بعد جدل دار لعدة سنوات في الأردن حول تعديلات قانون التنفيذ القضائي، والتي من أهمها الحد من حالات حبس المدين، أعاد مجلس النواب من خلال لجنته القانونية التأكيد على ضرورة معالجة مشكلة ارتفاع عدد المدينين وإيجاد آليات قانونية توازن ما بين مصلحة صاحب الدين والمقترض.
وشرعت اللجنة القانونية في مجلس النواب "الغرفة الأولى للبرلمان" قبل أيام، في مناقشة التعديلات التي أقرتها الحكومة مؤخراً، وتحتاج إلى موافقة البرلمان لتنفيذها، حيث تطابقت على ما يبدو وجهات النظر الحكومية والبرلمانية بشأن الحد من حبس المدين، خاصة مع ارتفاع أعداد المدينين خلال السنوات القليلة الماضية، بسبب الأوضاع الاقتصادية وما نتج عنها من زيادة في معدلات الفقر والبطالة.
وحسب تصريحات وزير العدل الأردني أحمد الزيادات، بلغ عدد المطلوبين للتنفيذ القضائي حتى الأول من شهر إبريل/نيسان الحالي 148 ألف مدين، وأن تعديلات القانون جاءت للحد من حبس المدين.
ووفقاً لتصنيف البنك الدولي، يأتي الأردن من بين 8 اقتصادات نامية في المنطقة التي تظهر فيها بشكل أكبر معدلات الفقر بين السكان هذا العام نتيجة التأثيرات السلبية لجائحة كورونا، متوقعاً أن ترتفع نسبة الفقر في المملكة إلى 27%.
ورسمياً، ارتفعت البطالة إلى حوالي 25%، إذ فقد عشرات الآلاف أعمالهم بسبب جائحة كورونا وتداعياتها. وأكدت الحكومة أن تعديلات القانون نصت على التوسع في حالات عدم الحبس، خاصة الديون التي تقل عن 5 آلاف دينار (الدينار=1.41 دولار).
وكان رئيس الوزراء بشر الخصاونة شكّل، في نهاية عام 2020، لجنة مكونة من 16 عضواً يمثلون الجهات المعنية لمراجعة نصوص قانون التنفيذ رقم 25 لسنة 2007، بحيث تتم معالجة القضايا الإشكالية فيه، بما يحفظ حق الدائن ويراعي ظروف المدين.
ولا تزال نقابة المحامين تبدي تحفظاتها على التعديلات، لأنها من وجهة نظرها تضر بأصحاب الحقوق المترتبة على الغير، إذ إنّ عقوبة الحبس تشكل ضغطاً على المدين لسداد ديونه.
وقال رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب، النائب عبد المنعم العودات، إنّ القانون المعدل يؤسس لبداية مرحلة جديدة نستطيع من خلالها تقريب المسافات والوصول إلى نقطة توازن تضمن حقوق الدائن والمدين وبناء علاقة جديدة بينهما. وأضاف أنّ الظروف الاقتصادية انعكست بشكل مباشر على حياة المواطنين، ما أدى إلى عجز كبير في تسديد الالتزامات.
وقال العودات لـ"العربي الجديد" إنّ التعديلات الجديدة من شأنها أيضاً أن تضمن لصاحب المال الحصول على حقوقه، ومراعاة أوضاع فئة كبيرة من المدينين، نتيجة للظرف الاقتصادي الصعب الذي يعانون منه.
وأضاف أنّه بحكم ارتفاع أعداد المدينين من غير المعقول حبسهم، خصوصاً أنّ غالبية القضايا تتعلق بمبالغ غير مرتفعة وتقل عن 5 آلاف دينار، ويمكن حل الخلاف بين الدائن والمدين بطرق أخرى سليمة.
ووفقاً لبيانات صادرة عن البنك المركزي الأردني، فقد تجاوزت مديونية الأفراد 12 مليار دينار (17 مليار دولار).
لا تزال نقابة المحامين تبدي تحفظاتها على التعديلات، لأنها من وجهة نظرها تضر بأصحاب الحقوق المترتبة على الغير، إذ إنّ عقوبة الحبس تشكل ضغطاً على المدين لسداد ديونه
وأشارت البيانات إلى أنّ عدد المقترضين الأفراد من البنوك بلغ حوالي 1.17 مليون مقترض عام 2020، مقابل 1.16 مليون في نهاية عام 2019، بزيادة 0.9%. وبلغ عدد المقترضين الذكور 81.3% من إجمالي المقترضين في 2020.
وقال الخبير الاقتصادي حسام عايش لـ"العربي الجديد" إنّ الإقبال على الاقتراض من البنوك والمؤسسات المالية ارتفع خلال السنوات القليلة الماضية، بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية بشكل عام، وزيادة متطلبات الإنفاق على الرعاية الصحة والسلع الأساسية، لا سيما مع التداعيات الناتجة عن جائحة كورونا وانكماش الاقتصاد بشكل عام.
وأضاف أنّ إلغاء حبس المدين في حالات معينة، وإن كان يخدم شريحة كبيرة من الأفراد، فإنّه قد ينطوي على سلبيات مستقبلاً، من خلال إحجام الدائنين عن تقديم القروض.