أزمات إسرائيل تتعمق.. الأسواق في ركود كبير والشيكل بأدنى مستوى

04 يوليو 2024
تدهور كبير بصرف الشيكل، 2يوليو 2024، (مجدي فتحي/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- إسرائيل تواجه أزمة اقتصادية حادة بسبب تكاليف الحرب على غزة والتهديدات بغزو لبنان، مع تحذيرات اقتصادية من عدم قدرة الحكومة على تمويل الإنفاق الحربي وارتفاع الديون.
- تراجع قيمة الشيكل الإسرائيلي مقابل الدولار واليورو يعكس ضعف الثقة في الاقتصاد، مع تأثيرات سلبية من الضعف المحلي والعوامل العالمية على الاستثمار.
- الحرب أثرت سلبًا على الصادرات والناتج المحلي الإجمالي، مع ارتفاع البطالة وزيادة الإنفاق العام، مما يهدد بدفع الاقتصاد نحو ركود عميق ويزيد الضغوط على الميزانية.

وضعت حرب الإبادة التي يشنها الكيان الإسرائيلي على قطاع غزة والتهديد بغزو لبنان، الاقتصاد الإسرائيلي في أزمة عميقة. وحذّر اقتصاديون إسرائيليون حكومة تل أبيب من أنها قد لا تكون لديها وسيلة لتمويل الإنفاق على الحرب، وفق تقرير في صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" مساء الثلاثاء.

وقال كبير الاقتصاديين في شركة الاستشارات المحاسبية والاقتصادية، تشن هيرزوغ، في تل أبيب للصحيفة: "كل المؤشرات تظهر أن إسرائيل تتجه نحو ركود عميق... نحن في الواقع في حالة ركود بالفعل". ويذكر أن الحرب رفعت الديون الإسرائيلية بنسبة 8.7% بنهاية العام الماضي إلى 1.3 تريليون دولار. وبلغ إجمالي تلك الديون 154.7 مليار دولار.
ووفق بيانات بلومبيرغ، فإن ديون إسرائيل ارتفعت بعد 7 شهور من الحرب بنحو 16 مليار دولار. كما قدّر البنك المركزي الإسرائيلي، في 9 مايو/أيار الماضي، أن تكلفة الحرب خلال عامي 2024 و2025 تقدّر بنحو 255 مليار شيكل، وذلك دون حساب التطورات الأخيرة التي قد تجعل الجيش الإسرائيلي أمام محرقة في لبنان.
ووفق "تايمز أوف إسرائيل"، فإن الشركات الإسرائيلية تعمل بإنتاجية منخفضة، لأن موظفيها في الخدمة الاحتياطية، وبعضها مغلق، ويتقاضى الموظفون رواتبهم من وزارة الدفاع. وقال هيرزوغ: "هذا هو السر وراء حصول الناس على المال لإنفاقه، ووراء تعافي الإنفاق العام في الربع الأول من العام الجاري". وحسب "تايمز أوف إسرائيل"، يعتمد الاقتصاد الإسرائيلي في نمو الإنفاق على الشراء الحكومي الضخم للأسلحة والمعدات العسكرية من الشركات الإسرائيلية، ومبيعات شركات التقنية.

ويشير الخبير الإسرائيلي هيرزوغ إلى أن "الصادرات والاستثمارات وإنتاج الشركات تقلص بشكل كبير في إسرائيل". وحذر من أن "السوق ليست لديها وسيلة لتمويل النفقات الحكومية المتراكمة". وقال: "كل المؤشرات تظهر أننا نتجه نحو ركود عميق".

تدهور سعر الشيكل
على مستوى سوق الصرف الأجنبي، فقد تراجع الشيكل الإسرائيلي إلى أدنى مستوياته مقابل الدولار منذ إبريل/نيسان في تعاملات يوم الثلاثاء، كما تراجع كذلك مقابل اليورو. ووفق بيانات صحيفة "غلوبس" العبرية، تراجع الشيكل في تعامل ما بعد الظهر في سوق الصرف بتل أبيب يوم الثلاثاء، بنسبة 0.03% مقابل اليورو إلى 4.036 شيكل.
وكان بنك إسرائيل قد حدد يوم الثلاثاء سعر الشيكل مقابل الدولار التمثيلي بنسبة 0.16% عن يوم الجمعة، عند 3.753 شيكل/دولار، كما تم تحديد سعر الشيكل مقابل اليورو التمثيلي أعلى بنسبة 0.358% عند 4.035 شيكل/يورو. وبلغ سعر الشيكل مساء أمس الأربعاء في تل أبيب 3.7650 شيكل للدولار.
ويقول كبير الاستراتيجيين في بنك هبو عليم الإسرائيلي، مودي شفرير، لصحيفة "غلوبس": "لقد ضعف الشيكل مقابل الدولار في الشهر الماضي لأسباب عالمية ومحلية، حيث ارتفعت علاوة المخاطر للاقتصاد المحلي"، كما يتجلى ذلك في ضعف العملة، وضعف أداء البورصة المحلية، وزيادة العائدات في سوق السندات الحكومية المحلية، والزيادة في علاوة مقايضات العجز الائتماني الإسرائيلي، وزيادة الفارق بين سندات إسرائيل بالدولار لمدة عشر سنوات وسندات الخزانة الأميركية.
ويوافق رونين مناحيم، كبير الاقتصاديين في الأسواق في بنك مزراحي، تفاهوت شفرير، على أنّ "انخفاض قيمة الشيكل يرجع إلى قوة الدولار عالمياً والضعف المحلي. وينعكس هذا أيضاً في الانخفاضات في أسواق الأسهم، وحتى أكثر من ذلك في أسواق السندات. ويقول مناحيم إن "عدم اليقين يخيم على جميع المجالات التي تعمل فيها السوق، الأمنية والسياسية والاقتصادية، ولا توجد علامة على التحسن".
ويُذكر أن الشيكل ضعف بنسبة 1.4% مقابل الدولار خلال الشهر الماضي، وكان قد وصل بالفعل إلى مستويات 4.08 شيكل مقابل الدولار خلال الحرب، وأن بنك إسرائيل يراقب عن كثب تطورات سعر صرف الشيكل مقابل الدولار، وفق تقرير "تايمز أوف إسرائيل".
وحول كيفية رؤية المستثمرين لتطورات الحرب، قالت صحيفة " تايمز أوف إسرائيل": "إنهم لا يعرفون ماذا سيحدث، لذا فهم على الحياد. وعادة تكون دورات التداول صغيرة في معظم الأيام بالبورصة، لأن المستثمرين لا يريدون التصرف دون معرفة الاتجاه الذي يتحركون فيه". تابعت الصحيفة أن المستثمرين يريدون التخلص من الأسهم المتداولة في بورصة تل أبيب والشيكل قبل عطلة نهاية الأسبوع، في حال التصعيد مع حزب الله".

هروب الأموال من البورصة
وقال مصدر في سوق المال بتل أبيب لـ"تايمز أوف إسرائيل": "إذا حدث تطور كبير في الحرب بشمال إسرائيل، فسوف يرتفع الدولار واليورو مقابل الشيكل، وستغرق بورصة تل أبيب، والعكس صحيح، إذا تم التوصل فجأة إلى اتفاق ووقف لإطلاق النار، فسنرى اتجاهاً كبيراً نحو الأعلى في البورصة".
يذكر أن دولة الاحتلال تعاني من تراجع الناتج المحلي. ووفقاً لمكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، انكمش الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأخير من عام 2023 بنحو 19%. وكان الناتج في الربع الأول من عام 2024 أقل بنسبة 1.3% عن نفس الفترة من العام الماضي. ومن حيث نمو الفرد، انخفض الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول من عام 2024 بنحو 3.0% مقارنة بالربع الأول من عام 2023. كما انخفض نصيب الفرد من ذلك الناتج في عام 2023 بنسبة 0.1% مقارنة بعام 2022، وتحول النمو السريع خلال عام 2022 وبداية عام 2023 إلى نمو بطيء، ثم بدأت الحرب وأوقفته تماماً، وفق التقرير العبري.
وتعاني إسرائيل من ارتفاع معدل البطالة، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على إيرادات الخزينة من الضرائب، وبالتالي قدرة الحكومة على تمويل الحرب.

وحسب بيانات مكتب الاحصاء الإسرائيلي، بلغ معدل البطالة الموسع، والذي يشمل الأشخاص الذين تم وضعهم في إجازة مدفوعة الأجر خلال الحرب على غزة والأشخاص الذين تم فصلهم ولم يعودوا مؤهلين للحصول على إعانات البطالة، حوالي 5.3% في مايو/أيار الماضي. وبلغ معدل البطالة الموسع 4.2% في سبتمبر/أيلول الماضي، ثم قفز إلى 9.6% في أكتوبر/تشرين الأول، ووصل إلى 10.4% عندما يشمل ذلك الآباء الذين بقوا في المنزل مع أطفالهم.

قفزة في الإنفاق العام
وعلى صعيد النفقات العامة بالميزانية الإسرائيلية، ارتفع الإنفاق العام خلال الحرب على غزة أعلى بكثير مما كان عليه في العقود الأخيرة، بسبب تعبئة جنود الاحتياط، وشراء الأسلحة، وتقديم المساعدات للأشخاص الذين جرى إجلاؤهم وضحايا الحرب. وارتفع الإنفاق العام في الربع الأخير من عام 2023 بنسبة 88%، واستمر في الصعود في الربع الأول من العام الحالي بنسبة 7%. وارتفع الإنفاق الأمني في الربع الرابع من العام الماضي بنسبة 27%، وواصل الارتفاع في الربع الأول من هذا العام بنسبة 39%، وفق البيانات الحكومية التي نشرتها صحيفة تايمز أوف إسرائيل.
وقال تقرير الصحيفة، إنه في حين أن الإسرائيليين يشترون الكثير من المنتجات ومعظمها مستورد، فإن الصناعة المحلية تتفاعل بشكل أقل مع الدول الأخرى. وكانت الصادرات الإسرائيلية حطمت الأرقام القياسية في عامي 2021 و2022، لكنها لم ترتفع إلا بشكل طفيف في الربع الأول من عام 2023، على الرغم من القفزة الهائلة في الصادرات الأمنية وصادرات السلاح. ومنذ بدء الحرب، بدأت الصادرات في الانخفاض. ولا يستبعد محللون أن تواجه إسرائيل عزلة تجارية في حال توسع الحرب. كما أن هجمات الحوثي في البحر الأحمر رفعت من معدل التضخم، وأدت إلى غلاء الوقود داخل أسواق دولة الاحتلال.
ووفقاً لبيانات مكتب الإحصاء المركزي، انخفضت صادرات السلع والخدمات من إسرائيل بنسبة 18% في الربع الأخير من عام 2023. وعلى مدار العام، انخفضت الصادرات بنسبة 2.2%. ويعود السبب الرئيسي لذلك، الضرر الذي ألحقته الحرب بقطاع التكنولوجيا والزراعة. واستمر انخفاض الصادرات مع بداية عام 2024. فخلال الربع الأول من العام الجاري، انخفضت بنسبة 5.5% مقارنة بالربع السابق وبنسبة 26% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وذلك على الرغم من استمرار ارتفاع الصادرات الأمنية.

المساهمون