وضع وزير الطاقة اللبناني في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض الرئيس ميشال عون، اليوم الأربعاء في أجواء زيارة وفد شركة "توتال" الفرنسية، الذي أكد الشروع في أسرع وقتٍ ممكنٍ وفق جدول زمني معجّل في أعمال التنقيب عن الغاز في حقل قانا بالتزامن مع إنجاز اتفاقية ترسيم الحدود البحرية الجنوبية بين لبنان وإسرائيل.
وقال وزير الطاقة بعد اللقاء إن "الإنجاز التاريخي الذي تحقق لا يتعلق بترسيم الحدود البحرية الجنوبية والحفاظ على الحقوق اللبنانية في الجغرافيا فحسب، بل في الالتزام في التنقيب وفي المباشرة في أعماله"، كاشفاً عن "فتح المجال لباقي الشركات والدول المهتمة بقطاع النفط للمشاركة في هذا الإطار من خلال دورة التراخيص الثانية".
وإذ أشار فياض إلى أن لبنان وافق على صيغة الاتفاقية النهائية بانتظار الطرف الآخر كي تترسّخ، توقف عند "وضع الاتفاق لبنان على خريطة الإنتاج النفطي في منطقة الشرق الأوسط وذلك ليساهم في أمرين، أولاً، تنمية ذاته اقتصادياً وإكفاء حاجته من الغاز في السنوات المقبلة لأغراض الطاقة والصناعة، والمساهمة الاقتصادية عبر تصدير الغاز وكل الاستثمارات المناطة بهذا الموضوع".
وأضاف "وضعت الرئيس عون في الوقت نفسه بجو الزيارة التي قام بها وفد شركة توتال انيرجي المسؤولة عن الكونسورتيوم المنقب في الجنوب اللبناني ولا سيما حقل قانا، البلوك 9 والبلوك 4 أيضاً، وقد أعرب الوفد عن التزامه التام بالشروع في أسرع وقت ممكن وبالتزامن مع إنجاز الاتفاقية في أعمال التنقيب، وأن الجدول الزمني سيكون معجلاً ومسرعاً لما تقتضيه المصلحة الوطنية ومصلحة المنطقة والاقتصاد العالمي. وهنا نتحدث عن عدد من الأشهر لإنجاز التحضيرات اللازمة لأعمال التنقيب بعد إتمام الاتفاقية".
وأشار إلى أننا "سنتابع في المرحلة المقبلة آليات التنفيذ ومن ضمنها التعامل مع توتال ومع الشركاء الأجانب الدوليين والمهتمين لأنه الآن سيفتح المجال لباقي الشركات والدول المهتمة بقطاع النفط للمشاركة. وهناك دورة التراخيص الثانية التي من الممكن أن نستفيد منها وندعو باقي الشركات للمشاركة فيها".
وحول أبرز بنود الاتفاقية مع شركة توتال، قال فياض "الاتفاقية مع الشركة بموجب قانون التنقيب، والعقد المبرم معها، أي اتفاقية الاستكشاف والتنقيب وإنتاج الغاز، يشكل نوعاً من الشراكة بين الدولة اللبنانية والكونسورتيوم التي من خلالها هناك للدولة اللبنانية الحصة الأكبر من الإنتاج في مقابل حصة أصغر قليلاً للكونسورتيوم، وكل الحصص محددة في الاتفاقية الموجودة ويتوجب على الشركة الآن القيام بتنفيذها".
وأردف "المانع كان سياسياً في وقت سابق، ونأمل بعدما حلت القضايا السياسية تتم بدءاً من الغد المباشرة بالأعمال التحضيرية التنفيذية للاتفاقية، ولا سيما في البلوك رقم 9 وهو ما عبر عنه أعضاء الوفد أمس الثلاثاء".
ومن أبرز ما ناله لبنان تبعاً لاتفاق ترسيم الحدود البحرية جنوباً حقه في حصته الكاملة من حقل قانا، علماً أنه يراهن هنا على حقل محتمل، على أن تحصل نقاشات جانبية بين شركة توتال الفرنسية وإسرائيل لتحديد الحقوق الاقتصادية العائدة للأخيرة من المكمن المحتمل.
وبحسب البنود، فإنه "رهناً بالاتفاق مع مشغل البلوك رقم 9، لن تقوم إسرائيل بممارسة أيّ حقوق لجهة تطوير المخزونات الهيدروكربونية الواقعة في المكمَن المحتمَل، كما أنها لن تعترض على أيّ أنشطة ترمي إلى تطوير المكمَن المحتمَل أو تتّخذ أيّ إجراءات من شأنها تأخير تنفيذ الأنشطة دون مسوّغ. كما أنّ إسرائيل لن تعمل على تطوير أيّ تراكمات أو مخزونات من الموارد الطبيعية في المكمَن المحتمَل".
ووقعت الحكومة اللبنانية عام 2018 عقوداً مع تحالف الشركات "توتال" الفرنسية، "إيني" الإيطالية، و"نوفاتيك" الروسية للتنقيب عن النفط والغاز في الرقعتين 4 و9، على أن تبدأ أعمال حفر الآبار الاستكشافية خلال 3 سنوات، وقد تبيّن أن الرقعة 4 جافّة، بينما لم يبدأ الحفر في الرقعة رقم 9.
وفي مايو/أيار 2022، مدّد مجلس الوزراء اللبناني العقد، بإضافته سنة للرقعة 4، وسنتين و7 أشهر للرقعة 9، في تمديدٍ ثانٍ بعد الأول الذي تقدمت بطلبه شركة "توتال" بفعل أحكام قانون تمديد المهل.
وكان تأجيل التنقيب في البلوك رقم 9 العنوان الأبرز منذ بدء "العلاقة التعاقدية"، آخرها الأعمال كانت مقرّرة في شهر سبتمبر/أيلول الماضي، وذلك ربطاً بأسباب كثيرة، منها جائحة كورونا، والظروف السياسية والاقتصادية والأمنية. مع الإشارة إلى أن الشركة الروسية ينتهي دورها مع انتهاء التمديد الأول في 22 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وقد انسحبت بفعل العقوبات الأميركية، وهي تملك نسبة 20% من التحالف.
تجدر الإشارة إلى أنه بحسب الاتفاق أيضاً يتّفق الطرفان على أنّ "الشخصية الاعتبارية ذات الصلة التي تتمتّع بأيّ حقوق لبنانية في التنقيب عن الموارد الهيدروكربونية وتطويرها في البلوك رقم 9 اللبناني ("مشغّل البلوك رقم 9") ينبغي أن تكون شركة أو شركات ذات سمعة طيبة، دولية، وغير خاضعة لعقوبات دولية، وألا تعيق عملية التيسير المتواصلة التي تقوم بها الولايات المتحدة، وألّا تكون شركات إسرائيلية أو لبنانية وتنطبق هذه الشروط كذلك على اختيار أيّ شركات تخلُف الشركات المذكورة أو تحلّ محلّها".
على صعيد آخر، تطرق فياض إلى النفط الإيراني، مؤكداً أنه سيكون في إطار الهبة، وبالتالي لا يرتب عقوبات على لبنان، مشيراً إلى أننا "في طور صياغة اتفاقية تفصيلية بالنسبة إلى الهبة حول مواصفات الفيول للتأكد من كونه مناسباً لمحطاتنا، وعندما تجهز الاتفاقية تكون هناك إمكانية لتنفيذها، والطرف الإيراني يقوم بإعداد التفاصيل حولها".