أزمة الدين الأميركي تهدد سندات الخزانة وتثير مخاوف وول ستريت

29 أكتوبر 2023
"حراس السندات" ساهموا في تغذية الانهيار بسندات الخزانة (Getty)
+ الخط -

أثارت الزيادة المتسارعة في الديون الحكومية الأميركية قلق المستثمرين في عام 2023، حيث تمكن المشرعون بصعوبة من تجنب التخلف عن السداد الكارثي في يونيو/ حزيران، في اتفاق في اللحظة الأخيرة لرفع حد الاقتراض الفيدرالي.

ووفقا لتقرير "بيزنس إنسايدر Business Insider" اليوم الأحد، فإن أسماء كبيرة في حي المال الأميركي "وول ستريت" باتوا أكثر قلقا، كما أن من يطلق عليهم "حراس السندات" ساهموا في تغذية الانهيار بسندات الخزانة، الذي دفع العائدات القياسية إلى أعلى مستوياتها في 16 عاما.

وارتفع عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات فوق 5% في 23 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، للمرة الأولى منذ عام 2007، حيث أبقى بنك الاحتياط الفيدرالي أسعار الفائدة مرتفعة لمدة أطول لدرء التضخم.

وأكدت "بيزنس إنسايدر" أن الدين المرتفع ساهم في الاضطرابات التي تمر بها سوق السندات حاليا، ودفعت المستثمرين إلى القلق، وأنه مع توقع استمرار العجز في الارتفاع بمقدار تريليونات الدولارات سنويًا، فإن قلق "وول ستريت" سيستمر.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

وأشار الموقع إلى أن هناك أسبابا حقيقية لهذه المخاوف تجعل عبء الديون الأميركية مصدرًا للقلق، كما يؤثر بالفعل على الأسواق، منها: 

  • نمو لا يتوقف لجبل الديون الأميركية

منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، اقترضت الحكومة المزيد والمزيد من الأموال لتمويل برامج الإنفاق.

ووفقا لبيانات وزارة الخزانة التاريخية، تضخم الدين الوطني من أقل من 300 مليار دولار في يونيو/حزيران 1946 إلى مستوى مذهل بلغ 33 تريليون دولار بحلول سبتمبر/أيلول 2023.

ويقول الاقتصاديون إن التخفيضات الضريبية في عهدي ريغان-بوش، والزيادة الهائلة في حجم سوق سندات الخزانة، ونقاط التوتر مثل غزو العراق والأزمة المالية عام 2008، ساهمت جميعها في الارتفاع الهائل في الديون.

  • نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي تتجاوز 100%

لا يقتصر الأمر على المبلغ الأعلى للديون الذي ارتفع خلال العقود القليلة الماضية حتى وصل إلى 33 تريليون دولار، بل ارتفع أيضا مستوى الدين بالنسبة إلى الحجم الإجمالي للاقتصاد، حيث تجاوز 100% لأول مرة في عام 2019، وفقًا لبيانات صندوق النقد الدولي.

وحذر الخبير الاقتصادي في "كابيتال غروب" داريل سبنس من أن تحمل المزيد من الديون يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة، ويجبر الحكومة على زيادة الضرائب، ويغذي المزيد من عمليات بيع السندات، وارتفاع أسعار الفائدة.

ارتفاع معدل الدين الأميركي (العربي الجديد)
تضخم الدين العام االأميركي إلى 33 تريليون دولار (العربي الجديد)

والولايات المتحدة هي واحدة من 21 دولة فقط في جميع أنحاء العالم التي يتجاوز فيها الدين العام الناتج المحلي الإجمالي، والتي من بينها دول مثل سريلانكا والسودان.

كما أن الاقتصاد الأميركي الأسرع بين دول مجموع الدول الصناعية السبع الكبرى في ارتفاع معدل الدين العام خلال العقدين الماضيين، علما أن هناك دولتين فقط في المجموعة تخطى الدين العام 100% من إجمالي الناتج المحلي، وهما اليابان وإيطاليا.

  • دور "حراس السندات" في انهيار سوق سندات الخزانة

يشير الموقع إلى جدل بين الاقتصاديين حول مدى إمكانية تأثير ارتفاع الدين العام الأميركي على سوق سندات الخزانة الأميركية، حيث يميل فريق إلى التأكيد على قدرة الإدارة الأميركية على مزيد من الاستدانة عبر السندات، مستندة في ذلك إلى كون اقتصادها الأكبر في العالم، وأن عملتها الدولار ما زالت صاحب الهيمنة.

معدلات الدين للناتج المحلي (العربي الجديد)
الولايات المتحدة واحدة من 21 دولة تخطى معدل الدين العام الناتج المحلي الإجمالي (العربي الجديد)

بينما يرى فريق آخر أنه خلال الأسابيع القليلة الماضية، بدأت ثقة المستثمرين أو الدائنين حول قدرة الخزانة الأميركية على السداد في التضاؤل.

وانهارت أسعار سندات الخزانة في واحدة من أسوأ التقلبات في تاريخ السوق، ما أدى إلى ارتفاع العائدات على سندات العشر سنوات والسندات لأجل 30 عاما فوق 5% للمرة الأولى منذ عام 2007.

وأدى خوف المستثمرين من أن يؤدي إبقاء الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي) أسعار الفائدة مرتفعة حتى عام 2024، في محاولة للقضاء على التضخم، إلى عمليات البيع للسندات.

لكن البعض في وول ستريت يعتقد أن انهيار السوق مدفوع أيضًا ممن يطلق عليهم "حراس السندات"، وهم التجار الناشطون الذين يبيعون ما بحوزتهم من السندات، ما يؤدي إلى خفض سعرها وارتفاع تكاليف الاقتراض الحكومية.

وقال المحلل الاقتصادي المعروف إد يارديني، الذي صاغ مصطلح الحراس في الثمانينيات، في تصريحات حديثة: "منذ تخفيض تصنيف الدين الحكومي في أغسطس/آب، ركز الدائنون على قضية العجز عن السداد".

وأضاف يارديني: "سنواجه مشكلة حقيقية، وقد يحتاج حراس السندات للقيام بشيء أكثر جوهرية للضغط على السياسيين بشأن خفض التوقعات طويلة المدى للعجز ".

ويدعم أيضًا بيل غروس، المؤسس المشارك لشركة بيمكو، والذي يُطلق عليه "ملك السندات"، فرضية دور حراس السندات، قائلًا في وقت سابق من هذا الشهر إن "مجموعة من تجار التجزئة من المحتمل أن تكون دفعت العائد نحو 5%".

المساهمون