أثارت زيادة مفاجئة في أسعار الزيوت النباتية في المغرب، غضباً عارماً وصل إلى حد إطلاق حملة على مواقع التواصل الاجتماعي لمقاطعة الشركات المنتجة، وذلك في خطوة تعيد إلى الأذهان ما عاشته البلاد في عام 2018 من حملة شعبية لمقاطعة منتجات ثلاث شركات كبرى.
وارتفعت أسعار الزيوت النباتية، التي تعد من المواد الأساسية، بالتزامن مع التبعات الاقتصادية لجائحة كورونا، وما ترتب عنها من فقدان العديد من المواطنين أشغالهم وتراجع مداخيل الأفراد والأسر.
ورفعت الزيادة الجديدة، التي تمت باتفاق بين جميع العلامات التجارية في المغرب، من سعر اللتر الواحد من الزيت درهمين، فيما ارتفع ثمن 5 لترات بقيمة 10 دراهم (أكثر من دولار).
وبررت الشركات سبب الزيادة بأنه يعود إلى ارتفاع ثمن النباتات الزيتية في الأسواق العالمية ونقص الإمدادات، فيما أكد رئيس الاتحاد الوطني لجمعيات حماية المستهلكين في المغرب، محمد كيماوي، أن هناك تلاعبا واستغلالا من قبل الشركات المنتجة للزيوت لقانون حرية الأسعار لمراكمة أرباح طائلة على حساب المواطنين، وسط غياب تدخل الحكومة.
وأوضح كيماوي، في حديث مع "العربي الجديد "، أن الزيادة في أسعار الزيوت طُبقت من قبل جميع الشركات، ما يحيل إلى وجود اتفاق ضمني بينهما؛ وهو أمر يعتبر غير قانوني، ويخالف منطق المنافسة.
ولفت إلى أن الحكومة مطالبة بتعديل القوانين من أجل الحد من تلاعب الشركات بالأسعار. واعتبر أن الزيادة في أسعار الزيوت النباتية خطوة استفزازية لن تكون في صالح الاقتصاد الوطني غير القادر على تحمل اللجوء إلى سلاح المقاطعة كما كان الأمر في عام 2018.
لكن المحلل الاقتصادي المغربي، عبد النبي أبو العرب، رأى في حديث مع "العربي الجديد" أن سياق الدعوة إلى المقاطعة التي حدثت في عام 2018 مختلف بشكل كبير عن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي يعيشها المغرب اليوم بصفة عامة، في ظل نوع من الالتئام الاجتماعي والشعبي خصوصا في ظروف الجائحة.
واستبعد أن يتطور الأمر إلى حملة شعبية شاملة بالنظر إلى أن الزيادة الجديدة معزولة جدا، حيث إن المواد الغذائية والفواكه والخضروات موجودة بوفرة في الأسواق، وكذا تحسن المعطيات الماكرو اقتصادية خاصة مع جودة الموسم الفلاحي بفضل التساقطات المطرية المسجلة إلى حد الساعة.
واعتبر الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة، أكبر حزب معارض، في سؤال وجهه إلى رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، الزيادة في أسعار الزيوت النباتية من دون سابق إنذار "ضربا للقدرة الشرائية للمواطنين، التي وصلت إلى مستوى لا يطاق بسبب الظرفية الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن تداعيات جائحة كورونا"، داعيا إلى اتخاذ التدابير اللازمة لمراجعة هذه الأسعار والتصدي لمثل هذه الممارسات.
وكان المغرب قد عاش انطلاقا من 20 إبريل / نيسان 2018 حملة مقاطعة اقتصادية استهدفت ثلاث شركات كبرى، هي شركة "أفريقيا غاز" للمحروقات، وشركة "سيدي علي" للمياه المعدنية، ثم شركة "سنطرال دانون" للحليب ومشتقاته.
وشكلت المقاطعة بالنسبة للعديد من المغاربة سلاحا جديدا تعجز السلطات عن مواجهته، ووسيلة ضغط من أجل تفعيل رقابة شعبية على سوق الاستهلاك.