بحث المسؤولون الماليون في العالم الذين اجتمعوا في واشنطن، الأربعاء، إيجاد طريقة للتخفيف من اختناقات سلسلة التوريد التي تؤدي إلى ارتفاع الأسعار وتهدد بعرقلة الانتعاش الاقتصادي.
لم يتمكن الموردون من مواكبة ارتفاع الطلب. فالسفن تصطف خارج الموانئ الأميركية بانتظار تفريغ البضائع، والتضخم الاستهلاكي الأميركي بقي مرتفعاً في سبتمبر/أيلول، وارتفعت أسعار النفط العالمية أكثر من 80% للبرميل الواحد، وهو الأعلى منذ سنوات، بينما يمكن أن تضطر العائلات البريطانية إلى الاستغناء عن الديك الرومي في عشاء عيد الميلاد.
وتشكل تحديات العرض العالمي محوراً رئيسياً لاجتماعات صندوق النقد الدولي، ومجموعة العشرين للاقتصادات المتقدمة، والتجمع الأصغر لوزراء المالية في دول مجموعة السبع.
وأدت القيود التي فرضت للحد من انتشار وباء كوفيد-19 إلى إغلاق طرق التصنيع والتجارة، بينما لم يتمكن الموردون الذين يواجهون نقصاً في العمال وسائقي الشاحنات من مواكبة الارتفاع المفاجئ في الطلب على السلع مع بدء إعادة فتح الاقتصادات بعد أزمة كوفيد.
وأدت هذه الاضطرابات التي يخشى بعض السياسيين أن تكون طويلة الأمد، إلى عرقلة زخم الانتعاش، ما دفع صندوق النقد الدولي إلى خفض تقديراته لنمو الاقتصادات الكبرى مثل الولايات المتحدة وألمانيا. واتفق مسؤولو مجموعة السبع على العمل معاً لرصد الصعوبات.
وقال وزير الخزانة البريطاني ريشي سوناك، الذي ترأس اجتماع أغنى دول العالم، إنّ "قضايا سلسلة التوريد يشعر بها كل العالم، ويجب على القادة الماليين في جميع أنحاء العالم التعاون لمواجهة تحدياتنا المشتركة".
ويقدّر البنك الدولي نسبة الحاويات المتوقفة في موانئ أو حولها بـ8,5%، أي ضعف ما كانت عليه في يناير/كانون الثاني.
اتفق رئيس المصرف المركزي الإيطالي إنياتسيو فيسكو، وصندوق النقد الدولي وآخرون على أنّ ضغوط التضخم نجمت في الجزء الأكبر منها عن عوامل قصيرة الأجل مثل ارتفاع الطلب وقضايا العرض.
لكن فيسكو اعترف بأنّ ذلك "قد يستغرق أشهراً قبل أن يزول". وقال للصحافيين إنّ محافظي المصارف المركزية في مجموعة العشرين يدرسون القضية لمعرفة ما إذا كانت هناك "عوامل هيكلية" لارتفاع التضخم بشكل أكبر مما هو متوقع و"ما إذا كانت هناك أي عناصر (...) يمكن أن تصبح دائمة".
ويسعى محافظو البنوك المركزية إلى دعم الانتعاش بشروط مالية سهلة، لكن في الوقت نفسه مع تجنب حدوث زيادة دائمة في التضخم.
وقالت مجموعة العشرين، في بيان، إنّ المصارف المركزية "ستتحرك حسب الحاجة" لمعالجة استقرار الأسعار "بينما تبحث في ضغوط التضخم حيث تكون مؤقتة".
لكن رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس، حذر من أنّ الارتفاع في بعض الأسعار "لن يكون مؤقتاً". وأضاف: "سيستغرق الأمر وقتاً وتعاوناً من صانعي السياسات في جميع أنحاء العالم لفرزهم".
وقالت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا، إنّ التأخر في معدلات التطعيم لاحتواء الوباء في الدول النامية، يُسهم في تقييد الإمداد و"ما دام يتسع، فإنّ خطر حدوث انقطاعات في سلاسل التوريد العالمية سيكون أعلى".
في أكبر اقتصاد في العالم، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، الأربعاء، مبادرة لتخفيف الأعمال المتراكمة عبر الدفع باتجاه توفير خدمة متواصلة طوال اليوم في الموانئ والموردين.
وقد انتزع التزاماً بالعمل لساعات أطول من المجموعتين المشغلتين لميناء لوس أنجليس العملاق "ويست كوست بورت أوف لوس أنجلس" و"إنترناشيونال لونغشور أند ويرهاوس يونيون" وشركات مثل "وولمارت" و"فيديكس" و"يو بي إس".
لكن بايدن رأى أنه يجب وضع سياسات لتقليل الاعتماد على مصادر واحدة وتعزيز الإنتاج المحلي لتجنب صدمات عرض من هذا النوع.
وقال الرئيس الأميركي: "يجب ألا يكون بلدنا أو اقتصادنا عاجزاً مرة أخرى عن صنع المنتجات الأساسية التي نحتاج إليها، لأننا لا نستطيع الوصول إلى المواد التي نحتاج إليها"، مؤكداً أنه "يجب ألا نضطر مرة أخرى إلى الاعتماد كثيراً على شركة واحدة أو دولة واحدة".
وهذا الرأي كرره وزير المال الفرنسي برونو لومير، الذي قال للصحافيين على هامش الاجتماعات، إنّ "الرد يكمن في كلمة واحدة: الاستقلال".
(فرانس برس)