استمع إلى الملخص
- المستوردون يترددون في الشراء بالأسعار الحالية، مما يؤدي إلى نقص في الإمدادات وزيادة في تكاليف التخزين، بينما يحاول المستهلكون التكيف مع الأعباء المالية المتزايدة.
- تواجه الأسواق العالمية تحديات بسبب انخفاض الإمدادات المتوقع في النصف الثاني من عام 2024، مع تخفيض المشتريات من قبل البلدان المستوردة والمصدرة على حد سواء، وتظل التوقعات غير مؤكدة بسبب التوترات السياسية.
زادت أسعار القمح عالمياً بنسبة 20% منذ بداية إبريل/ نيسان الماضي، فارتفعت التكاليف على التجار والمستوردين، لكن المواطن هو من يدفع الثمن النهائي. إذ يواجه مشترو القمح في آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط، الذين يمثلون ثلثي الواردات العالمية من القمح، مشكلة نقص المعروض نسبياً بعدما أدى الطقس السيئ في روسيا وأوروبا إلى رفع أسعار القمح على نحو غير متوقع بنسبة 20%، منذ بداية الشهر الماضي.
وقفزت أسعار محصول قمح البحر الأسود الجديد المعروض في آسيا إلى نحو 300 دولار للطن المتري، بما في ذلك التكلفة والشحن، لشحن يوليو/ تموز، من نحو 250 دولاراً للطن في بداية إبريل. وفي مصر، يصل سعر القمح الروسي الذي يحتوي على نسبة بروتين 12.5% إلى نحو 13 ألف جنيه مصري (275.89 دولاراً) للطن، ارتفاعاً من نحو 11500 جنيه قبل شهر. (الدولار= 47.12 جنيهاً). والمستوردون الذين كانوا يشترون البضائع قبل شهر أو شهرين من الموعد المحدد، بدلاً من المدة المعتادة التي تتراوح بين أربعة إلى ستة أشهر، على خلفية توقعات باستمرار الإمدادات الوفيرة، سيتعين عليهم الآن شراء الحبوب بأسعار أعلى، وهو ما سينتقل إلى المستهلكين والتجار وأخيراً المواطنين في مختلف أنحاء المعمورة.
ومن شأن ارتفاع أسعار المواد الغذائية أن يزيد من أعباء المستهلكين الذين ما زالوا على مستوى العالم يتكيفون مع فترة معدلات التضخم المرتفعة في أعقاب جائحة كورونا وتبعات الغزو الروسي لأوكرانيا. وفي هذا الصدد، تنقل وكالة رويترز عن مدير الخدمات الاستشارية في شركة الوساطة الزراعية الأسترالية "أيكون كوموديتيز"، أولي هوي، قوله: "لم يتوقع أحد أنّ هذا الارتفاع في أسعار القمح قادم، فيما لم يقم أصحاب المطاحن وحتى التجار بتغطية الكثير من المصدرين، وخط الإمداد فارغ نوعاً ما إذا نظرت إلى ما بعد يونيو/ حزيران المقبل".
وفي حين ضرب الصقيع المحاصيل في روسيا، أكبر مصدر للمحاصيل، فإنّ الجفاف أو الأمطار الغزيرة تهدد المحاصيل في الاتحاد الأوروبي، بما يثير المخاوف بشأن انخفاض الإمدادات في النصف الثاني من عام 2024، وهي فترة رئيسية للإنتاج والتسويق العالمي. وقد خفض مجلس الحبوب الدولي، الأسبوع الماضي، توقعاته لإنتاج القمح للموسم 2024 /25، بمقدار ثلاثة ملايين طن متري إلى 795 مليون طن. وقال لـ"رويترز" المحلل في بنك الكومنولث، دينيس فوزنيسينسكي: "منذ فترة طويلة للغاية، أبطأ المشترون مشترياتهم لأنهم شاهدوا انخفاض الأسعار. والآن لدينا ارتفاع في الأسعار وهناك قلق متزايد، وروسيا التي تعد مصدر أرخص أنواع القمح في العالم تواجه نقصاً في الإنتاج والأسعار الروسية في ارتفاع".
ارتفاع تكاليف الخبز والمعكرونة نتيجة تزايد أسعار القمح
ومن المرجح أن يؤدي ارتفاع تكلفة القمح إلى ارتفاع أسعار الخبز والمعكرونة والمعجنات بالنسبة للمستهلكين في البلدان المستوردة. وقال فوزنيسينسكي من بنك الكومنولث: "سيؤدي ذلك بالتأكيد إلى زيادة تكلفة إنتاج الدقيق للمطاحن"، مضيفاً أن "ارتفاع أسعار القمح سيترجم في نهاية المطاف إلى ارتفاع أسعار الخبز على مستوى التجزئة".
كما قال تاجران في سنغافورة إنّ إندونيسيا، وهي من بين أكبر ثلاثة مستوردين للقمح في العالم، لم تشتر بعد كميات كبيرة من محصول قمح البحر الأسود الجديد للشحن اعتباراً من يوليو/ تموز فصاعداً، حيث يحاول المشترون تجنب السوق المتقلبة، معتبرين أنه بحلول هذا الوقت من العام الماضي، كانت البلاد قد حجزت ما لا يقل عن ست شحنات من طراز باناماكس يبلغ وزن كل منها حوالي 60 ألف طن.
وهذا الاتجاه مماثل في البلدان المستوردة الأخرى في آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا. فقد قال مدير مشتريات في مصنع خليجي كبير في دبي: "لدينا فقط إمدادات تكفي لمدة 45 يوماً، وليس من المنطقي شراء المزيد نظراً لارتفاع تكلفة الاحتفاظ بالحبوب وعدم اليقين في السوق"، في إشارة إلى ارتفاع أسعار الفائدة التي أدت إلى زيادة تكاليف التخزين. وذكر تجار آسيويون وشرق أوسطيون أن معظم المستوردين يوقفون المشتريات على أمل انخفاض الأسعار في الأشهر المقبلة مع بدء الحصاد في روسيا ودول منتجة أخرى.
وحول هذه النقطة، قال هشام سليمان، وهو تاجر مقيم في القاهرة ورئيس شركة ميديتيرينيان ستار المصرية التجارية: "من الخطر أن يشتري القطاع الخاص بهذه الأسعار"، متوقعاً أن تنخفض الأسعار مع بداية موسم المحاصيل الجديد في يوليو المقبل، ما لم تحصل تعقيدات سياسية بين إيران وإسرائيل. وحتى المشترون في البلدان المصدرة، مثل أستراليا، خفضوا مشترياتهم رغم أنهم قاموا بتأمين العرض لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر مقدماً. ونقلت "رويترز" عن أولي هوي من "أيكون كوموديتيز" قوله "إنهم في منطقة مريحة لأنهم يعيشون في دولة مصدرة صافية. لكن عندما يذهبون ويشترون القمح، سيتعين عليهم أيضاً دفع أسعار أعلى".
(رويترز، العربي الجديد)