وسط تفاقم أزمة الغاز في ألمانيا، لجأ المواطنون إلى زيادة مشترياتهم من حطب الوقود تحوطاً للشتاء. وكبّد ارتفاع أسعار الطاقة، بفعل نقص الإمدادات من روسيا، المواطن الألماني المزيد من المصاريف على الغاز وزيت التدفئة هذا العام، الأمر الذي جعل الكثيرين ولعدة أسباب يرغبون في التحول إلى الحطب للتدفئة خلال الشتاء المقبل.
وبات على المواطنين البحث عن الكميات الكافية من حطب التدفئة مع زيادة الطلب وقلة العرض، ما أدى إلى ارتفاع باهظ في الأسعار، حيث تجاوز الارتفاع نسبة 200% بالمقارنة مع أسعار عام 2021.
أمام هذا الواقع، تبرز التقارير الإعلامية أن الأسواق الألمانية تعاني ندرة في الحطب المعروض مقارنة بالطلب المرتفع من المستهلكين. ودفع النقص في حطب الوقود بالتجار الذين لا يزال لديهم بعض المخزون يطالبون بأسعار باهظة. في المقابل، أعلن التجار في العديد من الولايات الألمانية، وفي مقدمتها ولايتا بافاريا وهيسن عن عدم توفر المزيد من كميات الحطب للموسم المقبل.
وفي السياق، أفاد تقرير نشره موقع "فوكوس أونلاين "الأسبوع الماضي، أنه ومع ارتفاع الأسعار باتت تباع كل حزمة من 960 كيلوغراما بأكثر من 600 يورو. وبلغت الأسعار على منصات البيع عبر الإنترنت مثل أمازون أو "إي باي" والأسواق الأخرى حدود 900 يورو، في حين دفع المستهلكون 300 يورو في شتاء العام الماضي 2021، كحد أقصى للحصول على نفس الحزمة من الحطب.
إلى ذلك، تجد الشركات صعوبة في خدمة الزبائن بطريقة مريحة، حيث يطالب المستهلكون بكميات تتراوح بين سبعة وثمانية أمتار مكعب، إلا أنهم لا يحصلون على كميات صغيرة من حطب الوقود.
من جهة ثانية، أبرز تقرير عرضته مؤسسة "هيسن شو" الألمانية، في وقت سابق من هذا الشهر، أن هناك عوامل أخرى ساهمت في أزمة حطب الوقود. وقال مسؤول مبيعات الأخشاب وحماية الغابات في ولاية هيسن، بنيامين كروغ، حسب "هيسن شو"، إن هناك عوامل أخرى ساهمت في الحد من الكميات المتوفرة، أهمها الجفاف الذي ضرب البلاد في السنوات الأخيرة ووقف استخدام خشب الزان، في وقت زاد الطلب بسرعة على الحطب. وأشار إلى أنه واعتباراً من نهاية شهر سبتمبر/أيلول المقبل سيزيد العرض نسبياً، لكن الأمر يتطلب استخدام التوزيع الذكي للمخزونات. وقال كروغ، "ما نريد منعه هو لجوء المستهلكين إلى مشتريات مذعورة تؤدي إلى تفاقم أزمة الوقود في الشتاء.
من جهة ثانية، برزت تحذيرات تطالب المواطنين بعدم الانصياع والرضوخ للأسعار التي يطلبها التجار عبر الإنترنت، وتوجيههم لاعتماد طرق عملية للحصول على حاجاتهم من الحطب، بينها الانتقال إلى الموقع والكشف عن الكمية والأنواع والتفاوض حول السعر. كذلك، برزت تنبيهات حكومية من استغلال الشركات لحاجة المواطنين، وطلبت من المستهلكين اللجوء إلى التسجيل مسبقاً على قائمة الانتظار لتجنب دفع مبالغ طائلة عند حصول تعديلات على الأسعار مقابل طلبياتهم، فضلاً عن عدم الدفع المسبق، لاسيما وأن بعض الأنواع من الحطب التي يتم بيعها في السوق غير مناسبة للتدفئة وغير مطابقة للمواصفات.
وبالتالي، فإن الأمر يتطلب منهم التأكد من نسبة الرطوبة داخل الحطب والتي لا يجب أن تتجاوز 25%، أي لا يجب أن يكون رطبا جداً لأن جودة التدفئة عندها تكون أقل، والاستهلاك يتضاعف 3 مرات.
في خضم ذلك، قال رئيس الرابطة الصناعية لتقنية التدفئة في المنازل، فرانك كيلي، إن زيادة الأسعار تستند إلى حقيقة أن الحطب، الذي يسمى بالسلعة البديلة ويمكن أن يحل محل الغاز، ونظراً لارتفاع أسعار النفط والغاز بشكل كبير، اتبع الموردون هذا التطور وقاموا أيضاً بزيادة أسعار الحطب. ويوضح أن الحطب لا يزال أرخص بنحو 40% من الغاز عند مستوى سعره الحالي، وأن كل متر مكعب من الخشب الصلب له قيمة حرارية تبلغ حوالي 200 ليتر من زيت التدفئة. ومن المعلوم، أنه يجب تجفيف الحطب لمدة عام ونصف على الأقل، وإلا سيملأ الموقد الغرفة بالدخان، وهذا ما يتسبب في أضرار صحية وعلى الممتلكات.
وتحتاج ألمانيا إلى خفض استهلاكها من الغاز أكثر من أي دولة أخرى في الاتحاد الأوروبي، من أجل تحقيق هدف التوفير في الاستخدام المتفق عليه للتكتل البالغ 15%، وفقا لحسابات وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) باستخدام بيانات المفوضية الأوروبية. ويجب على ألمانيا أن تجد وسيلة لتوفير 10 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي، بين بداية آب/أغسطس وآذار/مارس من العام المقبل، من أجل الوصول إلى هدف الاتحاد الأوروبي، أي ما يعادل متوسط الاستهلاك السنوي للغاز لـ5 ملايين أسرة مكونة من أربعة أشخاص.
وأظهرت بيانات اقتصادية في ألمانيا تراجع الطلب على إنتاج المصانع في ألمانيا خلال حزيران/يونيو الماضي، للشهر الخامس على التوالي، في ظل استمرار تأثيرات ارتفاع معدل التضخم واضطراب سلاسل الإمداد. في هذا الصدد، ذكر مكتب الإحصاء الاتحادي الألماني في بداية الشهر أنه "في ضوء زيادة حالة عدم اليقين الناجمة عن الحرب الروسية في أوكرانيا ونقص إمدادات الغاز، مازال القطاع الصناعي يعاني من الضعف". وبالتالي، من المتوقع أن يتراجع الطلب في القطاع الصناعي على استهلاك الغاز خلال العام الجاري.