بدأت الحكومة الأردنية التمهيد لقرار مرتقب يقضي برفع أسعار كافة المحروقات اعتباراً من بداية الشهر المقبل، بعدما ثبتت الأسعار لأربعة أشهر في مواجهة ارتدادات الارتفاعات العالمية على السوق المحلي.
ويخشى المواطنون من أن تكون معدلات ارتفاعات الأسعار كبيرة لا سيما أنّ الحكومة أعلنت أنّها تحملت أعباء كبيرة خلال الأشهر الأربعة الماضية حيث أبقت على أسعار المحروقات دون زيادة رغم غلاء النفط الخام والغاز عالمياً.
ومن خلال المقارنات الرقمية تعتبر أسعار المحروقات في الأردن الأعلى في المنطقة، حيث يبلغ سعر صفيحة البنزين (20 لتر) 95 أوكتان حوالي 22 ديناراً وصفيحة البنزين 90 أوكتان بـ17 ديناراً والسولار والكاز 13 ديناراً (الدينار يساوي 1.41 دولار). وتفرض الحكومة ضريبة خاصة على المحروقات تصل على بعض الأصناف إلى 70%، ما يرفع أسعار الوقود لمستوى يفوق مستويات الدول العربية ودول المنطقة بشكل عام.
وقال وزير الطاقة والثروة المعدنية صالح الخرابشة إنّ من الصعب الاستمرار بتثبيت أسعار المحروقات محليا في ظل المستويات العالمية، مشددا على أن الحكومة تراقب مستويات الأسعار العالمية حتى نهاية الشهر الحالي لتحديد التسعيرة الجديدة الخاصة بالشهر المقبل.
وكان رئيس الوزراء بشر الخصاونة قد قال إنّ الحكومة ستعود تدريجياً لتعكس أسعار المحروقات وفق أسعار النفط في السوق العالمية، وبيّن أن كلفة تثبيت أسعار المحروقات على الخزينة خلال شهرين بلغت قرابة 80 مليون دينار، وأضاف أنّ سياسات الدّولة الحصيفة في مجال الطاقة والتوسع في التعاقد طويل الأجل من الغاز الطبيعي جنَّبت الخزينة تحمل كلف تقدَر بحوالي 1.2 مليار دينار في ظلِ الارتفاعات غير المسبوقة في أسعار الطاقة.
ويستورد الأردن كامل احتياجاته من النفط الخام، منها كميات عبر إسرائيل بموجب اتفاق وقع بين الجانبين لمدة 15 عاماً، إذ بدأ ضخ الغاز من الاحتلال الإسرائيلي للجانب الأردني منذ حوالي عامين، فيما يستورد بعض الكميات من مصر أيضاً.
وقال رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب الأردني النائب محمد السعودي، لـ"العربي الجديد"، إنّ هناك بدائل أمام الحكومة لزيادة الإيرادات المحلية وتخفيض عجز الموازنة عوضا عن رفع الأسعار، ومنها إعادة النظر بالنفقات التشغيلية التي يكتنفها الكثير من الهدر وعدم الانضباط، وأضاف أنّه أعد دراسة يمكن أن تساهم بتوفير حوالي 500 مليون دينار من النفقات التشغيلية الخاصة بالمباني الحكومية وإمكانية توفير مبالغ من بنود أخرى دون الحاجة لرفع الأسعار خلال الفترة المقبلة.
قال رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب الأردني النائب محمد السعودي، لـ"العربي الجديد"، إنّ هناك بدائل أمام الحكومة لزيادة الإيرادات المحلية وتخفيض عجز الموازنة عوضا عن رفع الأسعار
وفي سياق متصل، فإنّ الأردنيين على موعد مع قيم جديدة لفواتير الكهرباء في نهاية الشهر الجاري بعد تعديل الأسعار اعتباراً من الشهر الحالي بموجب آلية قالت الحكومة إنها تهدف لتقليل خسائر شركة الكهرباء الوطنية المملوكة لها بالكامل. ورغم أنّ الحكومة تعهدت بدعم عدة فئات من مستهلكي الكهرباء، فإنّ المواطنين لا يثقون باستمرار الدعم، خصوصاً مع تجربتهم السابقة مع دعم الخبز الذي ألغته الحكومة بعد تطبيقه لمدة 3 أعوام فقط.
ويدخل اعتباراً من يوم الجمعة المقبل قرار الحكومة الأردنية برفع أسعار الكهرباء على الشرائح كافة حيز التنفيذ باستثناء المواطنين المسجلين للحصول على الدعم من خلال المنصة التي استحدثتها هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن.
وبموجب التعرفة الكهربائية الجديدة سترتفع أسعار الكهرباء وفقا لما أعلنته الهيئة بشكل كبير وستتضاعف الفواتير الشهرية بين 3 و5 أضعاف إن لم يكن المشترك متقدماً بطلب مسبق للاستفادة من الدعم المقدم إلى العديد من شرائح الاستهلاك.
وتعد هذه الزيادة غير مسبوقة على الكهرباء في الأردن، وجاءت في إطار خطة الحكومة لتخفيض خسائر شركة الكهرباء الوطنية التي تملكها بالكامل، فيما عزا مراقبون القرار إلى ضغوط صندوق النقد الدولي واشتراطاته المتكررة على الحكومة باتخاذ هذه الخطوة لإتمام آخر برنامج للإصلاح الاقتصادي أبرمه معه الجانب الأردني.
وفي هذا الإطار، قال الخبير في قطاع الطاقة النائب موسى هنطش، لـ"العربي الجديد"، إنّ إنفاق المواطن سيشهد ارتفاعاً كبيراً اعتباراً من نهاية الشهر الجاري بسبب ارتفاع أسعار الكهرباء والمحروقات، ما يساهم في ارتفاع نسبة التضخم لمستويات جديدة وضعف القدرات الشرائية.
وأضاف هنطش أنه يفترض عدم عكس الارتفاع العالمي على أسعار النفط الخام على الأسعار محلياً في الفترة المقبلة لا سيما أنّ أكثر من نصف قيمة المحروقات هي عبارة عن ضريبة مفروضة بشكل دائم.