كسبت أسواق المال الأميركية 4 تريليونات دولار منذ نهاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حسب تقرير لوكالة بلومبيرغ مساء السبت.
وأنهت مؤشرات الأسهم الأميركية في شهر نوفمبر/تشرين الثاني سلسلة خسائر استمرت ثلاثة أشهر، حيث ارتفع مؤشرا إس آند بي 500 وناسداك بنسبة 8.9% و10.7% على التوالي، ليسجلا أفضل أداء شهري لهما منذ يوليو/تموز 2022، وصعد مؤشر داو جونز بنسبة 8.75% في أفضل شهر له منذ أكتوبر 2022.
ومن المتوقع أن تواصل أسواق "وول ستريت" مكاسبها خلال الأيام التي تبقت قبل عطلة الأسواق خلال موسم أعياد الميلاد ورأس السنة"، مستفيدة من عودة المستثمرين لضخ أموال جديدة في الأسهم الأميركية وسط التفاؤل بتراجع التضخم.
وحسب التقرير، يواجه المستثمرون أسبوعاً مهماً مع ترقب ظهور مقياس التضخم الرئيسي يوم غد ٍالثلاثاء. ومن المتوقع أن يحدد معدل التضخم قرار مجلس الاحتياط الفيدرالي بشأن سعر الفائدة، وبالتالي توجهات سوق المال الأميركية خلال العام المقبل 2024.
ويشير تقرير "بلومبيرغ" إلى أن التكهنات تتزايد حول نهاية عهد الفائدة المرتفعة، وربما يبدأ بنك الاحتياط الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة بحلول منتصف العام المقبل، ما قد يؤدي إلى انخفاض حاد في عوائد سندات الخزانة ويعيد إحياء شهية المستثمرين للمخاطرة.
ومنذ نهاية أكتوبر/ تشرين الأول، تقول بلومبيرغ إن مؤشر ستاندرد أند بورز "S&P 500" أضاف ما يقرب من 4 تريليونات دولار من القيمة السوقية منذ أواخر أكتوبر/ تشرين الأول، حيث يندفع المتداولون إلى المناطق المتضررة من السوق مثل الشركات الصغيرة، التي تستفيد عادةً من انخفاض تكاليف الاقتراض.
في هذا الصدد، قال كبير مسؤولي الاستثمار في تحالف المستشارين المستقلين كريس زاكاريللي: "كانت الأسهم ترتفع وسط التفاؤل بأن بنك الاحتياط الفيدرالي قد انتهى من موجة رفع أسعار الفائدة".
وأضاف: "لقد كان التسعير عقلانياً بالنظر إلى مدى انخفاض عوائد السندات لأجل 10 سنوات منذ منتصف أكتوبر. يبدو أن الأسهم ستستمر في الارتفاع مع دخولنا عام 2024".
ومع صدور مؤشر أسعار المستهلكين لشهر نوفمبر/تشرين الثاني، يمكن لعلامات انحسار التضخم أن تدعم الأسهم حتى نهاية العام، من خلال تعزيز التوقعات بأن بنك الاحتياط الفيدرالي سوف يتحول قريبًا إلى التيسير النقدي.
ومن المرجح أن ترتفع أسعار المستهلكين بمعدل سنوي نسبته 3.1%، وهو أدنى مستوى منذ يونيو/حزيران، وفقًا لمسح أجرته بلومبيرغ.
ويرى خبراء أن الخطر على المستثمرين يكمن في أن الاقتصاد القوي يبقي التضخم مرتفعاً، ما يدفع المسؤولين إلى النظر في رفع أسعار الفائدة مرة أخرى أو إبقاء تكاليف الاقتراض مرتفعة لفترة أطول من المأمول.
وقد يؤثر ذلك على أسهم شركات التكنولوجيا الحساسة لسعر الفائدة والتي قادت الكثير من مكاسب السوق في عام 2023.
وقال زاكاريللي: "ما سيقوله محافظ البنك المركزي الأميركي جيروم باول الأسبوع المقبل يمكن أن يغير رأي الناس، خاصة إذا اتخذ لهجة أكثر تشدداً مما توقعه الناس".
وارتفع مؤشر S&P 500 بنسبة 20% تقريبًا هذا العام، وأغلق يوم الجمعة عند أعلى مستوى منذ مارس/آذار 2022.
ويأمل المتداولون والمستثمرون أنه إذا كانت عائدات السندات لا تزال تتجه نحو الانخفاض بشكل عام، فإن الأسهم مهيأة لتحقيق مكاسب واسعة النطاق مع اقتراب نهاية العام.
ويرى كبير الاقتصاديين الأميركيين لدى مؤسسة "أكسفورد إيكونوميكس" مايكل بيرس أن مكاسب الأسهم الأميركية خلال شهر نوفمبر قد تضع مسؤولي البنك المركزي الأميركي في موقف صعب، قبل اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة خلال الشهر الجاري.
وقال بيرس في مذكرة للعملاء يوم الخميس: "إن انخفاض العائدات وارتفاع أسعار الأسهم يخفف بشكل كامل من تشديد الظروف التي شهدناها منذ اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في سبتمبر/أيلول"، حسب ما ذكر "ماركت ووتش".
ويتوقع أن يتراجع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع الجاري عن فكرة إمكانية إدراج تخفيضات أسعار الفائدة على جدول الأعمال في أي وقت قريب، ولكنه حذر من أن يخطئ البنك المركزي في ترك أسعار الفائدة مرتفعة لمدة طويلة جدًا.
وتوقع الخبير الاقتصادي أن يكون التخفيض الأول لسعر الفائدة في سبتمبر 2024، خلافًا لتوقعات السوق التي ترجح بنسبة 52.8% أن يُقدم الفيدرالي على تيسير السياسة النقدية بداية من مارس/آذار القادم، بحسب أداة "فيد واتش".