استمع إلى الملخص
- غازبروم ستعلق صادرات الغاز إلى مولدوفا اعتبارًا من يناير 2025 بسبب الديون، مما يهدد بانقطاعات كهرباء حادة، وسط نزاع تجاري طويل الأمد.
- تسعى أوروبا لتنويع مصادر الغاز بعيدًا عن روسيا، بينما استلمت أوكرانيا أول شحنة غاز مسال أمريكية، وزادت صادرات الغاز المسال الروسي في 2024، مع توجيه نصفها لأوروبا.
قالت شركة غازبروم الروسية العملاقة إنها سترسل 42.4 مليون متر مكعب من الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا اليوم الأحد، وهي نفس الكمية التي قامت بضخها أمس السبت، وذلك قبل يومين من انتهاء اتفاق عبور الغاز الروسي عبر أوكرانيا الذي أكد رئيسها فولوديمير زيلينسكي، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أن بلاده لن تسمح بنقل الغاز الروسي عبر أراضيها من دون ضمانات بعدم استفادة الكرملين ماليا من ذلك.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يوم الخميس، إنه لم يتبق ما يكفي من الوقت في العام الجاري لتوقيع اتفاقية جديدة لنقل الغاز مع أوكرانيا، وحمل كييف المسؤولية لرفضها تمديد الاتفاقية التي يُنقل بموجبها الغاز إلى سلوفاكيا وجمهورية التشيك والنمسا. وتنتهي اتفاقية نقل الغاز الحالية بين روسيا وأوكرانيا التي تبلغ مدتها خمس سنوات بنهاية العام الجاري.
وأضاف بوتين في تعليقات بثها التلفزيون: "لا يوجد عقد ومن المستحيل إبرامه في غضون ثلاثة أو أربعة أيام". وتعد إمدادات الغاز الروسية إلى أوروبا عبر أوكرانيا قليلة نسبيا. إذ ضخت روسيا نحو 15 مليار متر مكعب من الغاز عبر أوكرانيا في 2023، وهو ما يمثل 8% فقط مقارنة بتدفقات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر طرق مختلفة في 2018 و2019.
وينقل خط أنابيب أورنجوي-بوماري-أوزجورود الذي يعود إلى الحقبة السوفييتية الغاز من سيبيريا عبر بلدة سودجا، الخاضعة حاليا لسيطرة القوات الأوكرانية، في منطقة كورسك الروسية، ثم يتدفق عبر أوكرانيا إلى سلوفاكيا. وفي سلوفاكيا، يتفرع خط الأنابيب إلى خطوط تذهب إلى جمهورية التشيك والنمسا. وأكد بوتين أن روسيا مستعدة لتوريد الغاز عبر أوكرانيا لأي عميل، لكنه قال إن هناك دعوى قضائية تجعل ذلك مستحيلاً. وأضاف أن روسيا مستعدة لتوريد الغاز إلى أوروبا عبر بولندا من خلال خط أنابيب يامال-أوروبا.
وارتفع سعر الغاز الطبيعي في أوروبا بعد تصريحات بوتين، حيث ارتفعت العقود الآجلة القياسية بنسبة 5% في نهاية تعاملات الأسبوع أول من أمس الجمعة، بأكبر معدل لها في غضون أسبوع. وطرحت دول وسط أوروبا التي ما زالت تشتري الغاز الروسي حلولا بديلة للإبقاء على تدفق الغاز عبر أوكرانيا، لكن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي رفض أية ترتيبات تجني منها روسيا أموالا في ظل استمرار الحرب.
تعليق صادرات الغاز الروسي إلى مولدوفا
في السياق، قالت شركة الغاز الروسية العملاقة غازبروم، السبت، إنها ستعلق صادراتها إلى مولدوفا اعتبارا من الساعة 05:00 بتوقيت غرينتش في الأول من يناير/كانون الثاني 2025، بسبب ديون لم تسددها مولدوفا التي ستواجه انقطاعات حادة في الكهرباء. وأضافت، وفقا لوكالة رويترز، أن الشركة تحتفظ بالحق في اتخاذ أي إجراء بما في ذلك إنهاء عقد التوريد مع مولدوفا.
وتزود روسيا مولدوفا بنحو ملياري متر مكعب من الغاز سنويا، ويجرى ضخه عبر أوكرانيا إلى منطقة ترانسنستريا المنشقة، حيث يستخدم لتوليد الطاقة الرخيصة وتباع إلى الأجزاء التي تسيطر عليها الحكومة في مولدوفا.
وندد رئيس الوزراء المولدوفي دورين ريتشيان بالقرار الروسي الذي يهدد بوقف كامل لصادرات الغاز الروسي عبر أوكرانيا وإلى أوروبا، حيث يتدفق إلى سلوفاكيا والنمسا والمجر وإيطاليا، بمجرد انتهاء أجل اتفاقية نقل الغاز الحالية مع أوكرانيا في 31 ديسمبر/كانون الأول. وستكون مولدوفا الأكثر تضررا من وقف الصادرات.
وكتب ريتشيان على فيسبوك: "يؤكد هذا القرار مجددا نية الكرملين ترك سكان منطقة ترانسنيستريا من دون إنارة أو تدفئة في منتصف فصل الشتاء"، متهما روسيا باستخدام الطاقة سلاحا سياسيا. وتنفي موسكو هذه الاتهامات. وتقول روسيا، التي تنتقد حكومة مولدوفا التي تميل للتقارب مع الغرب، إن مولدوفا يجب أن تسدد ديونها عن الإمدادات السابقة.
ووفقا للحسابات الروسية، يبلغ الدين 709 ملايين دولار، أما مولدوفا فقد حددت الدين عند 8.6 ملايين دولار. وقالت شركة غازبروم سابقا إنها تريد من مولدوفا سداد الديون قبل أن تبدأ في ضخ الغاز عبر طرق بديلة. واتفقت ترانسنستريا وحكومة مولدوفا عام 2022 على أن كل الغاز الروسي الذي تتلقاه مولدوفا سيتدفق إلى المنطقة الانفصالية التي لا تدفع عادة مقابل الوقود.
يمثّل تحقيق أمن الطاقة أولوية بالنسبة إلى هذه الجمهورية السوفييتية السابقة التي يبلغ عدد سكانها 2,6 مليون نسمة، والمرشّحة لعضوية الاتحاد الأوروبي. ويسبق نزاعها التجاري مع غازبروم الغزو الروسي لأوكرانيا، ويتعلّق بشركة مولدوفاغاز المملوكة بنسبة 50% من المجموعة الروسية.
ومن دون إمدادات الغاز، قد يتوقف توليد الكهرباء لتواجه مولدوفا وترانسنستريا انقطاعات في الطاقة ربما تستمر ساعات طويلة، على غرار ما تشهده أوكرانيا بسبب هجمات روسيا على البنية التحتية للطاقة. وأخطرت حكومة ترانسنستريا الشركات بأنه اعتبارا من أمس السبت، سيُبدأ في قطع إمدادات الغاز عن الكيانات التجارية التي لا تعد حيوية. لكنها قالت إن إمدادات الغاز والتدفئة والمياه الساخنة للمنازل ستستمر كالمعتاد حتى الأربعاء الأول من يناير/كانون الثاني.
مسارات وبدائل أوروبا من الغاز
وانخفضت واردات أوروبا من الغاز الروسي إلى أقل من 10% من إجمالي الواردات عام 2023 مقارنة بأكثر من 40% عام 2021. غير أنّ الدول الواقعة في شرق القارة لا تزال تعتمد بشكل كبير على الغاز الروسي لأسباب تتعلق بموقعها الجغرافي البعيد عن السواحل، أو لأسباب سياسية كما هي حال المجر وسلوفاكيا الحريصتين على الحفاظ على علاقات وثيقة مع الكرملين.
وقال ألكسندر دوليبا من مركز الأبحاث التابع لجمعية السياسة الخارجية السلوفاكية إنّ براتيسلافا تفضّل الغاز الروسي "لأنّه أرخص". وأضاف لوكالة فرانس برس أنّ "غازبروم تدفع تكاليف العبور عبر أوكرانيا"، بينما لو اضطرّت سلوفاكيا إلى استخدام المورّدين من أماكن أبعد "فسيتعيّن عليها دفع تكاليف التسليم".
وتقول شركة الغاز السلوفاكية "إس بي بي"، التي توفّر الإمدادات لنحو 1,5 مليون منزل، إنّها تستطيع الاستعانة بمصادر أخرى. لكنّ المتحدث باسم الشركة أوندري سيبيستا يوضح لوكالة فرانس برس أنّ "التنويع له ثمن، وأي بديل للغاز الروسي سيكون أكثر كلفة بكثير"، مقدّرا الكلفة بـ"150 مليون يورو على الأقل".
وحاليا، ترسل روسيا الغاز إلى أوروبا عبر طريقين منذ التخريب الذي طاول خطوط أنابيب نورد ستريم في بحر البلطيق في أيلول/سبتمبر في العام 2022.
المسار الأول الذي يمرّ عبره الغاز الروسي هو خط أنابيب "تورك ستريم" (TurkStream) وامتداده "بلقان ستريم" (Balkan Stream) تحت البحر الأسود، باتجاه بلغاريا وصربيا والمجر.
أما المسار الثاني، فيمر عبر أوكرانيا بموجب عقد أبرم في العام 2019 لمّدة خمس سنوات بين الشركتين الأوكرانيتين نافتوغاز و"جي تي إس أو يو" والعملاق الروسي غازبروم، وهو المسار الذي سيتوقّف في الأول من يناير/كانون الثاني 2025. وبلغ حجم الغاز الذي مرّ عبر هذا الطريق 14,65 مليار متر مكعب في العام 2023، أي أقل بقليل من نصف إجمالي صادرات الغاز الروسي باتجاه أوروبا، وفقا للأرقام الرسمية.
الغاز الأميركي بديل للروسي في أوكرانيا وأوروبا
واستلمت أوكرانيا، أول من أمس الجمعة، أول دفعة من الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة، وهي الصفقة التي تقول كييف إنها ستعزز أمن الطاقة الأوكراني والأوروبي مع انتهاء صفقة نقل الغاز الكبرى مع روسيا. وقالت الشركة في بيان: "تسلمت شركة دي تيك، أكبر شركة طاقة خاصة في أوكرانيا، الجمعة، أول شحنة من الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة".
وأكدت الشركة لوكالة فرانس برس أن شحنة الغاز التي تبلغ نحو 100 مليون متر مكعب كانت أول شحنة أميركية إلى أوكرانيا التي تعرضت لضربات بسبب الهجمات الروسية على شبكة الطاقة الخاصة بها طوال الحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات. وحصلت الشركة على الشحنة عبر خط أنابيب مع تسليم الغاز الطبيعي المسال إلى محطة إعادة التغويز اليونانية في البحر الأبيض المتوسط الجمعة.
ونقل البيان عن الرئيس التنفيذي ماكسيم تيمشنكو: "مثل هذه الشحنات لا توفر للمنطقة مصدرا مرنا وآمنا للطاقة فحسب، بل إنها تزيد من تآكل نفوذ روسيا على نظام الطاقة لدينا". وبعد الهجمات الروسية الكبرى، زادت أوكرانيا بشكل متكرر من وارداتها الطارئة من الكهرباء من دول الاتحاد الأوروبي المجاورة. وتقول كييف إن تأمين الإمدادات المباشرة من الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة سيساعد في تخفيف بعض الضغوط على سوق الغاز الأوروبية.
وزاد الاتحاد الأوروبي مشترياته من الغاز الطبيعي المسال الأميركي بشكل كبير منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022، لكنه فشل في قطع رابط الطاقة مع موسكو بشكل كامل. واقترح العديد من المسؤولين، ومن بينهم رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين، زيادة إمدادات الغاز من الولايات المتحدة بديلاً للطاقة الروسية. وفي الوقت نفسه، هدد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب أوروبا بفرض رسوم جمركية إذا لم تشتر المزيد من الغاز الأميركي.
ارتفاع صادرات الغاز الروسي المسال في 2024
في السياق، أظهرت بيانات أولية من مجموعة بورصات لندن، السبت، أن صادرات روسيا من الغاز الطبيعي المسال زادت 3% في عام 2024 لتتجاوز 32 مليون طن، وأن نحو نصفها ذهب إلى أوروبا. واستقبلت أوروبا حوالي 16 مليون طن أو 50% من إجمالي الصادرات الروسية، بينما استوردت الصين، أكبر مستورد منفرد من روسيا للغاز فائق البرودة، أكثر من سبعة ملايين طن.
وفي أوروبا، جرى تسليم صادرات الغاز الطبيعي المسال الروسية في الغالب هذا العام إلى فرنسا، التي استوردت أكثر من 5.6 ملايين طن من الغاز الطبيعي المسال، تليها بلجيكا وإسبانيا. وأوضحت البيانات أن إمدادات الغاز الطبيعي المسال الإجمالية الروسية في ديسمبر/كانون الأول وحده مستقرة مقارنة بشهر نوفمبر /تشرين الثاني، عند حوالي 2.9 مليون طن.
وزاد مصنع يامال للغاز الطبيعي المسال، الذي تقوده شركة نوفاتيك، من الصادرات في عام 2024 بنحو 5.4% على أساس سنوي إلى 19.6 مليون طن. كما ارتفعت الشحنات من المصنع في ديسمبر/كانون الأول 4.2% عن نوفمبر/تشرين الثاني 2024 إلى 1.73 مليون طن، لكنها انخفضت 9% عن ديسمبر/كانون الأول 2023. وزادت الإمدادات إلى أوروبا من يامال للغاز الطبيعي المسال 1.4% إلى 14.2 مليون طن في عام 2024.
(رويترز، فرانس برس، العربي الجديد)