عاد الهدوء إلى أسواق المال العالمية، أمس الاثنين، وافتتحت البورصات العالمية على ارتفاع وسط تحرك السلطات الرقابية ومسؤولي المال الفعال في كل من واشنطن ولندن لطمأنة المودعين على سلامة النظام المصرفي، وضمان إيداعاتهم بعد المخاوف التي زرعها إفلاس مصرف سيليكون فالي (إس في بي) الأميركي الذي انهار يوم الجمعة في الولايات المتحدة.
وفتحت البورصات البريطانية والأوروبية والتعاملات الآجلة في البورصة الأميركية على ارتفاع صباح أمس الاثنين، قبل أن تتراجع المؤشرات بنسب ضئيلة، حسب بيانات قناة "سي إن بي سي" الأميركية.
وعاد المستثمرون في أسواق المال العالمية للتركيز على الأسس والبيانات الاقتصادية وتوجهات أسعار الفائدة والتضخم بعد معالجة أزمة "إفلاس بنك سيليكون فالي".
وركز المستثمرون في أوروبا على توقعات رفع البنك المركزي الأوروبي الفائدة بنسبة 50 نقطة مئوية.
وقال وزير المالية الفرنسي برونو لومير، أمس الاثنين، بحسب "رويترز"، إنّ انهيار المصرف الأميركي "إس في بي" لا يشكل أي خطر على النظام المصرفي الفرنسي.
كما سيطر مسؤولو النظام المصرفي في أميركا على بنك ثان صغير يوم الأحد، وهو بنك سيغنتشر"، وأعلنوا تدابير طارئة لتلافي احتمال سحب المودعين أموالهم من المصارف الصغرى في الولايات المتحدة، بعد الانهيار السريع لبنك وادي السيليكون في أواخر الأسبوع الماضي.
وفي أميركا، وافقت السلطات المالية على خطط ضمان حسابات المودعين في البنك المفلس والمؤسسات المالية المرتبطة بالشركة الأم المالكة للمصرف "سيليكون فالي فاينانشيال".
وحسب بيان مشترك لكلّ من وزارة الخزانة الأميركية وبنك الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) ومؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية الأميركية، سيحصل المودعون على جميع أموالهم في الحسابات المصرفية من فروع البنك والشركة الأم في الولايات المتحدة. كما يمكنهم الوصول إلى جميع أموالهم بدءاً من أمس الاثنين.
وحسب "وول ستريت جورنال"، صُمّمت الإجراءات، التي تشمل ضمان جميع ودائع مصرف سيليكون فالي، لتعزيز الثقة في النظام المصرفي. وجرى الإعلان عنها بشكل مشترك ليلة يوم الأحد من قبل وزارة الخزانة ومجلس الاحتياط الفيدرالي والمؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع.
وقال بنك الاحتياط الفيدرالي ووزارة الخزانة بشكل منفصل إنهما سيستخدمان سلطات الإقراض في حالات الطوارئ لإتاحة المزيد من الأموال لتلبية طلبات السحب المصرفي، وهو جهد إضافي لمنع التهافت على سحب الأموال من البنوك الصغيرة الأخرى.
وفي صدد التطمينات الأميركية للأسواق، قال وليام دودلي، الذي شغل منصب رئاسة بنك الاحتياط الفيدرالي في نيويورك بين أعوام 2009 و2018، لصحيفة وول ستريت جورنال، في تعليقات نقلتها أمس الاثنين: "هذه الإجراءات كافية لوقف مخاوف المودعين".
وستغطي الإجراءات جميع أموال المودعين في بنكي سيليكون فالي وسيغنتشر الذي استولى عليه مسؤولو الإجراءات المصرفية بسبب مخاوف من انهياره، وهو مصرف صغير.
وقال بنك الاحتياط الفيدرالي في بيان منفصل إنه مستعد لاستخدام كل الأدوات المتاحة لديه، بما في ذلك منح تسهيلات مالية لمدة عام كامل حتى مبلغ 25 مليار دولار.
وفي بريطانيا، أكد بنك إنكلترا أنّ إفلاس "سيليكون فالي" لم تكن له تداعيات على القطاع المصرفي في البلاد. وأكد البنك المركزي أنّ "أموال جميع المودعين لدى SVB UK آمنة ومأمونة نتيجة لهذه الصفقة.
ستغطي الإجراءات جميع أموال المودعين في بنكي سيليكون فالي وسيغنتشر الذي استولى عليه مسؤولو الإجراءات المصرفية بسبب مخاوف من انهياره
وأن جميع خدمات الفرع ستستمر في العمل كالمعتاد، ويجب ألا يلاحظ العملاء أي تغييرات، ولا تتأثر أي بنوك بريطانية أخرى بشكل مباشر بهذه الإجراءات".
وتابع بنك إنكلترا أيضاً في بيانه أنّ موظفي SVB UK ما زالوا يعملون، وما زال المقرض مرخصاً له من قبل المنظمين في المملكة المتحدة.
وعلق المحلل في "شور كابيتال" غاري غرينوود، في مذكرة: "هذا يمثل حلاً جيداً للجميع".
وحصلت وحدة SVB في المملكة المتحدة على قروض تبلغ نحو 5.5 مليارات جنيه إسترليني (6.7 مليارات دولار) وودائع بنحو 6.7 مليارات جنيه إسترليني اعتباراً من 10 مارس/آذار، وفقاً لبيان مصرف "إتش إس بي سي" البريطاني.
وأعلن "إتش إس بي سي" عن صفقة لشراء فرع مصرف سيليكون فالي المفلس مقابل جنيه إسترليني واحد وضمان الحسابات المصرفية لدى المودعين في البنك. وتشمل الصفقة، حسب ما أعلن البنك البريطاني، ضمان التزامات البنك المالية في بريطانيا، لكنها تستبعد أصول والتزامات الشركة الأم المالكة للمصرف "سيليكون فالي فاينانشيال".
وقال الرئيس التنفيذي لمجموعة" إتش إس بي سي" نويل كوين إن "الاستحواذ على سيليكون فالي يعزز امتيازنا المصرفي التجاري ويعزز قدرتنا على خدمة الشركات المبتكرة وسريعة النمو، بما في ذلك في قطاعي التكنولوجيا وعلوم الحياة في المملكة المتحدة وعلى الصعيد الدولي".
من جانبها، قالت وزارة الخزانة الأميركية، في تعليق على صفقة شراء فرع سيليكون فالي في بريطانيا: "إن صفقة البيع التي سهلها بنك إنكلترا بالتشاور مع وزارة الخزانة البريطانية ستحمي ودائع عملاء (سيليكون فالي) في المملكة المتحدة".
وشدد وزير المالية البريطاني جريمي هانت على أن الصفقة "تضمن حماية ودائع العملاء وتجعل التعامل المصرفي في البنك كالمعتاد، كما جرت الصفقة من دون دعم من دافعي الضرائب".
وتعد صفقة حيازة "سيليكون فالي" من قبل مصرف كبير مهمة لقطاع التقنية سريع النمو في بريطانيا الذي يدعم آلاف الوظائف.
واعترف مسؤولون في شركات التقنية في لندن بسيطرة القلق على شركات التقنية في بريطانيا طوال عطلة نهاية الأسبوع بعد انهيار بنك سيليكون فالي، ما أدى إلى تجميد حساباتها المصرفية وسط مخاوف من تعرضها للإفلاس، وقد لا تتمكن من دفع رواتب الموظفين وفواتير خدمات الكهرباء والماء.
وقال المؤسس المشارك لشركة أركتك شورس في بريطانيا، روبرت نيوري، إنه يخشى على مستقبل شركته. وأضاف لصحيفة ذا ستاندارد: "شعرت كأن السجادة مشدودة من تحت قدميّ، فالتمويل الذي كنت أعمل بجد لتأمينه لنمونا، لم يكن متاحاً فجأة".
من جانبه، قال مدير وحدة السياسة في Coadec، دوم هالاس، الذي نسق الكثير من استجابة صناعة التكنولوجيا لانهيار "إس في بي" لصحيفة ذا ستاندرد: "هناك ارتياح كبير هذا الصباح، لأنّ المودعين سيتمكنون من الوصول إلى حساباتهم.وأضاف: "كانت هنالك شركات على حافة الهاوية".
وفي الصدد ذاته، قالت الرئيسة التنفيذية لشركة أكسفورد ميديكال برودكتس، كاميلا إيستر: "لدينا مبتكرون رائعون في هذا البلد، ولو سمحت الحكومة وبنك إنكلترا بحدوث الانهيار، لأرسلت الحكومة رسالة قوية مفادها أنّهم لا يدعمون التقنية والابتكار".