حذر عدد من أصحاب المخابز في السودان من بوادر أزمة خبز في الخرطوم والمدن الرئيسة بسبب قرب نفاد مخزوناتهم من الطحين وتوقف شركات المطاحن عن الإنتاج منذ اندلاع الاشتباكات السبت الماضي، فضلا عن استمرار قطع الكهرباء وندرة المياه.
ورصد "العربي الجديد" انتظام صفوف المواطنين أمام بعض المخابز في الأحياء. وقال المواطن فيصل محمود لـ"العربي الجديد" إن الصفوف عادت للانتظام من جديد نتيجة لقلة إنتاج الخبز، مبينا أن أصحاب المخابز يفضلون خفض الكميات اليومية التي ينتجونها حفاظا على الطحين الموجود لديهم من النفاد.
وقال صاحب مخبز في منطقة بحري الهادي دارقيل لـ"العربي الجديد" إن غالبية المخابز بالأسواق والطرق الرئيسية مغلقة بسبب عدم استتباب الأمن فضلا على امتناع العمال عن الإنتاج ما اضطر أصحاب المخابز لإغلاقها إلى حين استقرار الأوضاع الأمنية، لافتا إلى استمرار المخابز في الأحياء المحاذية للعاصمة في إنتاج الخبز ولكن بنصف الطاقة بسبب قلة الطحين ومشكلة المياه والكهرباء، مؤكدا ثبات سعر الرغيف عند جنيه للقطعة.
وشرح المسؤول السابق باتحاد المخابز بدرالدين الجلال لـ"العربي الجديد" معاناة أصحاب المخابز بالمدن الرئيسية في الوصول إلى مخابزهم وتلبية احتياجات المواطنين من هذه السلعة الحيوية والهامة. وقال إنه لم يتمكن من الذهاب إلى مخابزه منذ اندلاع الحرب، مؤكدا أن العديد من المخابز تعمل بالمخزون القديم المتوافر لديها من الطحين، ولن تتمكن من الحصول على دفعات جديدة من الطحين إلا بعد توقف الحرب واستئناف عمل المطاحن. وطالب بضرورة إيقاف الحرب وإعادة خدمتي الكهرباء والمياه حتى يتمكنوا من إنتاج الخبز وتغطية العجز.
وقال صاحب مخبز علي نورين لـ"العربي الجديد" إن هنالك ندرة في الطحين بالمخابز الآلية والبلدية وسط عدم تمكنهم من توفير الحصص المطلوبة بسبب توقف عمل المطاحن، مؤكدا أن إنتاج الخبز لن يستقر إلا بإيقاف الحرب، مشيرا إلى صعوبة ذلك في الوقت الراهن خاصة في ظل شح المياه والوقود والكهرباء.
وشهدت أجزاء واسعة من مدن السودان انفراجا نسبيا في المياه بعودة المحطات الرئيسة للخدمة بالأحياء السكنية عقب الأعطال جراء القصف الذي تعرضت له من قبل قوات الدعم السريع السبت الماضي ما فاقم معاناة المواطنين من العطش وصعوبة الحصول على المياه واضطرار عدد كبير منهم للجوء الى النيل والآبار بالمزارع الأهلية لتوفيرها.
ولاحظ "العربي الجديد" حدوث اصطفاف كبير للمواطنين بالأحياء الطرفية في بحري أمام مناطق وجود المياه ببعض المساجد والمنازل. وروت ربة المنزل خديجة ضو النعيم لـ"العربي الجديد" تضررها هي وأسرتها من شح المياه منذ اندلاع الحرب، وقالت: "لم نتمكن من توفير مياه الشرب لكسر الصيام حتى، فكيف الحال بالنسبة للضروريات الأخرى".
وأشارت إلى صعوبة الحصول على المياه من النيل بسبب بعد المسافة وانعدام الوقود للترحيل وارتفاع تكلفة نقلها بالأجرة لـ20 ألف جنيه للبرميل، فيما قال المواطن خالد عبد القيوم والذي يقطن في الكدرو شمالي بحري لـ"االعربي الجديد" إن الشعب السوداني يعاني الأمرين من شح المياه والكهرباء وويلات الحرب، مبينا أن هنالك تطمينات من المسؤولين بهيئة المياه بقرب عودة الإمداد للأحياء ولكن الواقع يؤكد خلاف ذلك.
من جهته، قال مدير محطة مياه الرئيسة بمدينة بحري مهندس عماد لـ"العربي الجديد" إن اغلب المحطات بالخرطوم وأم درمان عاودت الخدمة باستثناء محطة بحري والتي تأخر إصلاح أعطالها بسبب الحالة الأمنية التي تشهدها البلاد ومشكلة الكهرباء.
وأدت القطوعات في المياه لخروج عدد كبير من المستشفيات الكبرى في الخرطوم عن الخدمة ومراكز غسل الكلى والمخابز والمرافق الخدمية الضرورية الأخرى.
واشار عماد إلى بعض المعالجات لعودة الخدمة تدريجيا إلى منطقة شمال بحري والتي تشمل الكدرو والحلفايا والدروشاب والسامراب، ورصدت متابعات "العربي الجديد" عودة محطات المقرن بالخرطوم والصالحة والمنارة بأم درمان للخدمة.
ووجهت حكومة ولاية الخرطوم برئاسة الوالي المكلف أحمد عثمان حمزة بتأمين القوة العاملة في صيانة الأعطال بمحطات المياه، وشدد حمزة على ضرورة عودة المحطات المتعطلة للخدمة بصورة عاجلة وإجراء معالجة شاملة لموقف مياه الشرب والخدمات الأخرى التي يحتاجها المواطنين.
وقال المحلل الاقتصادي عادل عبد العزيز لـ"العربي الجديد" إن للنزاع في السودان أثر مباشر وسريع على الاقتصاد بسبب اندلاع المعارك العسكرية بقلب الخرطوم المركز التجاري والاقتصادي للبلاد، وتمثل هذا الأثر في انقطاع كبير لخدمات المياه والكهرباء مما أدى لتوقف عدد من المصانع وخروج عدد من المستشفيات عن الخدمة.
ولفت إلى تسبب المعارك في توقف خدمات البنوك وإغلاقها لأبوابها، وتأثر خدماتها الإلكترونية بانقطاع الكهرباء. وأوضح: "في حال استمرار المعارك سوف تتفاقم الآثار الاقتصادية، ذلك لأن استمرار إغلاق المصانع ومرافق الخدمات ستترتب عليه زيادة نسب البطالة وبالتالي زيادة نسب السكان تحت خط الفقر".
وتابع: "كما يترتب على انتقال المعارك لمواقع الإنتاج الزراعي والحيواني بولايات الجزيرة والقضارف ونهر النيل والنيل الأبيض والشمالية توقف الإنتاج مما ينذر بانخفاض الصادرات بصورة مؤثرة وانتشار نقص الغذاء والمجاعة في أجزاء واسعة من البلاد".