أقرت الحكومة الأردنية بصعوبة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وتراجع القدرات الشرائية للمواطنين وتشوه العبء الضريبي وارتفاع البطالة التي ولّدت حالة من الإحباط لدى الشباب، مؤكدة أن الخروج من تلك الحالة يحتاج إلى وقت لإنجاز البرامج الإصلاحية الاقتصادية.
وأكدت الحكومة خلال تقديمها مشروع موازنة الدولة للعام الحالي 2023 أنها تستهدف في خطتها الاقتصادية للسنوات العشر المقبلة زيادة نسب النمو الاقتصادية وتحسين مستويات المعيشة وتعزيز البيئة الجاذبة للاستثمار. وتتضمن رؤية التحديث الاقتصادي توفير مليون فرصة عمل على مدى عشر سنوات بواقع 100 ألف سنوياً من خلال استقطاب استثمارات بحوالى 41 مليار دينار (الدينار = 1.4 دولار) وبرامج التشغيل الأخرى التي تقوم في جزء منها على إحلال العمالة المحلية مكان الوافدة في العديد من القطاعات.
وبينت أن الحكومة في خطاب الموازنة العامة أمام مجلس النواب منتصف الأسبوع الجاري، الذي ألقاه وزير المالية محمد العسعس، لن تقدم على اتخاذ قرارات تجميلية أو تسكينية في الجانب الاقتصادي، وذلك من باب عدم ترحيل الأزمات، بل معالجتها رغم ما تنطوي عليه من تداعيات على واقع المعيشة. وتعهدت الحكومة بمواصلة الجهود للمحافظة على الأمن الغذائي والتصدي لارتفاع الأسعار والاستمرار بتثبيت أسعار الخبز رغم ارتفاع أسعار القمح عالمياً لتخفيف الأعباء عن المواطنين.
وكانت الحكومة قد واجهت انتقادات حادة بسبب ارتفاع الأسعار وإخفاق السياسات الاقتصادية، وتطورت إلى احتجاجات في العديد من المحافظات للمطالبة بتخفيض أسعار المشتقات النفطية، وشهد الأردن على أثرها إضراب الشاحنات ووسائل نقل عام عن العمل لارتفاع الكلف التشغيلية.
ورغم أن الحكومة حاولت من خلال عرضها لبرنامجها المالي توليد حالة إيجابية مسبقاً لدى النواب قبل الشروع بمناقشة مشروع الموازنة، إلا أن ردة الفعل الأولية من قبل عدد من النواب تؤكد أن المناقشات ستكون ساخنة وبمثابة فرصة لمحاسبة الحكومة على عدد من الملفات.
وقال عضو مجلس النواب النائب ضرار الحراسيس لـ"العربي الجديد" إن مشروع الموازنة المقدم من قبل الحكومة يشتمل على كثير من التفاصيل المتعلقة بالأوضاع الاقتصادية وتبريرات لتراجعها خلال السنوات الماضية وربطها بجائحة كورونا وتداعياتها والأزمات العالمية مثل الحرب الروسية في أوكرانية. وأضاف الحراسيس أن تردي الأوضاع الاقتصادية ليس خافياً على أحد، والمطلوب كيفية التعامل معها وتطوير الاقتصاد بالشكل الذي يحسن مستويات المعيشية ويوفر فرص العمل في ضوء ارتفاع البطالة التي تجاوزت 23%، حسب آخر إحصائيات رسمية، وكذلك الحال بالنسبة إلى معدل الفقر المرتفع أيضاً.
وأكد النائب البرلماني أهمية أن تشكل رؤية التحديث الاقتصادي انطلاقة حقيقة وفاعلية ومؤسسية لتحسين الوضع الاقتصادي والتزام تنفيذ الأولويات، حسب ما ورد في برنامجها التنفيذي، على أن يشعر المواطن بثمار الإصلاح والمستهدفات الواردة فيها.
قال النائب صالح العرموطي إن خطاب الموازنة استفزازي إنشائي ورومانسي دون حلول
وشدد على ضرورة مضاعفة الجهود لمحاربة التهرب الضريبي وتحقيق العدالة الضريبية وتخفيف الأعباء عن محدودي الدخل والشرائح الفقيرة من خلال الالتزام التام بعدم رفع أو زيادة الضرائب والأسعار ودراسة تخفيضها قدر المستطاع.
ومن جانبه، قال النائب صالح العرموطي إن خطاب الموازنة استفزازي إنشائي ورومانسي دون حلول، وإن الموازنة الأردنية فيها قهر للرجال والأطفال والنساء، ولم تتضمن أي زيادات على الرواتب.
وفي جلسة عرض الموازنة طالب العرموطي النواب برد قانون الموازنة، مشيراً إلى أنه لم تُبق الحكومة إلا 18% من الموازنة للنقاش حولها، فيما أكدت بخطابها أنها لن تمنح الوعود.
ورصدت الموازنة مبلغ 277 مليون دينار لدعم السلع الغذائية الاستراتيجية في موازنة 2023 بارتفاع مقداره 217 مليون دينار أو ما نسبته 361 بالمائة عن عام 2022. وقدرت النفقات العامة بنحو 11432 مليون دينار بارتفاع مقداره 871 مليون دينار أو ما نسبته 8.2 بالمائة عن مستواها لعام 2022. وعلى صعيد الإيرادات، قدرت الإيرادات المحلية لعام 2023 بمبلغ 8767 مليون دينار بزيادة مقدارها 829 مليون دينار أو ما نسبته 10.4 بالمائة عن مستواها لعام 2022. ويتوقع أن يبلغ عجز الموازنة بعد المنح في عام 2023 حوالى 1862 مليون دينار.