تشهد أسواق الأثاث والمفروشات في الجزائر ركوداً حاداً بفعل تهاوي القدرة الشرائية للكثيرين، ما عصف بآمال التجار في انتعاش نشاطهم خلال فترة الصيف التي طالما كانت تشهد حركة في المبيعات.
وقال مصطفى صابي، أحد التجار في العاصمة الجزائر لـ"العربي الجديد"، إن "الوضع الاقتصادي الصعب، أثر بشكل كبير على مبيعات تجار الأثاث، فقبل سنوات كنت أحقق رقم أعمال قياسيا، لكن حجم الطلبيات التي تلقيتها صيف هذا العام لا تبشر بسنة مربحة إذا ما احتسبنا كلفة الإيجار ورواتب العمال".
وأرجع صابي ركود المبيعات إلى "تدهور القدرة الشرائية للجزائريين، فمع تراجع الدينار وارتفاع التضخم أصبح الجزائري لا يحدّث أو يغير أثاثه كل سنة أو سنتين كما كان في الماضي".
ومما زاد الأوضاع تفاقماً بالنسبة لتجار الأثاث، هو لجوء الحكومة إلى منع استيراد الأثاث إلى أجل غير مسمى، الأمر الذي قلص المعروض وأدى بالأسعار الى الارتفاع إلى مستويات لا تتحملها جيوب الجزائريين المنهكة أصلاً بغلاء المعيشة.
وقال محمد بن كحلة مدير متجر أثاث في الضاحية الشرقية من العاصمة الجزائرية إن "منع الاستيراد سلاح ذو حدين، فمن جهة سيشجع الإنتاج المحلي، ومن جهة أخرى يؤثر على مبيعات التجار، فالأثاث الصيني أو التركي أشعل المنافسة مع الأثاث المصنوع محلياً، وخلق تنافسية في الأسعار استفاد منها التجار والمواطنون، أما فتح الاستيراد فيقلل المعروض ويرفع سعر الأثاث المحلي... وهكذا تأثرت تجارتنا، فالمواطن اعتاد أن يشتري أثاثاً مستورداً بأثمان أقل من ثمن المنتج محلياً".
وأضاف بن كحلة لـ"العربي الجديد" أن "التجار كانوا يراهنون على موسم الصيف الذي تكثر فيه الأفراح ويفضله الجزائريون لتغيير أثاثهم، إلا أن أغسطس/آب انقضى دون حدوث رواج في السوق، بينما تراجع القدرات الشرائية للكثيرين، والذي غير أنماط الاستهلاك، يعصف بآمال التجار في انتعاش المبيعات.
وأمام هذه الوضعية، يرى تجار أن الحل الأمثل للخروج من الأزمة يكمن في رفع القيود المفروضة على المستثمرين والمنتجين، من أجل دعم الإنتاج المحلي وضخ دماء جديدة في شريان هذه التجارة.
وقال رئيس مكتب متعاملي قطاع الأثاث في الجزائر، شريف بعزيز، إنّ "الإنتاج المحلي يمثّل أقل من 60% من السوق الوطنية، ويتم عبر ورشات وليس مصانع"، مضيفاً أنّ "متعاملي القطاع راسلوا وزارة الصناعة وطالبوا بفتح مناطق صناعية لإنتاج الأثاث، بالإضافة إلى رفع البيروقراطية المفروضة على من يريد الاستثمار في القطاع".
ولفت بعزيز في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن "تجميد استيراد الأثاث دفع بحوالي 130 مستورد أثاث للتحوّل إلى الإنتاج المحلي وحتى التصدير مستقبلاً، شرط استقرار المنظومة القانونية والتشريعية والقضاء على البيروقراطية وتأهيل المنظومة البنكية".
ولا تزال الحكومة الجزائرية متمسكة بتجميد استيراد الأثاث على غرار مواد أخرى كثيرة، حيث وجهت الجمعية المهنية للبنوك مراسلة إلى جميع البنوك العاملة في الدولة، قبل أشهرٍ، تبلغهم فيها بعدم توطين أموال استيراد 11 منتجاً، على غرار المحوّلات الكهربائية ومنتجات الرخام والقرميد والسجاد والصابون والمنتجات البلاستيكية. وسبق لجمعية البنوك أن حظرت استيراد الفواكه الجافة مثل الفستق واللوز وكل المشتقات التي تصنع منها هذه الفواكه.
وتتمسك الحكومة بإجراءات كبح فواتير الاستيراد، تحت ضغط تراجع عائدات النفط في السنوات الماضية، حيث تشير البيانات الرسمية إلى تقلص قيمة الواردات من 60 مليار دولار في عام 2014 إلى 42 ملياراً في نهاية 2021، وذلك بعد تطبيق العديد من الإجراءات، منها وضع "رخص الاستيراد" التي تُحدد من خلالها كميات الاستيراد لكل منتج حسب تطور معادلة العرض والطلب، مع وضع رسم وقائي إضافي على السلع التي تصنف من الكماليات بين 30% و200%.