تعتبر باكو، عاصمة أذربيجان، كنزاً دفيناً من التاريخ القوقازي المستقطب للسائحين، لاحتوائها على أبنية حجرية تعود لعقود ماضية.
ففي شوارعها وأحيائها الكثير من الأسرار التي لم تكتشف بعد، لدرجة أن عدداً كبيراً من الفنانين وعلماء الآثار، وحتى مهندسي العمارة، يرون المدينة تحفة فنية ضاربة جذورها في التاريخ القديم.
من زار أذربيجان، وتحديداً العاصمة، يلمس هذا المكوّن الثقافي في كل شيء من حوله، وإضافة إلى شكل المباني، يُعد اللباس التقليدي والاحتفالات الشعبية نموذجاً فريداً في دول القوقاز.
حتى إن الأطعمة الشعبية التقليدية لها أيضاً جذور تاريخية، فعادة ما يتناول السكان المحليون الكثير من الأطباق ذات التوابل المختلفة، وطبق الكباب واحد من أشهر الأطباق على الأطلاق، إضافة إلى الحلاوة الطحينية.
وبعيداً عن هذه الأجواء الشعبية، فإن غناء المدينة بالآثار، جعلها محط إعجاب منظمة اليونيسكو، التي وضعت العديد من القصور على لائحتها التراثية.
المدينة القديمة
يوحي كل شيء في المدينة القديمة في قلب العاصمة باكو، بأن التاريخ لم يتغير منذ فترة تشييدها.
في القرن السابع ميلادي، بُنيَت المدينة، بحسب ما هو مدون رسمياً في اليونيسكو، لكن القصص التاريخية في أذربيجان تشير إلى أن المدينة بُنيت على موقع مأهول بالسكان منذ العصر الحجري، ونتيجة تعاقب عدة ثقافات وحضارات وتفاعلها، كالزرادشتية والساسانية والعربية والفارسية والعثمانية والروسية، رُسمت ملامحها.
حافظت المدينة الداخلية (إتشيري شيهر) على جزء كبير من أسوارها الدفاعية التي تُعَدّ مقصداً للزوار. إضافة إلى ذلك، تتميز بكثرة حماماتها الشعبية، وأبرزها حجي قايب، وهو أحد المباني الذي يشير إلى تأثر السكان بالحضارة والثقافة العثمانية.
كذا، تحتوي المدينة أيضاً على سوق شعبي، لا يزال حتى اليوم مقصداً للزوار، نظراً لما يحتويه من قطع أثرية. زيارة المدينة القديمة لا تنتهي إلا بالجلوس في أحد المقاهي الشعبية، لارتشاف كوب من الشاي التقليدي.
قصر شيرفان شاهسي
كان القرن الخامس عشر فترة انتعاش اقتصادي وثقافي لأذربيجان، أُحرِز تقدم كبير في الفنون والعمارة والتجارة. تطورت باكو في بيئة هادئة نسبياً، ومن هنا، حاول الحكام في تلك الحقبة جعل باكو العاصمة السياسية، لذا شُيِّد قصر شيرفان شاهسي كمقر رئيسي للملوك.
أقيم القصر على أعلى نقطة في المدينة، في منطقة كانت من أكثر المناطق كثافة سكانية. يتكون مجمع القصر من تسعة مبانٍ - القصر نفسه قاعة المحكمة، ضريح الدراويش، البوابة الشرقية، مسجد الشاه، مسجد كيغوباد، ضريح القصر، الحمام والخزان.
زيارة القصر، هي بمثابة زيارة عبر الأزمان. الجدران والقباب المصنوعة من الحجر الرملي المصنوعات اليدوية، الثياب التقليدية التي تزين بها السكان القدامى، جميعها عوامل جاذبة للزوار.
عثر العلماء على العديد من المقتنيات الأثرية داخل مجمع القصر، خلال الحفريات الأثرية، ومن المُقتنيات المُكتشفة: أدوات منزلية، وعملات معدنية تعود إلى ما بين القرن الثاني عشر والخامس عشر، وأوانٍ نحاسية وأسلحة وأدوات زينة تعود للقرن التاسع عشر، إضافة إلى آلات موسيقية.
برج العذراء
يعد برج العذراء واحداً من أكثر الأبراج شهرة حول العالم. هو أقدم مبنى في مدينة باكو القديمة. لا توجد أي معلومات مؤكدة تماماً من تاريخ بنائه، أو لأي غرض، أو حتى عن أصول الاسم.
ومع ذلك، فإن هذا البرج الغامض والفضولي بنظر الزوار، رمز لعاصمة أذربيجان، ويظهر حتى على العملة الوطنية، المانات الأذربيجاني.
يعتقد العديد من الخبراء أن البرج قد اكتمل في القرن الثاني عشر، إلى جانب معظم المدينة المحاطة بأسوار من العصور الوسطى. لكن المظهر المختلف للحجارة التي تشكل الأساس والطبقات الثلاث الأولى يشير إلى أن الهيكل الأصلي قد يعود إلى 600 قبل الميلاد.
زيارة البرج لا تتعلق فقط بالتقاط الصور الفوتوغرافية، بل أيضاً بالصعود إلى قمة البرج، حيث يعتبر ذلك أمراً في غاية المتعة، بالرغم من أنه متعب بسبب شكل السلالم دائرية الشكل، لكن مشاهدة المدينة بصورة بانورامية واسعة، ومشاهدة بحر قزوين، أمر يستحق العناء.
القصر الملكي
جعل موقع مدينة شاكي، بالقرب من مقاطعة داغستان الروسية، وجمهورية جورجيا، من المكان منارة ثقافية. تقاليد السكان، اللغات، الأشغال اليدوية التي يمتاز سكانها في القيام بها، عوامل تجذب الزوار للتعرف إليها.
تتميز المدينة بتفردها في إتقان سكانها لفن "الشبك" القديم، حيث يراه الزائر في جميع أنحاء المدينة، على زجاح البيوت، على الجدران، وكيفما توجه، فيما تتجلى أجمل نماذجه، في القصر الملكي أو قصر شيكي حيث تغطي الفسيفساء الزجاجية الملونة أجزاءً كبيرة من القصر. يتمتع القصر بوجود نحو 5000 قطعة خشبية وزجاجية من فن الشبك.
سابقاً، كان القصر المقر الصيفي للأسرة الحاكمة، وقد تحول إلى نصب تاريخي ومعماري شهير عالمياً.
كذلك، تتميز المدينة بمراكز التسوق الشعبية، ببساطة، لأن الزائر سيحاول جمع أكبر قدر ممكن من الأواني والمشغولات اليدوية، والتحف الفنية، نظراً لشدة جمالها، وحملها معه إلى دياره.
الوجه الآخر
تتميز هذه الدولة بأنها من أكثر دول العالم نمواً وتطوراً، كذلك فإنها من أكثر الدول المحافظة على الاستقرار الاقتصادي.
اقتصاد أذربيجان من الاقتصادات القوية في العالم، وهي تعتمد بدرجة كبيرة على الاستثمارات الأجنبية، التي بدورها تعمل على تحريك العجلة الاقتصادية وتزيد من معدلات النمو الاقتصادي.
تعتمد دولة أذربيجان في اقتصادها على الموارد الطبيعية والغاز الطبيعي، الذي يُصدره للخارج، ويستغل هذه الفرصة للحصول على الإيرادات والعوائد المالية.
تتميز البلاد بنظامها المصرفي الذي يتكون من بنك أذربيجان المركزي والمصارف التجارية ومؤسسات الائتمان غير المصرفية. إضافة إلى ذلك، تشكل العائدات السياسية مورداً هاماً في اقتصاد البلاد.
الإقامة في أذربيجان لا تتطلب أكثر من 500 دولار للفرد، حيث يمكن الإقامة في فنادقها العريقة بمعدل سعر لا يتجاوز 50 دولاراً. إضافة إلى ذلك، تكاليف الطعام ليست مرتفعة، بل على العكس، إذ يراوح سعر الطبق فيما بين 5 و10 دولارات في المطاعم الشعبية، ويرتفع سعر الوجبات في المطاعم الفاخرة جداً.