أكثر من مليار دولار جديدة... وارن بافيت يواصل تبرعاته الخيرية

26 نوفمبر 2024
الجزء الأكبر من تبرعات بافيت ذهبت إلى مؤسسة غيتس للأعمال الخيرية/ 26 يونيو 2006 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- واصل وارن بافيت تبرعاته الخيرية بإعلانه عن تبرع إضافي بقيمة 1.14 مليار دولار، ليصل إجمالي تبرعاته إلى أكثر من 58 مليار دولار، مع خطط للتبرع بكامل ثروته المقدرة بـ 149.7 مليار دولار لصندوق خيري.

- تعكس تبرعات بافيت فلسفته بأن الثروة وسيلة لتحسين حياة الآخرين، ويشاركه في هذه الفلسفة بيل غيتس وماكينزي سكوت وتشاك فيني، الذين تعهدوا بتقديم ثرواتهم لمكافحة الفقر والأمراض.

- مبادرة "تعهد العطاء" شجعت المليارديرات على التبرع بجزء كبير من ثرواتهم، مما يعكس تحولًا في مفهوم الثروة والمسؤولية الاجتماعية نحو التأثير الإيجابي.

واصل الملياردير الأميركي الشهير وارن بافيت تبرعاته الخيرية، حيث أعلن، اليوم الاثنين، عن تبرعه بما تصل قيمته إلى حوالي 1.14 مليار دولار إضافية من أسهم بيركشاير إلى أربع مؤسسات عائلية، لتُستخدَم في الأعمال الخيرية التي تقوم عليها تلك المؤسسات.

ومنذ تعهده في عام 2006 بالتبرع تقريبًا بكل أمواله للأعمال الخيرية، قام بافيت، الذي يدير شركة بيركشاير هاثاواي منذ عام 1965، بالتبرع بنسبة 56.6% من أسهمه في "بيركشاير" لصالح المؤسسات العائلية ومؤسسة بيل وميليندا غيتس. وبلغت قيمة هذه التبرعات أكثر من 58 مليار دولار وقت تقديمها، بما في ذلك أكثر من 43 مليار دولار لصالح مؤسسة غيتس.

ولا تمثل خطوة بافيت مفاجئة لمتابعي الملياردير السخي البالغ من العمر 94 عامًا ورئيس مجلس إدارة شركة بيركشاير هاثاواي، والذي يخطط للتبرع تقريبًا بكل ثروته المتبقية، المقدرة يوم الجمعة الماضي بنحو 149.7 مليار دولار، وفقًا لمجلة فوربس. وستذهب الثروة إلى صندوق خيري تحت إشراف ابنته سوزي وابنيه هوارد وبيتر.

واليوم الاثنين، كشف بافيت أيضاً عن تعيين ثلاثة أمناء محتملين لتولي مهمة إدارة الصندوق، إذا لم تتمكن ابنته سوزي (71 عامًا) وابناه هوارد (69 عامًا) وبيتر (66 عامًا) من أداء دورهم. وقال بافيت إن كل وصي من الأمناء الخلفاء أصغر سنًا إلى حد ما من أبنائه، ومعروف جيدًا لديهم، و"اختياره منطقي بالنسبة لنا جميعًا".

وفي عالم تسوده المنافسة على الثروة والنفوذ، يشكّل قرار بعض أغنى أثرياء أميركا التبرع بجزء كبير، أو بكامل ثرواتهم، خطوة غير مألوفة، تحمل في طياتها أبعادًا إنسانية عميقة. وتعد قصة تبرعات بافيت واحدة من أبرز هذه القصص، حيث فاجأ العالم بقراره التبرع بكامل ثروته، مؤكدًا أن أبنائه غير مهتمين بميراثه، وأنهم يفضلون بناء حياتهم الخاصة بعيدًا عن عبء إرث ملياري.

وجمع بافيت ثروة تُقدّر بمليارات الدولارات على مدار عقود من الاستثمار الذكي، قبل أن يقرر تحويل معظم أمواله إلى العمل الخيري، حيث كانت مؤسسة "بيل وميليندا غيتس" واحدة من أبرز المستفيدين من تبرعاته، كون بافيت صديقًا مقرّبًا لمؤسس مايكروسوفت بيل غيتس. ويعكس قرار بافيت فلسفته القائلة إن الثروة ليست إرثًا يجب أن يُثقل كاهل الأبناء، بل وسيلة لتحسين حياة الآخرين.

ولا يمكن الحديث عن بافيت من دون الإشارة إلى صديقه غيتس، الذي يُعدّ أحد أكبر المساهمين في الحركات الخيرية العالمية، إذ أسس غيتس وزوجته السابقة ميليندا مؤسسة تعمل على مكافحة الفقر والأمراض حول العالم، وتعهد غيتس بتقديم غالبية ثروته، التي تجاوزت مئة مليار دولار، لتحقيق هذه الأهداف. ويقول غيتس إن الثروة بالنسبة له ليست سوى وسيلة لتحقيق التغيير الإيجابي على نطاق واسع.

ومن بين هؤلاء المليارديرات أيضًا، يأتي اسم ماكينزي سكوت، الزوجة السابقة لجيف بيزوس مؤسس أمازون. فبعد طلاقها من بيزوس، حصلت سكوت على جزء كبير من ثروته، ولكنها لم تحتفظ بها لنفسها، وبدلاً من ذلك، قامت بتوزيع مليارات الدولارات على مؤسسات خيرية، بما في ذلك جمعيات تهتم بالتعليم، والمساواة العرقية، وتمكين المرأة.

وهناك قصة أخرى تحمل أبعادًا مشابهة، وهي قصة الملياردير تشاك فيني، الذي يُعرف بأنه "جيف بيزوس العمل الخيري"، إذ قرر فيني، الذي بنى إمبراطوريته في مجال تجارة التجزئة، التبرع بكل ثروته قبل وفاته. واليوم، يعيش فيني في شقة متواضعة، بعدما قدم مليارات الدولارات لدعم التعليم ومكافحة الأمراض والتنمية المستدامة.

ولا يمكن إغفال تأثير مبادرة "تعهد العطاء"، التي أطلقها بيل غيتس ووارن بافيت، وشجعت عشرات المليارديرات حول العالم على الالتزام بالتبرع بجزء كبير من ثرواتهم خلال حياتهم أو بعدها. ومن بين المشاركين في هذه المبادرة مارك زوكربيرغ، مؤسس موقع التواصل الاجتماعي الشهير فيسبوك، الذي تعهد بتخصيص غالبية ثروته لدعم التعليم وتحسين الرعاية الصحية.

وتعكس هذه القصص تحوّلاً عميقًا في مفهوم الثروة والمسؤولية الاجتماعية، حيث لم يعد الهدف بالنسبة لكثير من أثرياء العالم مجرد مراكمة الأموال، بل توجيهها نحو صنع فارق حقيقي في حياة الناس. وتؤكد تبرعات هؤلاء المليارديرات أن التأثير الإيجابي قد يكون الإرث الأكثر رسوخاً والأطول بقاءً، وأن الثروة ليست قيمة في ذاتها، بل في الأثر الذي تتركه.

المساهمون