة من الموظفين في روسيا سيغادرون الشركة بحلول نهاية العام، مع الإبقاء على الوجود الرسمي للشركة في البلاد حتى استكمال الإجراءات القانونية للإغلاق.
ومن اللافت أنّ إعلان "إريكسون" و"نوكيا" انسحابهما النهائي من السوق الروسية يأتي بعد عدة أيام فقط على إعلان مماثل من شركة ديل الأميركية، وسط تسارع وتيرة خروج الشركات الأجنبية من روسيا في ضوء إطالة أمد الحرب في أوكرانيا بلا تسوية سلمية في الأفق.