ينفذ المزارعون الألمان اعتبارا من صباح اليوم الاثنين، وعلى مدار الأسبوع، احتجاجات وإضرابات واسعة النطاق في كافة أنحاء البلاد اعتراضا على الضرائب وسياسة التقشف للحكومة الفيدرالية على القطاع الزراعي.
فالحكومة تريد من خلال إجراءاتها تخفيض الدعم عن المزارعين بسبب أزمة الميزانية وحكم المحكمة الدستورية في نوفمبر/ تشرين الثاني المنصرم، بعدم قانونية استخدام أموال جائحة كورونا التي كانت مخصصة لعام 2021.
ومنذ مساء الأحد، وصلت أُولى طلائع الجرارات الزراعية إلى برلين حيث جميع الطرق السريعة في حالة إغلاق شبه تام مع اضطرابات في حركة المرور، ما أدى إلى إقفال مدارس ومهنيات في عدة ولايات.
ضرائب ألمانية "غير عادلة"
ورغم أن الحكومة تراجعت جزئيا عن بعض المقترحات، وبينها الإبقاء على المعاملة التفضيلية لضريبة المركبات والجرارات في مجالي الغابات والزراعة، وإلغاء الإعفاءات الضريبية على الديزل الزراعي بشكل تدريجي حتى العام 2026، على أن يخفض هذا العام بنسبة 40% فقط، وتلي ذلك تخفيضات أخرى بنسبة 30% في كل من عامي 2025 و2026، فإن هذا الحل لم يرق للمزارعين.
ورأى رئيس روابط المزارعين الألمان يواخيم روكفيد، في حديث صحافي، أن المقترحات الحكومية للزيادات الضرائبية غير عادلة، وبالأخص على المزارعين الصغار والمتوسطين، وستؤدي إلى استسلام المزيد من الشركات، مؤكدا أن الروابط متمسكة بموقفها لحين الإلغاء الكامل لهذه الخطط.
وبحسب وزارة المالية، من المفترض أن يؤدي إلغاء الامتيازات الممنوحة للمزارعين إلى تأمين وفورات بقيمة 920 مليون يورو.
في هذا الصدد، اعتبر رئيس معهد الأبحاث الاقتصادية في جامعة ميونخ "إيفو"، كليمنس فويست، أن النتائج الاقتصادية الجيدة التي حققها المزارعون لسنوات لا تشكل سببا مفهوما لتحميلهم عبء التخفيضات الكبيرة في إعانات الدعم.
ونقلت عنه "إن تي في" الإخبارية مساء الأحد، قوله إن المزارعين مثقلون بشكل "غير متناسب"، ولا ينبغي الإقدام على هذه الخطوة بصورة مفاجئة بين ليلة وضحاها، إذ يتعين على الأقل مثلا، منح مثل هذا القطاع وقتا للتحول إلى أنواع وقود أُخرى غير الديزل.
وفقا لحكومة ولاية سكسونيا السفلى، حيث القطاع الزراعي مثلا نشط أكثر من ولاية بافاريا الواقعة جنوبي البلاد، تنفق كل شركة متوسطة تعمل في القطاع تعمل بدوام كامل نحو 21 ألف يورو على الوقود سنويا. وبحسب المعلومات، فإن خسارة الإعفاء الضريبي ستعني ما بين 3000 و3500 يورو إضافية سنويا.
وفي هذا الإطار، اعتبر رئيس كتلة المسيحي الاجتماعي البافاري ألكسندر دوبراندت أن القدرة التنافسية للمزارعين ستكون مقيدة بشدة بسبب التخفيضات المخطط لها بالنسبة للدعم، ونقلت عنه "إن تي في" أن الإنتاج الزراعي معرض لخطر كبير بسبب التخفيضات المالية المقترحة، محذرا من أنه سيكون لذلك تأثير في وضع الإمدادات الغذائية.
وقد دعت الرئيسة المشاركة لرابطة الريف الألماني تيريزا شميدت أخيرا، إلى تخصيص المزيد من الوقت لإعادة تنظيم الدعم والضرائب في الزراعة، لا سيما أنه لا توجد بدائل متاحة للجرارات العاملة على الديزل للاستجابة للإلغاءات المطروحة في خطط الحكومة.
وثمة حاجة، برأيها، إلى أفق زمني لترتيب الأمور وتعزيز البدائل، ومن الممكن تصوّر فرض ضريبة على المبيدات الحشرية أو الأسمدة مستقبلا، وتماما كما هو الحال مع تغيير إعانات الدعم الزراعية في الاتحاد الأوروبي، مع التركيز على الأداء البيئي.