لا يدخر الاحتلال الإسرائيلي فرصة للانقضاض على مقومات الاقتصاد الفلسطيني، وجديده في الضفة الغربية تمثل فجر الخميس، باقتحام 6 شركات صرافة ومداهمتها، مع أنه جميعها خاضعة لرقابة وإشراف سلطة النقد الفلسطينية، فضلاً عن اعتقال عدد من أصحابها والاستيلاء على مبالغ نقدية من خزائنها بعد تفجيرها، وهو ما اعتبرته السلطة مزعزعاً للثقة بالنظام المصرفي والصيرفي الفلسطيني.
السلطة شددت في بيان على أنها تطبق أحدث النظم الرقابية على القطاع الصيرفي بهدف الحفاظ على سلامة هذا القطاع وتطوير أعماله والارتقاء بالخدمات التي يقدمها للجمهور، بما يتوافق مع المتطلبات الدولية والممارسات الفضلى، مشيرة إلى أنها تتابع بشكل حثيث هذا "الاعتداء الآثم" مع كافة الجهات ذات العلاقة.
تعقيباً، قال أستاذ الاقتصاد نصر عبد الكريم لـ"العربي الجديد" عن حملة القرصنة الإسرائيلية على الأموال من محال الصرافة في الضفة الغربية بادعاء محاربة تمويل حركات المقاومة الفلسطينية، إن هناك ادعاءات إسرائيلية، جزء منها غير صحيح وآخر مبني على بعض الوشايات.
وتابع: "نعلم أن الصرافين لديهم مصالح يخافون عليها، وعندهم حذر حول مصالحهم، وعندهم متابعات أمنية فلسطينية، ولكن ذهن أجهزة الأمن الإسرائيلية يذهب إلى أن الصرافين يمتلكون فرصا ومرونة أكبر من البنوك في التحويلات التي يفرض عليها رقابة مشددة وهي تفرض على نفسها تلك الرقابة خوفاً من الملاحقة القضائية، وما سُرق ليس فقط أموال وإنما وثائق ربما يتم البحث فيها عن معلومات لبناء تقديرات عليها".
ويقول عبد الكريم إن "هناك ادعاءات إسرائيلية كاذبة، لكن الاحتلال يسعى دائماً لتوسيع نطاق البحث والتحري عن معلومات تفيده في الصراع الذي يكتسب صبغة جديدة بعد الحرب على غزة، ولم يعد وفقاً للنمط السابق".
وأشار إلى أن "إسرائيل تعي أن الاستمرار في الاحتلال والتنكيل بالفلسطينيين لن يبقى على حاله، بل ستكون هناك جهود دولية، لوجود قناعة بضرورة إنهاء هذا الملف للحفاظ على مصالح الاحتلال وبعض الدول".
وبالتالي، وفق عبد الكريم، فإن الاحتلال يحاول لملمة الأوراق للاستفادة منها، ويستخدم هذه القرصنة كجزء من تخويف الفلسطينيين، حيث يعتبر أن الصراع الاستراتيجي في الضفة الغربية التي قد تكون الساحة التي يجب حسمها.
كما أن الأهداف، برأيه، ليست اقتصادية بحتة، بل تأتي في سياق جهود دول غربية كثيرة لتشديد الخناق على حركات المقاومة، بما فيها الفلسطينية، تحت عنوان تجفيف ينابيع التمويل، مضيفاً أن "الكيان الإسرائيلي يتحرك في السياق ذاته، وهو يعتقد أن هذه المحال تستخدم أو توفر قنوات لتوصيل الأموال للمقاومة أو ما يسميه الاحتلال إرهاباً".
ويعتبر عبد الكريم أن ذلك من الصعب أن يتحقق لأن العامل الاقتصادي لن يؤثر في ذهن الفلسطيني الذي يضحي بحياته وممتلكاته ويتعرض لهذا الكم الكبير من التنكيل، وبالتالي فإن مصادرة المال رغم الخسائر التي ترتبها على أصحاب محال الصرافة الذين خسروا أموالهم واعتُقلوا، لن تؤثر على جوهر استمرار مشروع المقاومة.