استمع إلى الملخص
- تأثير القرار يعتمد على أهمية السلع المحظورة للاقتصاد المصري، مع تحديات تهريب الصادرات السودانية التي قد تفرغ القرار من جدواه بسبب المصالح المشتركة بين البلدين.
- من المتوقع أن تلجأ مصر إلى أسواق بديلة، بينما يؤثر القرار على السوق المحلي السوداني، مع صعوبات في التنفيذ بسبب عدم وجود موانع طبيعية.
تسبب إعلان مليشيا الدعم السريع حظر الصادرات السودانية لمصر ومنع التجار من شحن المنتجات إليها ومعاقبة كل من يقوم بذلك، بردود فعل واسعة بالداخل السوداني، ووصفه محللون اقتصاديون بأنه يسبب أضراراً اقتصادية كبرى ويدفع مصر للجوء لأسواق أخرى بديلة للأسواق السودانية.
وقلل المحلل الاقتصادي عادل خلف الله من أثر قرار الدعم السريع حظر الصادرات السودانية لمصر. وقال لـ"العربي الجديد" إن "حجم التأثير يتفاوت وفق حجم وتأثير السلع التي حددها القرار على الاقتصاد المصري، سواء تلك التي تدخل ضمن سلاسل القيمة المضافة في الصناعات الدوائية أو التحويلية والغذائية أو الاستهلاكية، ومن ذلك الصمغ العربي والسمسم والفول السوداني واللحوم".
وأصدرت قوات الدعم السريع، في الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، قراراً داخلياً بمنع عبور جميع المعادن والمواشي لمناطق سيطرة الجيش السوداني. وأوضح المجلس الاستشاري لقوات الدعم السريع بإقليم دارفور برئاسة النذير يونس أن القرار يشمل الصمغ بأنواعه، الفول السوداني، زيت الطعام، الماشية بأنواعها، السمسم، التمباك، الدخن والذرة، الذهب والمعادن الأخرى، الويكة، الكركدي والأمباز.
وحذر القرار كل من يخالف ذلك بالمساءلة والحجز ومصادرة السلعة المهربة لمصلحة قوات الدعم السريع. وأشار خلف الله إلى أن تهريب الصادرات هو أحد مسببات أزمة الاقتصاد السوداني. وقال: "لقد تشكلت قوى سوق ومنظومة مصالح داخل البلدين مصر والسودان ترتبط مصالحها والتي تعاظمت على التهريب".
وأشارت المليشيا إلى أن هذه القوى ستعمل على إفراغ "القرار" من جدواه، وتقليل تأثيراته حسب مصالحها وخبراتها واللجوء لإنعاش نشاطها عبر منافذ جديدة وولايات أُخرى، من دون الاستغناء كلياً عن مسار "الدبة" في الولاية الشمالية. وما يساعدها في ذلك، برأيه، جيوب مصالحها داخل الدعم السريع وقطع خلف الله بصعوبة رصد وتعقب قوات الدعم السريع على حركة البضائع والسلع عبر الحدود والولايات التي لا تسيطر عليها.
وتوقع لجوء السلطات المصرية لأسواق بديلة أو عبر طرف ثالث، حتى لا تتأثر صناعاتها المرتبطة بخامات الصادرات السودانية، بما في ذلك الصمغ العربي واللحوم، من دون إسقاط الأعباء الإضافية في تكلفة الإنتاج. ورجّح لجوء مصر للأسواق الصينية والصومالية والخليج العربي، موضحاً أن تأثيرات "القرار" تلقي بظلالها على قوى السوق المحلي والمنتجين والمصدرين والمستهلكين والمهربين، إضافة إلى العاملين في خدمات الشحن والنقل والتفريغ.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين السودان ومصر عام 2023، حوالي 1.4 مليار دولار بتراجع 6.4% عن العام 2022، والذي بلغ 1.5 مليار دولار. وأوضح المجلس أن "القرار صدر في ظل متغيرات، لا على ميزان القوى عسكرياً فحسب، وإنما سياسية وإقليمية ودولية لها تأثيراتها المباشرة على مجريات الحرب ومواقع السيطرة والانتشار ووضْع حد لها".
وقال المحلل الاقتصادي كمال كرار لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذا القرار يأتي في سياقين: الأول تأكيد أن مليشيا الدعم السريع تسيطر على الأرض، وبالذات دارفور، علماً أن منظومتها الإدارية تعمل وتصدر القرارات وتنفذ وتحكم. والثاني يشير إلى أن القصد من القرار خلق ضغوط اقتصادية على مصر ونقل رسالة إليها بقدرة الدعم السريع على تجويعها.
وأكد كرار صعوبة تنفيذ القرار لعدم وجود موانع طبيعية ومنافذ يمكن التحكم فيها. وقال إن "هناك فئات كثيرة من التجار والمصدرين الذين لديهم مصالح مشتركة مع المصريين، ولن يلتزموا بهذا القرار. ووصف القرار نفسه بأنه يخلق حالة من السخط والتذمر وبروز مشكلات جديدة، فضلاً عن عدم وضع بدائل للمصدرين والتجار والمنتجين، وقد يسبّب أضراراً اقتصادية كبرى.