تسود توقعات بأن الأزمة المقبلة على الصين ستطاول الطاقة، لتكون الصدمة الاقتصادية الكبرى الثانية بعد انهيار مجموعة "إيفرغراند" العقارية. يشرح تقرير لوكالة "بلومبيرغ" الأميركية أنه توجد حملة اليوم لخفض استهلاك الطاقة مدفوعة بزيادة الطلب على الكهرباء وارتفاع أسعار الفحم والغاز، بالتزامن مع اتباع الصين أهدافاً صارمة لخفض الانبعاثات.
ويلفت التقرير إلى أن الحملة تستهدف الصناعات التحويلية العملاقة في البلاد، من مصاهر الألومنيوم إلى منتجي المنسوجات ومصانع معالجة فول الصويا، حيث يجرى إصدار أوامر للمصانع للحد من النشاط، أو في بعض الحالات إغلاقها تماماً.
ما يقرب من نصف مقاطعات الصين، البالغ عددها 23، أخطأت في تحقيق أهداف كثافة الطاقة التي حددتها بكين، وهي الآن تتعرض لضغوط للحد من استخدام الطاقة. ومن بين الأكثر تضررا جيانغسو وتشجيانغ وقوانغدونغ، وهي ثلاث قوى صناعية تمثل ما يقرب من ثلث اقتصاد الصين.
حذر محللو "نومورا هولدنغ"، في مذكرة، من أنه "مع تركيز اهتمام السوق الآن على قيود بكين غير المسبوقة على قطاع العقارات، ربما تم التقليل من شأن صدمة كبيرة أخرى"
أزمة الطاقة المتفاقمة في الصين تعكس شحاً شديداً في الإمدادات على مستوى العالم، الذي شهد بالفعل فوضى تبتلع الأسواق في أوروبا. عزز الانتعاش الاقتصادي بعد عمليات الإغلاق الطلب من الأسر والشركات، حيث أدى انخفاض الاستثمار من قبل عمال المناجم والحفارين إلى تقييد الإنتاج.
ويتعرض الاقتصاد لخطر النقص الحاد في الفحم والغاز المستخدمين لتدفئة المنازل ومصانع الطاقة، هذا الشتاء.
وتضاعفت العقود الآجلة لتدفئة الفحم في الصين أكثر من أربع مرات في الشهر الماضي، محطمة أرقاماً قياسية جديدة، حيث تقيد المخاوف بشأن سلامة المناجم والتلوث الإنتاج المحلي، في حين يستمر حظر الشحنات من أكبر مورد في أستراليا. وفي الوقت نفسه، ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي من أوروبا إلى آسيا إلى أعلى مستوياتها الموسمية، حيث تحاول البلدان المزايدة بعضها على بعض، للإمدادات سريعة النضوب.
في زيادات الطاقة السابقة في فصل الشتاء في الصين، تحول الكثيرون إلى مولدات الديزل لسد النقص في الطاقة من شبكة الكهرباء. وقال تسنغ هاو، كبير الخبراء في شركة شانشي جينتشينغ إنيرجي الاستشارية، إن الخطر هو أن السياسات الحكومية قد حدت من قدرة صناعة الطاقة على زيادة الإنتاج لتلبية زيادة الطلب.
ويضيف تقرير "بلومبيرغ" أن شركة يونان للألمنيوم، وهي شركة منتجة للمعادن بقيمة 9 مليارات دولار تستخدم في كل شيء من السيارات إلى علب الصودا، قلصت الإنتاج بسبب ضغوط بكين. كما تم الشعور بالصدمة في قطاع الأغذية العملاق في الصين. صدرت أوامر بإغلاق كسارات فول الصويا، التي تحول المحصول إلى زيوت صالحة للأكل وعلف للحيوانات. والنتيجة النهائية قد تكون نقصاً في كل شيء، من المنسوجات إلى مكونات الإلكترونيات التي يمكن أن تعيق سلاسل التوريد وتلتهم أرباح مجموعة من الشركات متعددة الجنسيات.
في جيانغسو، وهي مقاطعة بالقرب من شنغهاي ذات اقتصاد كبير مثل كندا تقريباً، أغلقت مصانع الصلب وأوقفت بعض المدن أنوار الشوارع.
في مقاطعة تشجيانغ المجاورة، تم إغلاق حوالي 160 شركة كثيفة الاستهلاك للطاقة، بما في ذلك شركات المنسوجات. وأثناء وجودها في لياونينغ في أقصى الشمال، أمرت 14 مدينة بقطع طارئ للتيار الكهربائي ألقي باللوم فيه جزئياً على ارتفاع أسعار الفحم، وفقاً لوكالة "بلومبيرغ".
وقالت مجموعة نومورا: "ستنتشر قيود الطاقة وتؤثر على الأسواق العالمية. قريباً ستشعر الأسواق العالمية بنقص الإمدادات، من المنسوجات ولعب الأطفال إلى قطع غيار الآلات".