تطلق ألمانيا في السنة الجديدة مشروعين مهمين في مسار تحوّلها إلى الطاقة البديلة، أحدهما فرض رسوم على كل طن من ثاني أكسيد الكربون ينبعث من وسائل النقل والمساكن، والثاني التخلص بوتيرة تدريجية من استخدام الفحم، وستكون باكورته إغلاق أول وحدة للطاقة الحرارية.
وتَطَلّبَ التوصل إلى هذين المشروعين مفاوضات سياسية طويلة في الائتلاف الذي تقوده المستشارة أنغيلا ميركل، بضغط من دعاة الحفاظ على المناخ الذين يعتبرون أن القرارات ليست طموحة بما فيه الكفاية.
واعتباراً من الجمعة، بات سعر طن من ثاني أكسيد الكربون يبلغ 25 يورو، وسيرتفع إلى 30 يورو سنة 2022، ثم إلى 55 يورو سنة 2025.
وسيكون على الشركات التي تستخدم الوقود الأحفوري، أي البنزين والديزل وزيت الوقود والتدفئة بالغاز، أن تشتري حقوق الانبعاثات في شكل شهادات ذات سعر ثابت.
وقال ناطق باسم وزارة البيئة الألمانية لوكالة "فرانس برس" إن الحكومة تتوقع على مدى السنوات الأربع المقبلة إيرادات تبلغ 56.2 مليار يورو.
في الأول من كانون الثاني/ يناير توقف العمل في وحدات تتوزع على عدد من محطات الطاقة التي تعمل بالفحم في البلاد ويبلغ إجمالي قدرتها الإنتاجية 4.7 جيغاوات.
ويتيح قانون الاستغناء عن الفحم الذي أقره البرلمان في تموز/ يوليو الفائت تقديم استحقاق 2038 ثلاث سنوات اعتماداً على تقارير التقدم.
استثناءات على الضريبة
إلّا أن مديرة منظمة "التحالف من أجل المناخ" البيئية غير الحكومية كريستيان أفيربيك رأت أن سعر الكربون المحدد في القانون "لا يساهم بالشكل المطلوب" في تحقيق أهداف المناخ.
ولحظت ألمانيا في إطار خطتها المناخية انخفاضاً بنسبة 55 في المائة في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2030 مقارنة بما كانت عليه عام 1990. كذلك تنص الخطة على أن تغطي مصادر الطاقة المتجددة نسبة 65 في المائة من إنتاج الكهرباء.
غير أن أفيربيك لاحظت أن ضريبة الكربون التي تشكّل أداة لتحقيق هذا الهدف، فقدت فاعليتها بسبب "استثناءات واسعة لفروع كاملة من القطاع الصناعي"، من منطلق الحرص على عدم حرمانها قدرتها التنافسية.
ورأت دراسة أجراها مركز "فوس" للأبحاث البيئية أن "دعم الاستثمارات الصديقة للمناخ" كان ليَحول دون نقل الشركات إنتاجها إلى بلدان ذات معايير أقل تطلباً.
تدفئة أغلى
ويتوقع أن يتأثر المستهلكون الألمان على المدى الفوري بانعكاس سعر الكربون على فواتير المضخات والتدفئة.
وأشار نادي سائقي السيارات إلى أن سعر ليتر الديزل سيزيد ثمانية سنتات يورو، وسبعة سنتات للسوبر "إي 10"، من السنة الأولى.
وسعياً إلى التخفيف عن المكلّفين، تعتزم برلين إجراء خفض طفيف في ضريبة "إي إي جي" المخصصة لدعم الطاقات المتجددة من عائدات شهادات الكربون، كذلك ستتم زيادة بدل السكن بنسبة 10 في المائة سنة 2021 لأكثر من مليون مستفيد، بحسب وزارة الداخلية.
في الموازاة، تدعم برلين استخدام مزيد من المنتجات الصديقة للمناخ.
وأدى ذلك في سنة 2020 إلى زيادة مشتريات السيارات الكهربائية أو الهجينة بعد مضاعفة علاوة الشراء اعتباراً من تموز/ يوليو.
وقال النائب عن حزب الخضر أوليفر كريشر إن "عدد أنظمة التدفئة الخالية من ثاني أكسيد الكربون والمضخات الحرارية زاد بشكل ملحوظ".
في الربع الثالث من سنة 2020، كان أكبر اقتصاد أوروبي لا يزال يستمد ما يزيد قليلاً على نصف احتياجاته من الكهرباء من الوقود الأحفوري، فيما كانت نسبة 26 في المائة من الإنتاج تحصل بواسطة الفحم الصلب والليغنيت.
إلّا أن التخلي عن الفحم، وهو مصدر رخيص للطاقة يعود إليه الفضل في التطور الصناعي لألمانيا، سيعقده التخلص التدريجي من الطاقة النووية بحلول عام 2022.
وإذا توقف أيضاً استثمار العديد من مناجم الليغنيت (الفحم الحجري) المكشوفة، فإن منجم غارزفيلر، بالقرب من كولونيا ، وهو واحد من أكبر المناجم في أوروبا ، سيستمر في التوسع، مهدداً قرى في حوض الراين، مما يثير استياء دعاة حماية البيئة.
وقد خصصت مليارات اليوروهات للمشغلين لتعويض إقفال محطات الطاقة، فيما خصص مبلغ 40 مليار يورو لمساعدة المناطق التي تقع فيها المناجم على التعافي.
(فرانس برس)