تواجه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" أزمة مالية كبيرة تعصف بها نتيجة لتراجع الدعم الخارجي، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود عالمياً خلال الشهور الأخيرة بفعل الحرب الروسية الأوكرانية المندلعة منذ أشهر، وهو ما ينعكس سلباً على الأمن الغذائي في قطاع غزة.
وتحذر المؤسسة الأممية من التداعيات المترتبة على هذا الارتفاع، الأمر الذي من شأنه أن يمس بقدرتها على استمرارها في توزيع سلتها الغذائية بسهولة كما كان الأمر معتاداً نتيجة الزيادة المطّردة في الأسعار خلال الشهور الأخيرة.
وتعمل أونروا على استيراد المواد الغذائية من الخارج ثم تقوم بتوزيعها بناءً على دورات للاجئين الأشد فقراً، في الوقت الذي شهدت السلة الغذائية تراجعاً مقارنة بما كان يتم توزيعه من مواد قبل عدة عقود للمستفيدين من اللاجئين.
وذكر بيان صادر عن الأونروا أن مؤتمر المانحين الأخير شهد تعهد الدول الأعضاء بدفع مبلغ 160 مليون دولار، لدعم الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية والخدمات الأساسية الأخرى التي تقدمها الأونروا في مناطق عملياتها الخمس.
ورغم تعهدات المانحين إلا أن العجز المالي لأونروا يزيد عن 100 مليون دولار في ميزانيتها الأساسية، ما من شأنه التشويش على الخدمات المقدمة للاجئين الفلسطينيين في مختلف المجالات ويؤثر على صرف رواتب الموظفين.
ووفق أونروا، فإن الأزمات العالمية المتتالية تقوض قدرة الملايين من لاجئي فلسطين على تلبية حتى الاحتياجات اليومية البسيطة، حيث تصل معدلات الفقر إلى 80 في المائة مع ارتفاع معدلات التضخم وأسعار المواد الغذائية بشكل كبير.
وتعتمد غالبية اللاجئين على السلة الغذائية التي تقدمها المؤسسة الأممية في توفير الاحتياجات، وهو الأمر الذي أسهم في الحفاظ على استقرار أسعار السلع الغذائية الأساسية في ضوء ارتفاعها على مستوى العالم منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية.
وتخشى أونروا تداعيات ارتفاع أسعار السلع في العالم، كون الأمر يرفع الأعباء المالية، ما يزيد من الفجوة المالية وصعوبة تغطيتها في ظل انشغال الدول المانحة بالتطورات الحاصلة على مستوى العالم.
وتوفر السلة الغذائية التي تقوم أونروا بتوزيعها على عدة دورات للاجئين الفلسطينيين المواد الأساسية، مثل الدقيق وزيت الطهي والسكر والعدس وبعض الحبوب حيث يتم توزيعها بناءً على عدد أفراد الأسرة الواحدة المستفيدة.
في الأثناء، يقول المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" عدنان أبو حسنة: "مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود، فإن حجم السلة الغذائية التي تقدم للاجئين الفلسطينيين في غزة ارتفع بنسبة 40% على صعيد التكلفة المالية".
ويضيف أبو حسنة لـ "العربي الجديد" أن أونروا بحاجة إلى مبلغ 72 مليون دولار في الربع الثالث من أجل تأمين المستلزمات الخاصة بالسلة الغذائية في القطاع، إلى جانب العجز المالي المتراكم بقيمة 100 مليون دولار أميركي.
وحسب المستشار الإعلامي لأونروا، فإن بعض المانحين أبلغوهم بألا يتوقعوا سقف تبرعات لهذا العام كما كان الوضع في عام 2021، والبعض الآخر طلب تأجيل بعض الدفعات المالية وهو ما يخلق أزمة سيولة لدى الأونروا.
ويشير إلى أن أونروا اضطرت الشهر الماضي للاستدانة من أحد صناديق الأمم المتحدة مبلغ 17 مليون دولار، من أجل أن تتمكن من دفع رواتب موظفيها في مناطق عملياتها الخمس في غزة والضفة الغربية والأردن لبنان وسورية.
وفق أونروا، فإن الأزمات العالمية المتتالية تقوض قدرة الملايين من لاجئي فلسطين على تلبية حتى الاحتياجات اليومية البسيطة، حيث تصل معدلات الفقر إلى 80 في المائة مع ارتفاع معدلات التضخم
ويؤكد أبو حسنة أن الارتفاع الكبير في أسعار السلع الغذائية المقدمة في السلة الغذائية سيضع الأونروا أمام تحديات للاستمرار توزيعها خلال الفترة المقبلة، حيث يتم الاستعداد مبكراً لصرف الدورة الثالثة حالياً وتأمين الأموال اللازمة لذلك.
ووفق أونروا، فإن قرابة مليون و140 ألفاً من اللاجئين الفلسطينيين في القطاع يستفيدون من السلة الغذائية التي تقدمها المؤسسة الأممية بنسبة تقديرية تصل إلى 80% من اللاجئين في غزة وبنسبة تقدر 60% من إجمالي أعداد السكان في القطاع البالغة أعدادهم 2.3 مليون نسمة.
في موازاة ذلك، يؤكد الناطق باسم وزارة الاقتصاد الوطني في غزة التي تديرها حركة حماس عبد الفتاح أبو موسى أن صرف أونروا للسلة الغذائية أسهم في الحفاظ على أسعار المواد الغذائية منخفضة بعض الشيء.
وقال أبو موسى لـ "العربي الجديد" إن القطاع يعتمد على استيراد المواد الغذائية من معبري رفح التجاري مع مصر وكرم أبو سالم مع الاحتلال، وهو الأمر الذي أسهم في جعل الأسعار أقل ضرراً من الدول المحيطة.
ويرى الناطق باسم وزارة الاقتصاد أن أي توقف على صعيد السلة الغذائية التي تصرفها أونروا، من شأنه أن يؤثر بالسلب على الواقع الغذائي في القطاع ككل كونها تسهم في تغطية 60% من إجمالي أعداد السكان في غزة.