سجلت أسعار المنازل في المملكة المتحدة أقوى نمو فصلي لها خلال 15 عاماً بنهاية نوفمبر/تشرين الثاني المنصرم، مدعومة بالطلب على المعروض المحدود من المساكن ومعدلات الرهن العقاري المنخفضة وسوق العمل القوي.
ومنذ ظهور الوباء في مارس/آذار 2020 ودخول المملكة المتحدة في حالة إغلاق لأول مرة، ارتفعت أسعار المنازل بمقدار 34000 جنيه إسترليني، أي ما يعادل 1700 جنيه إسترليني شهرياً.
واستمر ارتفاع أسعار المنازل في المملكة المتحدة ليصل إلى مستوى جديد في أكتوبر/تشرين الأول، حتى مع إنهاء إعفاء رسوم الدمغة، حيث كان من المتوقع أن يتراجع هذا النشاط مع زيادة تكاليف الاقتراض خلال الـ12 شهر المقبلة.
لكن لم يُظهر سوق العقارات سوى القليل من إشارات التباطؤ، مع تسجيل الأسعار مستوى قياسياً جديداً في نوفمبر/تشرين الثاني.
وتراجعت مشتريات العقارات في المملكة المتحدة بنسبة 26% في الربع الثالث من العام، مقارنة بالأشهر الثلاثة السابقة مع انتهاء عطلة رسوم الدمغة الحكومية في سبتمبر/أيلول.
ومع ذلك، وفقاً لأحدث البيانات من "المملكة المتحدة للتمويل" (UK Finance)، كان هذا التراجع لا يزال أعلى بنسبة 10% من مستويات ما قبل الوباء في الفترة ذاتها من عام 2019، وأعلى من عام لآخر.
وأظهرت هذه البيانات أن إجمالي الإقراض لشراء المساكن ارتفع بنسبة 36% على أساس سنوي لكل من المشترين لأول مرة والأشخاص الذين ينتقلون إلى منازلهم.
وبلغ متوسط سعر عقار في المملكة المتحدة رقما قياسيا بلغ 273000 جنيه إسترليني تعادل 321000 يورو الشهر الماضي، وفقاً لمؤشر أسعار المنازل في هاليفاكس، وارتفعت قيمة المنازل بنسبة 1% عن أكتوبر/تشرين الأول.
وبحسب هذا المؤشر، نمت أسعار المبيعات بمعدل سنوي نسبته 8.2% الشهر الماضي، عن الفترة ذاتها من العام الماضي. كذلك إن الزيادة الفصلية البالغة 3.4% كانت الأعلى منذ نهاية عام 2006.
وارتفع سعر المنزل النموذجي الآن بنحو 13000 جنيه إسترليني مما كان عليه في يونيو/حزيران، كما ارتفعت قيمته بمقدار 33816 جنيها إسترلينيا منذ الإغلاق الأول في مارس/آذار من العام الماضي.
وتعدّ ويلز إلى حد بعيد الدولة أو المنطقة الأقوى أداءً في المملكة المتحدة، حيث بلغ معدل التضخم السنوي لأسعار المنازل 14.8%، بينما تواصل لندن التخلف عن بقية مناطق المملكة المتحدة، بعدما راح سكان العاصمة يتطلعون إلى الانتقال إلى أماكن أكبر وأقل ازدحاماً، مدفوعين جزئياً بالتحول إلى العمل من المنزل، ما أدى إلى ارتفاع سعر المنزل في العاصمة بنسبة طفيفة لم تتجاوز 1.1% فقط على أساس سنوي.
ووفق مكتب الإحصاء الوطني، على الرغم من تسجيل لندن أدنى نمو سنوي، إلا أن متوسط أسعار المنازل في لندن لا يزال هو الأعلى تكلفة من أي منطقة في المملكة المتحدة بمتوسط 507000 جنيه إسترليني في سبتمبر/أيلول 2021.
مخاوف من تباطؤ عقاري في بريطانيا
هذا الارتفاع المستمر في سوق الإسكان، أدى إلى إرباك التوقعات، فاستعد قطاع العقارات للتباطؤ بعد أن ألغت الحكومة تدريجاً الإعفاء الضريبي السخي.
هذا الإعفاء الذي أنعش السوق منذ صيف عام 2020 عندما قالت وزارة الخزانة إن أول 500 ألف جنيه إسترليني من أي عملية شراء للعقار ستكون معفاة من الضرائب. وتم تمديد إعفاء رسوم الطوابع حتى نهاية يونيو/حزيران، عندما تم تخفيضه إلى النصف أي 250.000 جنيه إسترليني. وفي أكتوبر/تشرين الأول، عاد الحد الأدنى إلى 125000 جنيه إسترليني.
بيد أن السوق ازدهر أكثر مع بحث العديد من الأشخاص عن عقارات أكبر وبمساحة خارجية أكبر بعيدا عن وسط المدينة. وتجاوزت مستويات المعاملات بالفعل أرقام العام الماضي واقتربت من الأحجام التي شوهدت في عام 2007 قبل اندلاع الأزمة المالية العالمية.
وبحسب مؤشر هاليفاكس، إن نمو الأسعار كان مدفوعا بنقص العقارات المتاحة وسوق عمل قوية والمنافسة الشرسة بين مقرضي الرهن العقاري، ما جعل أسعار الفائدة قريبة من أدنى مستوياتها التاريخية.
وفي السياق، يقول راسل جالي، العضو المنتدب في هاليفاكس، إن المشترين لأول مرة كانوا يرفعون أيضًا الأسعار ودفعوا 9.1% أكثر مقابل عقاراتهم، مقارنة مع 8.8% لأصحاب المنازل الحاليين أثناء التنقل. ويضيف أن سعر الشقق ارتفع بنسبة 10.8% على أساس سنوي، مقابل 6.6% للمنازل المنفصلة، بما يشير إلى تباطؤ السباق على العقارات بحدائق خارجية مقارنة بالمرحلة الأولى من الوباء.
ويتوقع الاقتصاديون أن يهدأ السوق العام المقبل، مع ارتفاع أسعار الفائدة والضرائب وتآكل الدخل المتاح للتضخم.
في المقابل، تتوقّع شركة "كابيتال إيكونوميكس الاستشارية" أن يظل الطلب قويا العام المقبل مع أعلى نمو فصلي في 15 عاما، بما يدل على "الزخم الأساسي على المدى القريب في أسعار المساكن".
وبينما يضيف متحور أوميكرون حالة من عدم اليقين بشأن توقعات سوق العقارات، يقول أندرو ويشارت، الاقتصادي العقاري في "كابيتال إيكونوميكس"، إنه في الواقع يمكن أن يؤدي في النهاية إلى رفع أسعار المنازل. كما يمكن لاستمرار القلق بشأن الفيروس أن يدعم الطلب على المساكن من خلال أسعار فائدة منخفضة لفترة أطول، حيث يواصل الناس البحث عن مساحة أكبر مع تعزيز مدخرات الأسرة.
على صعيد آخر، من المتوقع أن يعلن بنك إنكلترا في 16 ديسمبر/كانون الأول، عما إذا كان سيرفع سعر الفائدة المصرفية الذي يؤثر بشدة على معدلات الاقتراض العقاري من أدنى مستوى تاريخي له حاليًا عند 0.1%. بيد أن ظهور متحور أوميكرون لفيروس كورونا، أدى إلى انقسام الأسواق حول ما إذا كان هذا سيحدث في اجتماع السياسة الأسبوع المقبل.
وعالمياً، ارتفعت أسعار المنازل 9.4% في المتوسط عبر 56 دولة ومنطقة، وفقا لمؤشر نايت فرانك العالمي لأسعار المنازل. وقادت تركيا الطريق من حيث القيمة الاسمية بينما تقدمت كوريا الجنوبية بالقيمة الحقيقية. واحتلت المملكة المتحدة المرتبة 21 من أصل 56 سوقاً، مسجلة 11.8% من النمو السنوي الإسمي و8% بالقيمة الحقيقية المعدلة للتضخم.