أسواق المال تراقب بحذر الإمدادات النفطية وتتخوف من تداعيات الأسعار

02 يوليو 2021
محطة وقود بولاية بنسلفانيا القريبة من واشنطن العاصمة (Getty)
+ الخط -

تراقب أسواق الأسهم والصرف والمصارف الاستثمارية بحذر شديد صناعة النفط وأسعارها وقرارات تحالف "أوبك+" التي عادت بعد غياب لأهميتها وسط ارتفاع أسعار النفط وتوقعات تحليقها فوق مائة دولار. ويرى محللون أن صناعة النفط والغاز لها تأثير كبير على أسواق المال العالمية ونمو الاقتصادات التي تجاهد للخروج من جائحة كورونا، وكذلك على السياسة النقدية والسيولة وسعر صرف الدولار .

ويبدو حتى الآن أن تحالف "أوبك+" يتصرف بحذر في ضخ معروض جديد للسوق النفطية بعد الارتفاع في مداخيل النفط والغاز التي حققتها خلال النصف الأول من العام الجاري، بعد الخسائر الضخمة التي تكبدتها دول المنظمة وحلفاؤها في عامي 2015 و2016 والبالغة تريليون دولار، وخسائر العام الماضي المقدر لها أن تكون أكثر من تريليون دولار من الدخل النفطي حسب ما ذكرت نشرة " أويل برايس" الأميركية بداية الأسبوع الجاري.

ويرى محللون أن التحالف البترولي سيكون حذراً في زيادة سقف الإنتاج خلال العام الجاري، وأن المنظمة ربما ستلجأ إلى إدارة الإنتاج  بالتدريج لتحقيق دخل في المتوسط حول 75 دولاراً للبرميل حتى تتمكن من الموازنة بين زيادة الدخل النفطي ومساعدة الاقتصاد العالمي على النمو المتوازن. ويرى محللون أن أسعار النفط المتوازنة ستحافظ على احتياطات الدول النفطية لأطول فترة ممكنة، كما ستدفع احتياجات تمويل إنفاقها للتراجع.

ويقدر معهد التمويل الدولي في واشنطن في دراسة بهذا الصدد، ارتفاع الدخل النفطي لدول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 70% خلال العام الجاري مقارنة بالدخل في العام الماضي. كما يتوقع المعهد ارتفاع الدخل النفطي لدول المجلس من 200 مليار دولار في العام الماضي 2020 إلى 340 مليار دولار خلال العام الجاري 2021.

وبالتالي يتوقع المعهد أن يتراجع السعر المتوسط لبرميل النفط الذي تحتاجه الدول الخليجية لمعادلة الإنفاق في الميزانيات، حيث تراجع السعر المرجعي الذي تحتاجه السعودية لكفاية الصرف علرى الانفاق، حسب بيانات المعهد، من 76 دولاراً للبرميل إلى 66 دولاراً خلال العام الجاري. كما تراجع السعر المرجعي لتلبية الإنفاق في كل من الكويت وقطر وباقي دول الخليج الأخرى.

ويتوقع معهد التمويل الدولي في ذات الدراسة، أن ينعكس ارتفاع أسعار النفط إيجاباً على معدل النمو الاقتصادي في دول الخليج، حيث يقدر ارتفاع معدل النمو الاقتصادي بالمتوسط في دول الخليج إلى 2.5% خلال العام الجاري من الانكماش الذي شهدته العام الماضي والبالغ 4.9%.

ورغم الحديث المكثف عن بدائل الطاقة المتجددة، لاتزال صناعة النفط والغاز الطبيعي هي المحرك الرئيسي لماكينة الصناعة العالمية والمؤثر الرئيسي في أسواق المال العالمية. ووفقاً للعديد من الدراسات التي صدرت خلال العام الجاري لا تزال صناعة الطاقة التقليدية صاحبة النصيب الأكبر في توليد الطاقة واستخداماتها، ومن المتوقع أن يتواصل دور النفط المحوري في الطاقة حتى نهاية العام 2029 وأن يتواصل الدور المحوري للغاز الطبيعي حتى العام 2037.

على صعيد أرباح الشركات العالمية، تتوقع دراسة في هذا الشأن لشركة "ريسيرش آند ماركتس" العالمية، نمو قيمة سوق النفط والغاز العالمي خلال العام الجاري 2021 بنسبة 25.5% إلى 5.871 تريليونات دولار مقارنة بقيمتها السوقية في العام الماضي التي بلغت 4.677 تريليونات دولار.

وهذه القيمة حسبتها الشركة على أساس القيمة السوقية لنشاطات شركات النفط والغاز الطبيعي الخاصة بالكشوفات والاستخراج وقيمة المشتقات البترولية ولكنها لا تشمل صناعة البتروكيميائيات. وتتوقع وكالة الطاقة الدولية ارتفاع الاستهلاك العالمي من النفط خلال العام الجاري إلى نحو 101 مليون برميل يومياً.

على صعيد أسواق المال وسعر صرف الدولار، تؤثر دورة أسعار النفط بدرجة كبيرة على تلك الأسواق، حيث يقود ارتفاع أسعار النفط من الناحية الإيجابية إلى ارتفاع أسعارأسهم شركات النفط والغاز الطبيعي والمصافي البترولية، كما يزيد ارتفاع الأسعار كذلك من الطلب العالمي على الدولار، وبالتالي يدعم أسعاره عالمياً كما هو ملاحظ حالياً. حيث يدعم ارتفاع النفط الطلب على الدولارات في آسيا القارة الأكثر استهلاكاً للنفط ومشتقاته.

ولاحظت نشرة " مورنينغ ستار" الأميركية، في تحليل يوم الخميس، تكالباً عالمياً لشراء الدولار. ويكنز المستثمرون العملة الأميركية في الوقت الراهن لزيادة سيولتهم الدولارية بسبب مخاوف ارتفاع سعر الفائدة الأميركية، لكن من الناحية السلبية، يرى محللون أن ارتفاع أسعار النفط يهدد النمو الاقتصادي العالمي، حيث إنه يرفع من معدل التضخم ويحد من ربحية الشركات في أسواق المال بسبب ارتفاع كلفة الإنتاج.

  على صعيد السيولة الدولارية المتاحة للبنوك الاستثمارية العالمية، فإن ارتفاع أسعار النفط  عادة يزيد من السيولة الدولارية المتاحة للتمويل في العالم، لأن النفط يباع بالدولار.

وشهدت المصارف الاستثمارية نقصاً مريعاً في السيولة الدولارية خلال العام 2016 حينما انهارت أسعار النفط. وتعد الدول المنتجة للنفط، خاصة دول الخليج التي تحتفظ بفوائضها النفطية في صناديق سيادية وفي حيازة سندات الخزانة الأميركية من كبار المودعين في المصارف التجارية العالمية في دورات ارتفاع أسعار النفط.

المساهمون