تتجه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" لتخفيض حجم مساعداتها الإغاثية للمستفيدين من خدماتها في كل من الأردن وسورية ولبنان في هذه الفترة، بهدف تركيز حملاتها الإغاثية على أبناء قطاع غزة الذين يعانون أوضاعاً مأساوية بسبب عدوان الاحتلال الإسرائيلي الذي اقترب من نهاية شهره الرابع.
وكشف رئيس لجنة تحسين خدمات مخيم جرش، أحد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، عبد المحسن بنات، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد" عن توجه الوكالة لتخفيض مساعداتها المقدمة للاجئين في كل من الأردن وسورية ولبنان، وتوجيهها لصالح أبناء قطاع غزة، حسب ما أكده له مسؤولون يعملون في الوكالة بالأردن.
وقال مسؤول المخيم الذي يقع في محافظة جرش، شمال العاصمة عمّان، أن اجتماعاً عُقد قبل ثلاثة أيام في مقر الوكالة في العاصمة الأردنية بحضور عدد من مسؤوليها وممثلين عن مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، جرى خلاله الحديث عن تركيز الجهود الإغاثية حالياً وخلال الفترة المقبلة لمساعدة أبناء قطاع غزة، ولذلك سيُخصَّص معظم ميزانية الوكالة لهذه الغاية.
وأضاف أن الجهود الإغاثية لأبناء القطاع تشمل المواد الغذائية والطبية والاحتياجات الأساسية والبطانيات وغيرها، وهذا أمر في غاية الأهمية بالنسبة إليهم. وأشار إلى أن مساعدات الوكالة للاجئين الفلسطينيين في الأردن، وتحديداً الإعاشة، يحدَّد المستفيدون منها ضمن ضوابط تضعها الوكالة، وبمبلغ يبلغ حوالى 30 ديناراً أردنياً، أي ما يعادل 42 دولاراً للفرد شهرياً.
وأكد انخفاض القدرات الشرائية للاجئين، في ظل تراجع المعونات المختلفة سواء المقدمة من قبل الوكالة أو الجهات الدولية الأخرى وبعض البلدان.
وقال بنات إن الخدمات الأخرى التي تقدمها الوكالة مستمرة حاليا مثل الصحة والتعليم ولكن المخاوف تدور حول احتمال تخفيض رواتب الموظفين وتأخيرها خلال الفترة المقبلة، وخصوصاً إذا ما تراجع دعم الدول المانحة للوكالة التي تعتمد على المساعدات الدولية لتمويل عملياتها.
وكانت الدول المانحة قد خفضت مخصصات الدعم للوكالة عدة مرات، لدرجة لم تعد تغطي احتياجات اللاجئين الفلسطينيين في مواطن اللجوء، وبخاصة الأردن الذي يستضيف العدد الأكبر منهم، بما يتجاوز 3 ملايين لاجئ داخل المخيمات وخارجها.
وقد تأسست الأونروا كوكالة تابعة للأمم المتحدة بقرار من الجمعية العامة في عام 1949، وفُوِّض إليها تقديم المساعدة والحماية لحوالى خمسة ملايين وأربعمائة ألف لاجئ من فلسطين مسجلين لديها.
وتقتضي مهمتها بتقديم المساعدة للاجئي فلسطين في الأردن ولبنان وسورية والضفة الغربية وقطاع غزة، ليتمكنوا من تحقيق كامل إمكاناتهم في مجال التنمية البشرية، وذلك إلى أن يجري التوصل إلى حل عادل ودائم لمحنتهم.
وتشتمل خدمات الوكالة على التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والخدمات الاجتماعية والبنية التحتية وتحسين المخيمات والحماية والإقراض الصغير.
وأكدت الوكالة مراراً أنها تواجه طلباً متزايداً على خدماتها، بسبب زيادة عدد لاجئي فلسطين المسجلين ودرجة هشاشة الأوضاع التي يعيشونها وفقرهم المتفاقم.
وكان بنات قد قال لـ"العربي الجديد" في تصريحات سابقة: المهم أن تبقى الوكالة الأممية قائمة، لكونها الشاهد الأكبر على احتلال فلسطين وتهجير سكانها واغتصابها من قبل الصهاينة بدعم غربي، ولذلك تسعى الولايات المتحدة وإسرائيل لإيقاف عمل الأونروا وإخراجها من المنظمة الدولية، كمحاولة بائسة على طريق تصفية القضية الفلسطينية.
وتبدو الحياة الاقتصادية للاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون في المخيمات أكثر تأثراً من غيرهم من اللاجئين الذين يعيشون في المدن والقرى والبوادي الأردنية، نظراً لمحدودية الأنشطة الاقتصادية، ويغلب عليها طابع المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر وتتركز في البقالات والمحالّ الحرفية والمشاغل المهنية.
ووفق تقرير حديث لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، فإنه رغم إيواء كثير من اللاجئين الفلسطينيين في ثلاثة عشر مخيماً في الأردن، عشرة منها رسمية وثلاثة غير رسمية، فالأغلبية تعيش في المدن والبلدات والقرى. وكانت الأونروا قد وجهت العام الماضي نداءً لجمع 1.6 مليار دولار من أجل برامجها وعملياتها واستجابتها الطارئة في سورية ولبنان والضفة الغربية التي تشمل القدس الشرقية وقطاع غزة والأردن.
وقال برنامج الأغذية العالمي: "يعتمد جميع سكان غزة على المساعدات للبقاء على قيد الحياة في ظل غياب القدرة على إنتاج الغذاء أو استيراده، لكن المساعدات الإنسانية وحدها لا تستطيع تلبية الاحتياجات الأساسية لسكان القطاع".
وأضاف أنه بالرغم من تمكّن الأمم المتحدة ووكالات المعونة الدولية والمنظمات غير الحكومية من إيصال مساعدات إنسانية محدودة في ظل الظروف الصعبة للغاية، لكن الكميات أقل بكثير مما هو مطلوب لمنع مزيج قاتل من الجوع وسوء التغذية والمرض. ويعاني القطاع من نقص حاد في الغذاء والمياه النظيفة والمساعدات الطبية.
وأشار أحدث تقرير للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) إلى مستويات مدمرة من انعدام الأمن الغذائي في غزة وأن جميع سكان غزة (حوالى 2.2 مليون شخص) "يعانون أزمة أو مستويات أسوأ من الانعدام الحاد للأمن الغذائي".