استمع إلى الملخص
- ارتباط تدفق العملة المزورة بارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازية، يضر بالاقتصاد الليبي ويقلل من ثقة الناس في العملة الوطنية، مع زيادة الطلب على الدولار.
- العملات المزورة ترتبط بأنشطة إجرامية مثل غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مما يزيد من معدل الجريمة ويعقد الوضع الأمني، مع جهود المصرف المركزي لتوعية الجمهور للحد من انتشارها.
أصبح سوق النقد الليبي في مرمى دنانير وعملات مزورة انتشرت في الآونة الأخيرة، ما دفع البنك المركزي الليبي إلى إطلاق تحذيرات منها، وسط اتهامات لروسيا بأنها مصدر هذه الأوراق المزورة في ظل قلق من استفحال السوق السوداء للدولار.
وفي هذا السياق، أكد مراقبون لـ"العربي الجديد أن العملة المزورة التي دخلت الأسواق في ليبيا هي سبب ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازية غير المعترف بها رسميا، الأمر الذي أضر بأسواق النقد والصرف والسلع.
وقال المحلل الاقتصادي محمد الشيباني إن تزوير الدينار يؤدي إلى فقدان الثقة في العملة الوطنية، ما يجعل الناس يشككون في قيمة الأوراق النقدية المتداولة، مضيفاً أن هذا يمكن أن يسبب تراجعاً في استخدامها واستبدالها بعملات أجنبية أكثر استقراراً.
انتعاش السوق السوداء
وأوضح الشيباني خلال حديثه لـ"العربي الجديد" أن طباعة عملة بشكل غير رسمي عبر قوات تابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر أسهمت كثيراً في زيادة الطلب على الدولار خلال الربع الأخير من العام الماضي، ما أدى إلى ارتفاع استخدامات النقد الأجنبي بقيمة 4 مليارات دولار، مقارنةً بعام 2022 و2023.
وكان مصرف ليبيا المركزي قد أكد في بيان يوم 21 إبريل/ نيسان الماضي، وجود عملة مزورة من فئة الـ 50 ديناراً متداولة في السوق الليبي. وكشف المصرف في فيديو أن هناك أربع نسخ من فئة الـ50 متداولة حالياً في السوق منها اثنتان مزورتان، مبيناً الفارق بين النسخ المزورة والصحيحة.
وأوضح المصرف الجوانب الفنية الدقيقة التي يمكن من خلالها التمييز بين العملة المزيفة والحقيقية منها عبر العين المجردة، مشيراً إلى أن النسخة الأولى تحمل توقيع محافظ مصرف ليبيا المركزي، الصدّيق عمر الكبير، وبالإمكان تمييزها بوجود الشكل الملون، وانعكاسه الواضح عند تعريض العملة للضوء.
ولفت البيان إلى أنه يمكن ملاحظة الأرقام التسلسلية العمودية والأفقية التي تتخذ شكلاً تصاعدياً في الحجم بالنسخة الأصلية، كذلك يمكن التمييز في ما بينها بمقارنة ملمسها، حيث تجد أن العملة المعتمدة أكثر مرونة من العملة المزورة.
وأشار المحلل المصرفي معتز هويدي، إلى أن انتشار العملات المزيفة يدفع المواطنين إلى تحويل أموالهم إلى عملات أجنبية أو أصول أكثر أماناً، مثل الذهب. وقال هويدي لـ"العربي الجديد" إن العملة المزورة من فئة الخمسين ديناراً سبّبت ارتباك السوق وتعرقل النظام المالي، ما يجعل من الصعب على البنوك والمؤسسات المالية إدارة السيولة وتقدير المخاطر بدقة. وأضاف أن دخول كميات كبيرة من العملات المزيفة يؤدي إلى زيادة عرض النقود، ما قد يؤدي إلى التضخم الذي يقلل من القوة الشرائية للعملة ويزيد أسعار السلع والخدمات.
غسل الأموال والدنانير المزورة
من جانبه، رأى المحلل المالي علي سالم أن زيادة كمية الأموال المزورة المتداولة يمكن أن يؤدي إلى تضخم غير مبرر. وقال: عندما تتزايد كَمّيَّة النقد دون زيادة مقابلة في السلع والخدمات، ترتفع الأسعار. وأكد سالم أن تزييف العملة يمكن أن يؤدي إلى تشويه البيانات الاقتصادية والمالية، ما يجعل من الصعب على الجهات التنظيمية اتخاذ قرارات سليمة.
وقال لـ"العربي الجديد" إن تزوير العملة غالباً ما يكون مرتبطاً بأنشطة إجرامية أخرى، مثل غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ما يزيد من معدل الجريمة في المجتمع. وحسب مراقبين لـ"العربي الجديد"، فإن عمليات التزوير إحدى نتائج الاضطرابات والصراعات التي تعاني منها البلاد، ويستخدمها البعض وقوداً لإشعال الحرب.
وكشفت مجلة منبر الدفاع الأفريقي (ADF) التي تصدر عن القيادة العسكرية الأميركية لقارة أفريقيا يوم 28 مايو/ أيار الماضي أن روسيا باتت أمام اتهامات جديدة بإغراق الأسواق الليبية بدنانير مزورة، في محاولة أخرى منها للتمادي في زعزعة استقرار ليبيا.
وأشارت إلى اتهامات لروسيا بطباعة الدنانير المزورة في مزرعة على مشارف بنغازي، معقل اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي يستفيد من خدمات المرتزقة التابعين لمجموعة فاغنر العسكرية الروسية التي باتت تعرف الآن بالفيلق الأفريقي.
وكانت مجلة منبر الدفاع الأفريقي (ADF) قد أوضحت في تقرير سابق، أن حفتر وفاغنر اختلفا في عام 2020 على 150 مليون دولار بعد انتهاء عقد بين الطرفين، إذ اتهم حفتر بعدم دفع مستحقاتها بعد أن خسرت هجوماً متواصلاً على طرابلس سنة 2019.
وتابعت المجلة أنه كما هي الحال مع الدنانير المزورة الحالية، كانت الدنانير السابقة تكاد تبدو مطابقة للدنانير الرسمية، وتشير بعض التقديرات إلى أن حكومة الشرق التابعة لحفتر أغرقت ليبيا بما يقرب من 12 مليار دينار طبعها الروس بين عامي 2015 و2020. وكانت وكالة رويترز قد ذكرت في تقرير سابق أن ما يقرب من 4.5 مليارات دينار شًحنت من روسيا إلى مدينة طبرق الساحلية شرقيّ ليبيا في النصف الأول من عام 2019 بالتزامن مع نشوب الحرب في طرابلس.