تفاقم التهديد الذي تتعرض له إمدادات القمح من الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث يمثل البلدان حوالي 29% من صادرات القمح العالمية.
وفيما تحاول الدول المصدرة خفض الإمدادات تحسباً للمقبل من الأيام، ومع ارتفاع الأسعار عالمياً، واحتمال أن يطول أمد الحرب الروسية، تذهب الأنظار إلى الاحتياطي العالمي من القمح الذي قد يساعد الدول المستوردة خلال الأزمات. لكن الواقع لا يبشر خيراً.
من المتوقع أن تنخفض المخزونات لدى مصدري القمح الرئيسيين، الاتحاد الأوروبي وروسيا والولايات المتحدة وكندا وأوكرانيا والأرجنتين وأستراليا وكازاخستان، إلى أدنى مستوى لها في تسع سنوات عند 57 مليون طن بحلول نهاية موسم 2021/22 ، وفق بيانات المجلس الدولي للحبوب (IGC).
ومن المرجح أن يصل الاستهلاك العالمي إلى 781 مليون طن هذا العام، وبالتالي فإنّ المخزون العالمي من شأنه إطعام العالم لمدة 27 يوماً فقط. وإذا تم استبعاد روسيا وأوكرانيا، فإنّ المصدّرين الرئيسيين الآخرين يمثلون 16% من المخزونات العالمية، أو ما يكفي من القمح لإطعام العالم لمدة تقل عن ثلاثة أسابيع.
وغالبية مخزونات القمح التي ليست في أيدي المصدّرين الرئيسيين موجودة الآن في دولة واحدة؛ الصين، والتي من المتوقع أن تمتلك 131 مليون طن، أو 47% من المخزونات العالمية في نهاية الموسم الحالي، وفقًا لبيانات اللجنة الحكومية الدولية.
وقد ارتفعت العقود الآجلة للقمح الأميركي إلى أعلى مستوى لها في 14 عاماً، اليوم الخميس، حيث سارع المستوردون للحصول على الإمدادات بعد إغلاق الموانئ في أوكرانيا وتعطيل الإمدادات من روسيا.
وزادت العقود الآجلة للقمح بنحو 40% حتى الآن هذا العام، مما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وساهم في زيادة أوسع في ارتفاع التضخم العالمي مع تعافي الاقتصادات من أزمة فيروس كورونا.
وقال دان باس، رئيس شركة AgResource للاستشارات ومقرها شيكاغو، عن مخزون القمح: "عليك أن تنظر إلى ما هو متاح. إذا كان لدى مصدر ما مشكلة، فمن المؤكد أنه لا يوجد إمدادات كافية".
كما توجد مخاوف من أن تمنع الأزمة المزارعين في روسيا وأوكرانيا من زراعة محاصيل الحبوب هذا الربيع، مما يزيد من الضغط على الإمدادات العالمية للمواسم المقبلة.
وأضيف الأمن الغذائي إلى جدول أعمال البلدان المستوردة الرئيسية حيث تزامنت قضايا سلسلة التوريد أثناء جائحة كوفيد-19 مع نكسات الحصاد في مناطق الإمداد الرئيسية مع تسجيل أعلى أسعار للحبوب منذ سنوات.
كانت العديد من الدول تبحث في طرق لحماية نفسها من مخاطر العرض من خلال زيادة مخزونات القمح المستورد أو توسيع إنتاجها.
قال ألكسندر كارافايتسيف كبير الاقتصاديين في IGC: "تبحث بعض الدول في تحديث نظام احتياطياتها مثل كينيا على سبيل المثال. كان هناك نظام لاحتياطيات الذرة، والآن يتطلعون إلى توسيع ذلك ليشمل حبوبا أخرى خاصة القمح".
يقع العديد من أكبر المستوردين في العالم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حيث يعتبر الخبز عنصرًا أساسيًا مهمًا، لكن الطقس الحار والجاف يجعل زراعة القمح صعبة.
قالت المملكة العربية السعودية، في ديسمبر/ كانون الأول، إنها وافقت على زيادة استثنائية في سعر مشترياتها من القمح المحلي لتعزيز الإنتاج المحلي، حيث ابتعدت عن سياسة سابقة بالاعتماد بشكل شبه حصري على الواردات.
تفكر مصر، أكبر مشتر للقمح، في إجراء إصلاح شامل لبرنامج دعم المواد الغذائية والذي يوفر خبزًا رخيصًا لنحو ثلثي السكان. تخطط مصر لبناء المزيد من صوامع الموانئ وقبول المزيد من مناشىء التوريد في مناقصات الاستيراد لزيادة المنافسة.
وشهد بعض المصدرين مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة انخفاضًا في احتياطيات القمح في العقود الأخيرة بسبب إصلاحات الدعم أو التحول نحو محاصيل أخرى مثل الذرة وفول الصويا.
لكن بعض المراقبين يقولون إن التوقعات قد لا تكون قاتمة للغاية بسبب الانتشار المتساوي لإنتاج القمح في جميع أنحاء العالم على عكس المحاصيل مثل الذرة وفول الصويا، مما يساعد في التخفيف من مخاطر تأثير الطقس في منطقة محددة على الإمدادات الدولية.
(رويترز، العربي الجديد)