- مسؤولون في صناعة النفط والغاز يرون أن التحول السريع للطاقة النظيفة مكلف ويؤكدون على استمرار الطلب على الوقود الأحفوري لدعم التقدم التكنولوجي والنمو السكاني.
- رغم الدفاع عن الوقود الأحفوري، توجد انتقادات من قطاع الطاقة المتجددة تشير إلى تجاهل دور الطاقة المتجددة المتزايد والدعوات العالمية لتسريع استخدامها، مع توقعات بأن الطلب على النفط والغاز قد يبلغ ذروته قبل نهاية العقد.
استغلت شركات النفط الكبرى هذا الأسبوع مؤتمر "سيرا ويك" لتقديم حججهم لإبطاء التحول السريع إلى الطاقة النظيفة في وقت تشجّعت فيه شركات الوقود الأحفوري بعد انتعاش الطلب وارتفاع توقعات الربحية، رغم تزايد التحذيرات العالمية من تغير المناخ.
وأعرب المسؤولون التنفيذيون الذين حضروا المؤتمر السنوي في هيوستن الأميركية عن ثقتهم في استمرار استهلاك الوقود الأحفوري مع نمو الاقتصادات، بعد أشهر فقط من تعهد زعماء العالم في قمة المناخ COP28 بالبدء في "الانتقال بعيداً عن الوقود الأحفوري" وزيادة استخدام مصادر الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول عام 2030.
وقال آلان أرمسترونج، الرئيس التنفيذي لشركة ويليامز، أكبر شركة لخطوط أنابيب الغاز الأميركية، لصحيفة فاينانشال تايمز: "إن البيئة في الوقت الحالي إيجابية للغاية لصناعة النفط والغاز".
وأضاف: "إذا عدنا بالزمن إلى الوراء قبل أربع أو خمس سنوات، كانوا يقولون: "كل شيء سيكون مصادر متجددة وبطاريات". والآن يقولون: "هذا سيكون باهظ الثمن للغاية".
وجاءت التعليقات المتفائلة في الحدث، الذي شهد حضوراً قياسياً لأكثر من 8000 مشارك، على خلفية ارتفاعات قياسية في درجات الحرارة وتزايد قلق العلماء بشأن الحاجة إلى خفض انبعاثات الغازات الدفيئة لمعالجة تغير المناخ.
وأطلقت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة هذا الأسبوع "حالة تأهب حمراء" وأكدت أن عام 2023 كان العام الأكثر سخونة على الإطلاق. وأشارت إلى درجات حرارة سطحية ومحيطية غير مسبوقة، وتراجع الأنهار الجليدية، وارتفاع منسوب مياه البحر. وقال جيم سكيا، رئيس اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ لدى الأمم المتحدة، لصحيفة "فاينانشال تايمز" الأسبوع الماضي، إن العالم في "منطقة مجهولة".
ويرى مسؤولو شركات النفط أن المستهلكين غير مستعدين لدفع التكاليف المرتبطة بالتحول السريع إلى طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وقالوا إن ازدهار بناء مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي المتعطشة إلى الطاقة، والزيادات السكانية والكهربة الشاملة، تعني أن هناك حاجة إلى زيادات في جميع أشكال الطاقة، باستثناء الفحم، لتلبية الطلب.
وقال ليام مالون، رئيس أعمال التنقيب والإنتاج في إكسون موبيل، إن "الحقيقة القاسية" هي أن العالم "لم يصل بعد إلى النقطة التي يكون فيها العملاء الكبار على استعداد لدفع تكلفة هذه الطاقة الجديدة وربما لا يعرف المستهلكون حقاً تكلفة ذلك".
وقال: "إلى أن يحين الوقت الذي يوجد فيه اقتصاد قائم على السوق، ويدرك الجميع تكلفة ذلك، سيظل المستهلكون يدفعون أكثر مما ينبغي مقابل الطاقة".
وقلصت شركة شل ذات الوزن الثقيل في الصناعة الأسبوع الماضي هدفها لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، كما روّجت شركة بريتيش بتروليوم، التي قلصت أهدافها المناخية في العام الماضي، لإمكانية تنمية عملياتها في مجال النفط والغاز في حوض "بيرميان" الأميركي في المؤتمر.
وبلغ إنتاج النفط والغاز في الولايات المتحدة مستويات قياسية جديدة في الأشهر الأخيرة، متجاوزاً أي دولة أخرى في التاريخ. وفي الوقت نفسه، دفع ارتفاع الأسعار في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا المنتجين في جميع أنحاء العالم إلى تحقيق أرباح قياسية في العامين الماضيين.
وقال أمين الناصر، الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية، أكبر منتج للنفط في العالم، للمندوبين المشاركين في المؤتمر هذا الأسبوع: "يجب أن نتخلى عن وهم التخلص التدريجي من النفط والغاز، وبدلاً من ذلك، نستثمر فيهما بما يعكس افتراضات الطلب الواقعية".
لكن بعض المديرين التنفيذيين للطاقة المتجددة في المؤتمر ردوا على رواية الوقود الأحفوري.
ووصفت سانديا جاناباثي، رئيسة شركة EDP Renewables North America، تصريحات المسؤولين التنفيذيين في مجال النفط والغاز بأنها وجهة نظر "محدودة" للدور الذي ستلعبه مصادر الطاقة المتجددة في المستقبل.
ورد مارك هاتشينسون، الرئيس التنفيذي لشركة Fortescue Energy، على تعليقات الناصر من شركة أرامكو بالقول: "الوهم هو أن صناعة النفط والغاز تعتقد أنه من خلال زيادة الانبعاثات في العالم، تتحسن الأمور"، وأضاف: “صناعة النفط والغاز تكشف حالياً عن أنيابها. والآن يعرف العالم أن هؤلاء الأشخاص لن يكونوا أبداً جزءاً من الحل".
ومع ذلك، أشار المسؤولون التنفيذيون في مجال النفط والغاز إلى الحاجة إلى كهرباء يمكن الاعتماد عليها لتغذية الطلب المتزايد على الطاقة الناجم عن انتشار مراكز البيانات اللازمة للذكاء الاصطناعي.
وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يتجاوز استهلاك الطاقة العالمي من مراكز البيانات 1000 تيراواط/ساعة بحلول عام 2026، أي أكثر من ضعف مستويات عام 2022، وبزيادة تعادل إجمالي استخدام الطاقة في ألمانيا في غضون أربع سنوات.
وقال توبي رايس، الرئيس التنفيذي لشركة إي كيو تي، أكبر منتج للغاز الطبيعي في الولايات المتحدة: "هذه الأشياء العظيمة التي تفعلها الحضارة، والابتكار الذي نعمل على تطويره، يعتمد على صناعتنا في تقديمها".
وأضاف: "عندما نتحدث عن مراكز البيانات، لن يكون هناك قول: "حسنًا، دعونا نستخدم طاقة الرياح، ودعونا نستخدم الطاقة الشمسية، فهذا يحتاج إلى طاقة موثوقة ومتسقة لا يمكن توفيرها إلا بالهيدروكربونات".
والعام الماضي، توقعت وكالة الطاقة الدولية أن يصل الطلب على النفط والغاز إلى ذروته قبل نهاية العقد، وهو توقع اعترض عليه تحالف أوبك+ والعديد من شركات النفط الكبرى، الذين لا يتوقعون أن يصل الطلب إلى ذروته حتى ثلاثينيات القرن الحالي أو بعد ذلك.
وتسعى دول العالم المختلفة لتسريع وتيرة نشر مصادر الطاقة المتجددة، فقد أضافت قدرة أكبر بنسبة 50% في عام 2023 مقارنة بالعام السابق، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية. وهناك توقعات بتحقيق نمو أسرع في السنوات الخمس المقبلة.
لكن وكالة الطاقة الدولية تواجه ردة فعل عنيفة من شركات النفط الكبرى والمؤيدين الجمهوريين في الكونغرس الأميركي، إذ اتهمت مجموعة من المشرعين الوكالة يوم الأربعاء بتبني مواقف "مضللة ومقلقة" بشأن الوقود الأحفوري، والابتعاد عن مهمتها الأساسية المتمثلة في تعزيز أمن الطاقة.
ووجد تقرير صادر عن Carbon Tracker هذا الأسبوع أن أكبر شركات النفط والغاز في العالم لا تزال غير متوافقة مع أهداف اتفاقية باريس بشأن معالجة تغير المناخ، على الرغم من رسائل الشركات بشأن دعم مستقبل منخفض الكربون.
ونظم المتظاهرون خارج الحدث في هيوستن "مسيرة جنائزية" وهمية، انتقدوا خلالها المديرين التنفيذيين بسبب التلوث في المجتمعات الخليجية ومساهمة الصناعة في تغير المناخ.
وقال جيمس هيات، الناشط من جنوب غرب لويزيانا: "إن اعتمادنا على الوقود الأحفوري كان يؤذي ويقتل ويسبب المعاناة للمجتمعات والناس منذ عقود".
وأضاف: "نحن على حافة الهاوية، إذ يتعين علينا التحول إذا كنا لا نريد إلحاق معاناة جماعية بأطفالنا وأطفالهم".