استمع إلى الملخص
- يعاني الاقتصاد الألماني من ضعف مستمر مع توقعات بركود، ويؤكد رئيس البنك المركزي على ضرورة خفض أسعار الفائدة تدريجياً للسيطرة على التضخم وتحقيق هدف 2% العام المقبل.
- تدهور مناخ الأعمال في ألمانيا مع انخفاض مؤشر "إيفو"، ودعا وزير الاقتصاد لتخفيف الأعباء عن قطاع الصلب وحماية الصناعة من التدخلات غير المتماشية مع السوق.
يواجه الاقتصاد الألماني صعوبات كبيرة، تبدأ بهبوط مؤشرات الأعمال وصولاً إلى تراجع اليد العاملة. وأظهرت دراسة حديثة أن سوق العمل في ألمانيا سيعتمد على المهاجرين "إلى حد كبير" سنوياً على المدى الطويل. وأشارت الدراسة، التي أجرتها مؤسسة "برتلسمان" الألمانية، أنه من أجل توفير أيدٍ عاملة بالقدر الكافي، ستكون هناك حاجة إلى حوالى 288 ألف عامل أجنبي سنوياً بحلول عام 2040.
وجاء في الدراسة أن هجرة الأيدي العاملة إلى ألمانيا في الوقت الحالي أقل بكثير من المطلوب. وقالت خبيرة شؤون الهجرة في المؤسسة، سوزان شولتز، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ)، إنه يجب تقليل العوائق وتحسين الظروف للمهاجرين. ويفترض نموذج توقعات ثانٍ أنه سيكون هناك حاجة إلى 368 ألف عامل مهاجر سنوياً حتى عام 2040. ومن عام 2041 حتى عام 2060 -بناءً على الآثار الإيجابية للهجرة السابقة- من المتوقع أن يصل متوسط الاحتياج إلى حوالى 270 ألف عامل مهاجر سنوياً.
ومن دون مهاجرين إضافيين، تتوقع الدراسة انخفاض القوة العاملة من عددها الحالي البالغ 46.4 مليون عامل إلى 41.9 مليون عامل، أي بمقدار نحو 10%، بسبب التغير الديمغرافي.
ضعف الاقتصاد الألماني
وأشارت الدراسة إلى أنه في حال قلة الهجرة ستكون التأثيرات مختلفة على المستوى الإقليمي، حيث سيكون الانخفاض في الأيدي العاملة في الولاية الأكثر اكتظاظاً بالسكان (شمال الراين-ويستفاليا) متوسطاً تقريباً بتراجع قدره 10%. وستكون ولايات تورينجن وسكسونيا-أنهالت وزارلاند أكثر تضرراً. وسيكون النقص في الموظفين كبيراً أيضاً في ولايات بافاريا وبادن-فورتمبرج وهيسن.
وفي السياق، قال رئيس البنك المركزي الألماني يواكيم ناجل، اليوم الاثنين، إن ألمانيا تمر بفترة من الضعف الاقتصادي، لكن أسعار الفائدة يجب أن تنخفض تدريجياً لضمان السيطرة على الضغوط التضخمية بشكل كامل.
وكان أكبر اقتصادات منطقة اليورو الأقل نمواً بين دول الاتحاد في السنوات القليلة الماضية والتوقعات قاتمة مع ضعف الطلب على الصادرات ودخول صناعتها الضخمة في حالة ركود مع حذر شديد لدى المستهلكين الذين تحولوا لتكوين المدخرات بدلاً من الإنفاق. وقال ناجل في خطاب: "ألمانيا عالقة في فترة من الضعف الاقتصادي استمرت الآن عامين ونصف عام". وأوضح أنّ "من المرجح أن يحدث ركود في الربع الأخير من هذا العام"، مضيفاً أن هذا يعني نمواً سلبياً، وأن ألمانيا ستتخلف عن بقية دول الاتحاد الأوروبي.
وفيما يشكل النمو الضعيف عبئاً على أسعار المستهلكين، حذر ناجل أيضاً من الخفض السريع لأسعار الفائدة من جانب البنك المركزي الأوروبي، قائلاً إن المخاطر لا تزال قائمة. وحذر من أن نمو الأجور قد يكون سريعاً للغاية، وأن التضخم الأساسي لا يزال مرتفعاً، وأن السياسات التجارية للإدارة الأميركية الجديدة قد تكون تضخمية. وقال ناجل: "من المهم أن نبقى حذرين، وأن يجري تيسير السياسة النقدية تدريجياً وليس بسرعة كبيرة". ومع ذلك، أضاف أن البنك المركزي الأوروبي واثق بشكل متزايد من أنه سيحقق هدف التضخم البالغ اثنين بالمئة العام المقبل.
وخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة ثلاث مرات هذا العام، والآن تتوقع الأسواق تخفيضاً رابعاً في 12 ديسمبر/ كانون الأول. ومع ذلك، تنقسم الأسواق حول حجم الخفض، إذ يرى المستثمرون فرصة بنسبة 40 بالمئة لأن يختار البنك تنفيذ خفض بمقدار 50 نقطة أساس بدلاً من 25 المعتادة في ظل ضعف النمو.
تدهور مناخ الأعمال
وتدهور مناخ الأعمال في ألمانيا مجدداً هذا الشهر، بعد أن شهد تعافياً في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. وأعلن معهد "إيفو" للبحوث الاقتصادية في ميونخ، اليوم الاثنين، أن مؤشره لمناخ الأعمال انخفض في نوفمبر/ تشرين الثاني بمقدار 0.8 نقطة إلى 85.7 نقطة. وهذا يعني أن أهم مؤشر اقتصادي في ألمانيا يقترب مرة أخرى من أدنى مستوى له منذ بداية العام، الذي بلغه في سبتمبر/ أيلول الماضي عند 85.4 نقطة.
وكان المحللون يتوقعون انتكاسة بعد أن سجلت مؤشرات أخرى ضعفاً في الآونة الأخيرة. وتوقع المحللون أن ينخفض مؤشر "إيفو" إلى 86 نقطة فقط. وكانت الشركات التي شملها استطلاع معهد إيفو، والتي بلغ عددها حوالى 9 آلاف شركة، أقل رضاً عن وضعها الحالي على وجه الخصوص، بينما تدهورت التوقعات للأعمال المستقبلية على نحو طفيف.
وقال رئيس المعهد، كليمنس فوست: "الاقتصاد الألماني يفتقر إلى القوة". وفي قطاع الخدمات تدهور مناخ الأعمال كثيراً، وكذلك في الشركات الصناعية مع انخفاض الطلبيات. وقد دعا وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك إلى تخفيف الأعباء عن قطاع الصلب في البلاد، وذلك على خلفية اعتزام شركة "تيسنكروب ستيل يوروب" شطب آلاف الوظائف في غضون الأعوام المقبلة. يذكر أن "تيسنكروب ستيل يوروب" هي أكبر شركة للصلب في ألمانيا، وتؤول ملكية غالبية أسهمها إلى مجموعة تيسنكروب.
وقال هابيك في برلين اليوم الاثنين إن "قرار الشركة هو نتيجة للضغوط الكبيرة التي تواجهها صناعة الصلب منذ سنوات على مستوى العالم". وأوضح هابيك، الذي يشغل أيضا منصب نائب المستشار أولاف شولتز، أن هناك طاقات فائضة ضخمة عالميًا، وأن المنافسة الدولية صعبة، لافتاً إلى أن التقشفات الكبيرة لدى تيسنكروب هي نتيجة لذلك.
وأضاف السياسي المنتمي إلى حزب الخضر: "يجب حماية صناعة الصلب لدينا من التدخلات التي لا تتماشى مع مبادئ السوق وتؤثر على المنافسة". وذكر أنه لهذا السبب سعى بنجاح بالتعاون مع دول أخرى من الاتحاد الأوروبي من أجل تمديد إجراءات الحماية الأوروبية الحالية ضد واردات الصلب حتى 30 يونيو/حزيران 2026. وأوضح هابيك أن إجراء تمديد آخر لهذه الإجراءات إلى ما بعد يونيو/ حزيران 2026، لا يمكن تحقيقه من الناحية القانونية وفق قواعد منظمة التجارة العالمية، وقال: "لا ينبغي أن نقبل ذلك ببساطة. لذلك، نسعى لوضع لوائح لاحقة لحماية سوق الصلب".