تشهد مناطق سيطرة النظام السوري أزمة بنزين غير مسبوقة، حيث ينتظر المواطنون في طوابير أمام محطات الوقود ولمدة تتجاوز اليومين في بعض الأحيان، للحصول على جزء من كمية البنزين المخصصة لهم بالكاد تكفي للتنقل اليومي.
المواطن مهند المقيم في العاصمة دمشق قال لـ"العربي الجديد": المشكلة الأساسية هي الانتظار الطويل على طوابير محطات الوقود، وخاصة أصحاب السيارات العمومية، ينتظرون يوما أو يومين حتى يستطيعوا تعبئة جزء من الكمية، وهنا يصبح المواطن تحت ضغط نفسي كونه يضطر للبقاء يوما أو يومين عاطلا عن العمل خارج بيته، ويكون غير قادر على الإنتاج اليومي لإعالة أسرته. وتابع مهند: الأمر الآخر أن التنقل أصبح صعبا علينا كمواطنين، فمن يضطر أن يطلب سيارة أجرة لحالة إسعافية أو أي ظرف طارئ آخر مجبر على دفع ضعف التكلفة السابقة، فالأجور ارتفعت بنسبة مائة بالمائة، كون صاحب السيارة مجبرا أن يقف ليوم أو يومين في محطات الوقود.
وأضاف: "كثيرا ما يكون هناك مشاجرات بين المنتظرين في الطوابير للحصول على البنزين، يتخللها استخدام العنف والشتائم، وهذا كله ناجم عن الانتظار الطويل وعدم تقيد البعض بالدور".
وأكد مصدر محلي من العاصمة السورية دمشق لـ"العربي الجديد" أن المواطنين اصطفوا في طابور يصل طوله لنحو 3 كيلومترات بانتظار دورهم على إحدى محطات الوقود، بينما تروج جهات إعلامية تابعة للنظام أن الأزمة انتهت، مشيرا إلى أن هذه الأزمات قد تكون مفتعلة من النظام كما جرت العادة. وقال المصدر، الذي رفض ذكر اسمه: "يبلغ سعر ليتر البنزين المدعم من قبل النظام 250 ليرة سورية (0.10 دولار)، أما غير المدعم 450 ليرة سورية (0.19 دولار) في محطات الوقود، وتتراوح الأسعار بحسب الجودة، أما في السوق السوداء يتجاوز سعر الليتر الواحد 2000 ليرة سورية (0.87 دولار). وبين أن الأسباب الرسمية للأزمة حسب رواية النظام السوري هي عدم توفر المادة، وعدم القدرة على الاستيراد بسبب العقوبات.
أما المواطن أسامة الشامي، فيتحدث لـ"العربي الجديد" عن تبعات أزمة الوقود قائلاً: "أنا كمواطن اليوم همي أن أعمل لأحصل على لقمة العيش فقط لي ولأولادي، ولا أكاد أدركها، لا حياة كريمة لنا نحن الفقراء، نفكر دائما كيف سنؤمن القرطاسية المدرسية لأبنائنا، وكيف سنوفر إيجار البيت؟ وكيف سنحصل على المياه وفي أي وقت تتوفر الكهرباء؟ والآن سيارة الأجرة أصبحت من المحرمات علينا، بسبب ارتفاع الأجرة مهما كان المكان الذي نضطر للذهاب له، نخشى أن نجرد أيضا مما تبقى لدينا من متنفس في هذه الحياة التي تتساوى مع الموت يوما بعد يوم".
وتعاني محافظات السويداء وطرطوس واللاذقية ودمشق وباقي المحافظات السورية الخاضعة لسيطرة النظام من تبعات أزمة الوقود، التي انعكست على المواطن كما يحدث في كل أزمة تمر بها هذه المحافظات مع تجاهل النظام. وأول من أمس، قالت وزارة الداخلية التابعة لنظام بشار الأسد إنها سجلت ستة محاضر ضبط بحق محطات وقود ومراكز محروقات في مناطق دير عطية والتل والنبك ومعربا وعدرا، لارتكابها مخالفات احتكار مادة المازوت، والبيع بسعر زائد وعدم وجود مقياس مطابق للمعايير للوقود، وعدم وجود لوحة بيانات للمحطة، في المقابل يتهم مواطنون أصحاب محطات ببيع الوقود في السوق السوداء لما له من أرباح عالية.