بدأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جولة أفريقية أمس الأحد بوصوله إلى عاصمة الكونغو الديمقراطية كينشاسا، يستهدف من خلالها زيادة الوجود الاقتصادي التركي في القارة من خلال سياسة "أفريقيا الإستراتيجية" التي أعلنها في بداية حكمه.
ومن المنتظر أن تفتح زيارات الرئيس أردوغان إلى الكونغو الديمقراطية (زائير سابقا) أمس، والسنغال اليوم وغدا، وغينيا بيساو يومي 22 و 23 فبراير/شباط، الباب أمام إنشاء تعاون جديد في المنطقة، لزيادة حجم التجارة الثنائية بما يتماشى مع الأهداف المحددة، وزيادة اهتمام رجال الأعمال الأتراك وتعزيز مكانة استثماراتهم في المنطقة.
وبلغت الصادرات التركية إلى الكونغو الديمقراطية في 2021 نحو 53.7 مليون دولار، واحتلت الحبوب، والدقيق، والنشا ومنتجات الحليب والعجين، المرتبة الأولى بين الصادرات تلتها اللحوم ومنتجاتها والآلات والأجهزة الكهربائية.
وفي العام الماضي، باعت تركيا بضائع بقيمة 529.5 مليون دولار إلى السنغال، واشترت منتجات منها بقيمة 10.9 ملايين دولار. وفيما زادت الصادرات التركية إلى السنغال بنسبة 47 في المائة على أساس سنوي، انخفضت الواردات بنسبة 43 في المائة.
أما صادرات تركيا إلى غينيا بيساو العام الماضي، فزادت بنسبة 18 في المائة مقارنة بعام 2020، وبلغت 9.8 ملايين دولار، وزادت وارداتها أيضًا بنسبة 314 في المائة، لتصل إلى 4.9 ملايين دولار.
البداية من الكونغو
ووفقا لبيان الرئاسة الكونغولية، فإن الزيارة "تهدف إلى أن تكون رمزا للرغبة التي لطالما عبرت عنها أنقرة وكينشاسا لتعزيز تعاونهما في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية"، بحسب البيان.
قال رئيس الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي أمس الأحد، إن زيارة نظيره التركي رجب طيب أردوغان، تحمل معاني عظيمة بالنسبة لمستقبل بلاده، مشيرا إلى أن التعاون بين البلدين، سيشمل أيضاً قطاعات الصحة، والبنية التحتية، والنقل وغيرها من القطاعات التي لها مستقبل واعد.
وأشار إلى أن الأولوية في التعاون بين البلدين، هي للأمن، مبيناً أنه بحث مع الرئيس أردوغان زيادة نطاق مكافحة المجموعات المسلحة والتنظيمات الإرهابية.
وفي سياق آخر، شدد تشيسكيدي على أهمية الاستثمارات التركية في بلاده، مبيناً أنها ستعود بالفائدة على شعبي البلدين.
وشدد على أن تركيا والكونغو الديمقراطية، لديهما علاقات قائمة على مبدأ "الربح المتبادل".
بينما أعرب أردوغان، عن ثقته بأن العلاقات القائمة بين بلاده والكونغو الديمقراطية، ستكتسب زخما كبيرا خلال الفترة المقبلة، خاصة وأنه التقى نظيره تشيسكيدي 3 مرات خلال آخر 6 أشهر، كان آخرها في ديسمبر/كانون الأول 2021 على هامش قمة الشراكة التركية الأفريقية بإسطنبول.
وأردف أردوغان: "علاقاتنا التجارية تزداد يوما بعد يوم، فالتبادل التجاري بين الطرفين بلغ 36.5 مليون دولار عام 2018، والآن نسعى لرفع هذا الرقم إلى 250 مليون دولار"، مؤكدا أن حكومته تشجع رجال الأعمال الأتراك على التوجه إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية والاستثمار فيها بمجالات عديدة.
استثمارات تركية
ووفقا لوكالة "فرانس برس" فإن أنقرة وكينشاسا تربطهما علاقات جيدة منذ سنوات، ويتنامى حجم الاستثمارات التركية في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وقال يوسف جنك داغصو، رئيس مجلس الأعمال التركي الكونغولي لوكالة "الأناضول" إن حجم التجارة الثنائية مرشح للوصول إلى مستويات قياسية عام 2022، وذلك مع زيادة حجم الاستثمارات والمشاريع في قطاعات التعدين والطاقة والبنية التحتية، وأنهم سيواصلون أنشطتهم الدبلوماسية التجارية من أجل الوصول إلى أعلى قيمة للصادرات المستهدفة 2022.
وزاد أن حجم الصادرات وصلت إلى 54 مليون دولار عام 2021، ونتطلع الى وصولها إلى أكثر من 100 مليون دولار هذا العام.
وأشار إلى أن قطاعات مثل مصادر الطاقة المتجددة والمحولات والكابلات والبنية التحتية الكهربائية ومشاريع البنية الفوقية تستحوذ على اهتمام كبير من المستثمرين الأتراك.
نمو العلاقات مع السنغال
من جهته، قال فؤاد توسيالي، رئيس مجلس الأعمال التركي السنغالي، إن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين تتجه نحو تطور ونمو مستمر بكل معنى الكلمة.
وأفاد بأن تركيا شغلت المرتبة الأربعين على قائمة الدول التي تستقبل الصادرات السنغالية، فضلًا عن كونها ثامن أكبر بلد مصدر إلى السنغال، مشيرا إلى أن البلدين يستهدفان الوصول إلى حجم تبادل تجاري بقيمة مليار دولار على المدى القصير.
كما أوضح أن قطاع المقاولات يأتي في مقدمة القطاعات التي حظيت باهتمام الشركات التركية، وأن إجمالي حجم المشاريع التي حققتها الشركات التركية هو 1.2 مليار دولار.
وأشار توسيالي إلى أن قطاعات المقاولات والطاقة والحديد والصلب يمكن أن تحتل المرتبة الأولى في الاستثمارات التركية في السنغال، وأن الإمكانات الاستثمارية في قطاعات الزراعة، والسياحة، ومصايد الأسماك، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والصحة، والتعليم، والطاقة المتجددة، والتعدين جاهزة لاستقبال الاستثمارات التركية.
وذكَّر بأن مطار دكار، وهو الأكبر في البلاد، تم بناؤه من قبل شركتين تركيتين، وأن مشروع نظام السكك الحديدية الذي سينقل الركاب والمسافرين من المطار إلى وسط المدينة، ومشاريع بناء مجموعة من الفنادق والمستشفيات وسط العاصمة، جرى تنفيذها على يد شركات تركية.
توسع تركي في أفريقيا
وتتطلع تركيا إلى تعزيز وجودها في أفريقيا، ومنذ عام 2003، ارتفع حجم التجارة بين تركيا وأفريقيا من 2 إلى 25 مليار دولار على الأقل.
وبحسب بيانات معهد الإحصاء التركي، فقد ارتفع حجم التجارة الخارجية لتركيا مع دول أفريقيا جنوب الصحراء بنسبة 24.8 بالمائة، مقارنة بعام 2020 ووصل إلى أعلى مستوى له بــ 10.7 مليارات دولار العام الماضي.
وفي الفترة المذكورة، زادت الصادرات التركية إلى دول المنطقة بنسبة 31 في المائة لتصل إلى 7.9 مليارات دولار، وزادت الواردات بنسبة 10 في المائة لتصل إلى 2.8 مليار دولار.
وزار أردوغان أفريقيا نحو 40 مرة منذ عام 2005، بصفته رئيساً للوزراء ثم رئيساً للبلاد، يرافقه دائماً رجال أعمال أتراك.
منذ ذلك الحين، فتحت تركيا نحو 40 سفارة في القارة ووسعت شبكة رحلات الناقل الوطني، شركة الخطوط الجوية التركية. والعام 2017، اسست تركيا في الصومال أول قاعدة عسكرية لها في أفريقيا.
واستضافت مدينة إسطنبول ما بين 16 و18 ديسمبر/ كانون الأول 2021، أعمال القمة الثالثة للشراكة التركية الأفريقية، التي عقدت أولى أعمالها في إسطنبول أيضًا عام 2008، وقمتها الثانية في مالابو، عاصمة غينيا الإستوائية، عام 2014.
وبينما اكتسبت التطورات الدبلوماسية مع أفريقيا زخمًا، انعكس هذا الوضع أيضًا على العلاقات الاقتصادية والتجارية. حيث شرعت تركيا ببناء علاقاتها الاقتصادية مع أفريقيا على أساس المنفعة المتبادلة والشراكة المتساوية.
واعتبارًا من العام الماضي، نفذت الشركات التركية أكثر من 1150 مشروعًا بقيمة إجمالية تتجاوز حوالي 70 مليار دولار في أفريقيا. كما تجاوزت قيمة الاستثمارات عبر القارة 6 مليارات دولار.
(العربي الجديد، وكالات)