يعقد مجلس الاحتياط الفيدرالي اجتماعاته اليوم وغداً، وتنتظر الأسواق رفعا جديداً لسعر الفائدة الأساسي في البلاد، للمرة العاشرة على التوالي، مع نهاية اجتماعات الأربعاء، في أحدث محطات حملة البنك لكبح جماح التضخم، التي بدأت في الربع الأول من العام الماضي، وتسببت في وصول الفائدة لأعلى مستوياتها في عقد ونصف.
ومع ترجيح كبير لرفع الفائدة، يهتم المتعاملون والاقتصاديون بشكل أكبر بما سيعلنه البنك الفيدرالي ورئيسه جيروم باول في بيانه خلال المؤتمر الصحافي، ليجيب عن السؤال الأهم: ماذا بعد ذلك؟
يقول الاقتصاديون إنه من المرجح أن يلمح باول إلى اقتراب البنك من فترة توقف طال انتظارها، إلا أنه لن يصرح أو يشير بوضوح إلى أن رفع الفائدة هذا الأسبوع هو الرفع الأخير، حيث إنه يمكن للبنك الاستمرار في الرفع إذا ما بقي التضخم على عناده. ومن غير المتوقع أن يكون انهيار بنك "فيرست ريببليك" الأسبوع الماضي، وهو ثاني أكبر فشل بنكي في البلاد، عقبة أمام رفع سعر الفائدة يوم الأربعاء، خاصة مع قيام بنك "جيه بي مورغان" بالاستحواذ عليه.
ويقول ديريك تانغ الخبير الاقتصادي في إل أتش ماير، شركة الاستشارات الاقتصادية بنيويورك، إنه "حتى لو طرح وقف رفع الفائدة بعد هذا الأسبوع، فمن المتوقع ألا يخفض الفائدة في أي وقت من هذا العام".
وتتسق كلمات ماير مع تصريحات باول الواضحة في المؤتمر الصحافي الذي أعقب قرار رفع الفائدة الأخير في مارس/آذار، حين أكد استبعاده خفض الفائدة قبل نهاية العام الحالي.
ومع زيادة سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية يوم الأربعاء يصبح نطاق سعر الفائدة الفيدرالي هو 5%-5.25%، وهو أعلى مستوى في 16 عامًا وأعلى بمقدار 5% مما كان عليه في مارس/آذار 2022.
وفي الاجتماع الأخير لمجلس الاحتياط الفيدرالي، في مارس الماضي، توقع المسؤولون تنفيذ زيادة أخرى، تبقى بعدها أسعار الفائدة دون تغيير حتى العام المقبل.
وعلى الرغم من إعلان التوقعات الرسمية كل ربع عام، أي أن التوقعات القادمة سيتم تحديثها في يونيو/حزيران، إلا أن سبعة من صناع السياسة النقدية البالغ عددهم 18 توقعوا تجاوز المعدلات لنطاقها بعد رفع الأربعاء، فيما توقع واحد فقط معدلًا أقل، ويشير ذلك إلى أن البنك الفيدرالي ككل يميل إلى فرض زيادات أخرى.
واستخدم البنك المركزي الأكبر في العالم أغلب أدوات السياسة النقدية المتاحة لديه لإبطاء النشاط الاقتصادي خلال العام الأخير على الأقل، حيث شدد الائتمان بأسرع وتيرة منذ أوائل الثمانينات من القرن الماضي، بهدف إبطاء الاقتراض والإنفاق، من أجل القضاء على أعلى تضخم تشهده البلاد في أكثر من أربعة عقود.
وتسببت سياسات البنك في ارتفاع تكاليف القروض، من رهون عقارية وقروض شراء للسيارات وقروض شركات وحتى بطاقات الائتمان، وهو ما زاد من أخطار الركود.
وتغطي الخطوات المقبلة للبنك المركزي حالة من الضبابية وعدم اليقين، ومزيج من الإشارات المتضاربة، حيث يبدو أنه، ورغم وجود بقايا للتضخم المرتفع، فإن الاقتصاد آخذ في التباطؤ، خاصة مع استقرار الإنفاق الاستهلاكي في فبراير/شباط ومارس/آذار، ما يشير إلى أن المستهلكين أصبحوا في خوف من مواجهة ارتفاع الأسعار وتكاليف الاقتراض.
وبعد أن كان سوق العمل شديد السخونة، ومعدل البطالة بالقرب من أدنى مستوياته في 50 عامًا، تباطأ التوظيف وانخفضت الوظائف الشاغرة، وانخفض عدد من يتركون وظائفهم لشغل وظائف أخرى.
وضاعف من حالة عدم اليقين لدى البنك الفيدرالي توالي إخفاقات البنوك الكبيرة في الشهرين الماضيين. ورغم أن أغلب المحللين لا يتوقعون انهيار المزيد من البنوك، إلا أن هناك شبه اتفاق على تشديد الإقراض، الأمر الذي من شأنه هو الآخر أن يبطئ الاقتصاد.
وفي مذكرة للعملاء، قال محللو بنك الاستثمار إيفركور إنه "مقابل سيليكون فالي وسيغنتشر وفيرست ريببليك المنهارين، هناك المئات من البنوك الأميركية الصغيرة والمتوسطة ستعمل بشكل أكثر تحفظًا في الأشهر المقبلة، من أجل تجنب الأخطاء التي قد تعرضها لنفس المصير.
وربما يكون هذا ما يريده البنك الفيدرالي، وهو التقليل من الاقتراض والإنفاق، ما يساعد على الحد من التضخم.
وقد تجعل تلك الأدلة على التراجع الحاد في الإقراض باول أكثر أريحية في تلميحه بشأن التوقف المؤقت عن رفع سعر الفائدة، حيث لمح رئيس البنك الفيدرالي في اجتماع مارس الماضي إلى إمكانية الاكتفاء برفع ربع بالمائة فقط قبل التوقف، إذا ما التزمت البنوك بتقييد الإقراض.
وسيكون لدى مسؤولي البنك الفيدرالي معلومات من استطلاع لمسؤولي القروض المصرفية عندما يجتمعون هذا الأسبوع، على الرغم من أن النتائج لن تعلن إلا الأسبوع المقبل.
وسيكون على صناع السياسة أن يحددوا رؤيتهم فيما يخص التضخم، بعد أن تباطأت أغلب مسببات ارتفاع الأسعار، وانعكست على الإيجارات والطاقة والسيارات المستعملة، وهو ما تسبب في انخفاض واضح في التضخم الكلي.
وارتفع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 5% في مارس مقارنة بالعام السابق، بانخفاض حاد عن ذروته البالغة 9.1%، التي سجلها في يونيو/حزيران.
ويرى بعض الاقتصاديين أنه مع انخفاض التوظيف وفرص العمل يجب أن يتباطأ نمو الأجور أيضًا، ويقولون إن بنك الاحتياط الفيدرالي يجب أن ينظر بدرجة أقل إلى البيانات ذات التطلعات اللاحقة مثل معدل البطالة، ويولي باقي البيانات عناية أكبر.