أسواق الملابس الشتوية في الجزائر تعاني الركود رغم التخفيضات

23 ديسمبر 2024
ركود أسواق الملابس مع تأخر دخول الشتاء، الجزائر في 21 نوفمبر 2023 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تأخر موسم الشتاء في الجزائر بسبب تغير المناخ أثر سلباً على تجارة الملابس الشتوية، حيث يعاني التجار من تراجع المبيعات وارتفاع تكاليف التخزين.
- لمواجهة الركود، يقدم التجار تخفيضات كبيرة تصل إلى 40%، لكن استمرار الطقس الدافئ يحد من الطلب، مما يؤدي إلى تكدس المخزون.
- يحاول التجار التكيف باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والمعارض للترويج، لكن استمرار الوضع الحالي قد يفاقم الخسائر، مما يتطلب حلولاً مبتكرة.

لا تتوقف تأثيرات تغير المناخ وتأخر موسم الشتاء في الجزائر، على القطاعات ذات العلاقة كالفلاحة، بل يتعدى ذلك إلى قطاعات أخرى لم تتأثر من قبل بحالة الطقس، كالأنشطة التجارية وفي مقدمتها أسواق الملابس الشتوية. ويعاني التجار على غير العادة تراجعاً ملحوظاً في أنشطتهم جراء تأخر موسم الأمطار، إذ عادة ما يتزامن مع نهاية شهر سبتمبر/ أيلول من كل سنة، بينما يبدأ تحضير التجار الجزائريون له قبل ذلك من أشهر عبر ملء مخازنهم بالملابس عبر توريدها من مصانع محلية أو من خلال عمليات الاستيراد من الخارج.
 
وضمن هذه المعطيات، تكاد تكون سنة 2024 استثناء، في ظل تواصل حالات طقس أشبه ما تكون في فترة الصيف، لشدة حرارتها وانعدام الأمطار فيها، فهي الوضعية التي تؤدي إلى قلة الطلب على مختلف الملابس الشتوية، ليضطر التجار إلى تكبد تكاليف إضافية لتغطية نفقات التخزين، فضلاً عن ركود نشاطهم التجاري. 

عروض وتخفيضات في أسواق الملابس

وفي ظل استمرار ارتفاع درجات الحرارة، يلجأ تجار الملابس في الجزائر إلى الاعتماد على تخفيضات مغرية تراوح ما بين 30% إلى 40% على أسعار الملابس الشتوية، لمواجهة حالة الركود في النشاط التجاري المتواصل. وقال مراد، وهو أحد تجار الملابس بشارع حسيبة بن بوعلي في العاصمة الجزائرية، إنّ الوضعية الحالية لم نشهدها من قبل، مضيفاً لـ"العربي الجديد"، أننا "في العادة نسجل أكبر نسبة من المبيعات لهذا النوع من الملابس في الفترة من بداية أكتوبر /تشرين الأول إلى غاية نهاية يناير/ كانون الثاني، لتنخفض إثر ذلك المبيعات تدريجياً. 

وأكد أنّ "حركية السوق تواجه ركوداً كبيراً على الرغم من لجوئه، على غرار جلّ التجار، إلى عروض وتخفيضات مهمة في سعر أهم المنتجات، في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وتقليل الخسائر المسجلة"، وأوضح في المقابل أن "خيار عدم عرض هذه الملابس وتخزينها إلى حين تغيّر حالة الطقس يعني ربط النشاط باحتمالات كثيرة، فقد تستمر الوضعية لفترة أطول، ما يؤدي إلى كساد المنتوج إذ تجارة الملابس ترتبط في العادة بتوجهات ترويجية عالمية وصيحات الموضة، تفرض عرضها للبيع في وقتها". 

وقال رشيد وهو تاجر آخر من ولاية البليدة إن "مراقبة تقارير أحوال الطقس أصبح روتيناً يومياً بالنسبة له، على أمل أن تعتدل حالة الجو في الأيام المقبلة"، فقد اضطر ـ على حد تعبيره ـ إلى "الاستمرار في بيع ملابس الصيف لتجنب التوقف التام عن النشاط"، ولا سيما وأنه "ملزم بجملة من التكاليف كإيجار المحل وفواتير الكهرباء فضلاً عن الأعباء الضريبية".  

محاولات لإنقاذ الموسم

من جانبه، اعتبر رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين، الحاج الطاهر بولنوار، أنه "من المنطق أن يقل الإقبال على الملابس والأحذية الشتوي بسبب تأخر موسم البرد وتساقط الأمطار، بالإضافة إلى المحلات المتخصصة في بيع المظلات أو الإكسسوارات ذات العلاقة بها". وربط بولنوار، في تصريح لـ"العربي الجديد"، معاناة الكثير من التجار جراء هذه الوضعية، "فغالبيتهم لم يبع ولو الربع الكمية من المخزون المجهز، ما يجعل هؤلاء التجار في وضعية صعبة تمتد تداعياتها إلى الموسم الشتوي المقبل".

وأضاف أنه "لا يعقل جلب سلع جديدة تتماشى مع توجهات الماركات العالمية لطرحها في السوق، بينما يكون المخزون مكدساً، أو عرض ملابس شتوياً في حين يطالب الزبائن بالملابس الربيعية والصيفية". وأوضح المتحدث أن "العديد من التجار يلجؤون لعدة طرق، في محاولة لمواجهة الإسقاطات السلبية لهذا الوضع، منها استغلال شبكات التواصل الاجتماعي للترويج لمنتجاتهم، ولا سيما أنّ هذا الأسلوب للتجارة الالكترونية أضحى ينافس أيضاً التجار التقليديين، وبعضهم يفضل انتظار موسم البيع بالتخفيض وطرح عروض أملاً ببيع أكبر قدر ممكن من السلع، لتغطية النفقات والتكاليف الملزمين بها". 

وتوقع مسؤول جمعية التجار أن "يؤدي استمرار وضع الطقس على ما هو عليه إلى تضاعف الخسائر المسجلة للتجار"، مضيفاً أن ما يؤكد ذلك أننا" في الشهر الأخير من العام 2024، في حين جرت العادة أن يبدأ الطلب على الملابس الشتوية في شهر سبتمبر /أيلول، ولا سيما بالنسبة الملابس الموجهة إلى تلاميذ المدارس". وفي ظل هذا الظرف، دعا بولنوار التجار إلى "العمل على استغلال جميع الوسائل القانونية المتاحة، بما فيها التجار النظاميون المتنقلون والمشاركة في المعارض، إلى جانب الاستعانة بالأسواق الأسبوعية وفضاءات العرض في الأحياء".

المساهمون