- التحليلات تكشف عن انخفاض تكاليف الشحن مؤخرًا وعدم وجود تغيير كبير في أسعار الواردات العالمية، مما يشير إلى استغلال الشركات للوضع لزيادة الأسعار دون مبررات اقتصادية قوية.
- على الرغم من ارتفاع بعض التكاليف مثل الأجور والطاقة والضرائب، البيانات تُظهر أن تأثيرها على صناعة المواد الغذائية كان أقل مقارنةً بقطاعات أخرى، مما يعزز فكرة استغلال الشركات للظروف لرفع الأسعار بشكل غير مبرر.
تشهد الأسعار في إسرائيل ارتفاعاً مطّرداً على وقع ارتفاع تكاليف الشحن بسبب تحركات الحوثيين في البحر الأحمر، والمقاطعة التركية للاحتلال، إضافة إلى تأثير العدوان على غزة في الاستيراد، إلا أن الشكوك تدور أيضاً حول شركات المواد الغذائية وكبار المستوردين الذين يستغلون الأوضاع لإحداث ارتفاع مضاعف في الأسعار.
يقول موقع "غلوبس" الإسرائيلي إن كل الأسعار في إسرائيل ترتفع تقريباً. في الأيام القليلة الماضية، ارتفعت بنسبة 5% أسعار منتجات الألبان، في حين أعلنت شركات مثل الدبلومات، وكوكا كولا، وتنوفا عن ارتفاع الأسعار بنسبة تصل إلى 25%.
وتقدم الشركات مجموعة كبيرة من الحجج التي تبرر على ما يبدو هذه الارتفاعات، من بينها ارتفاع التكاليف العامة مثل الأجور والكهرباء والضرائب المحلية. ومع ذلك، فإن دراسة عوامل أخرى تثير الشكوك حول ضرورة اتخاذ مثل هذه التدابير في هذا الوقت. وفي بعض الأحيان، حتى ادعاءات الشركات نفسها لا تتطابق مع الواقع على الأرض، بحسب "غلوبس".
الشحن وارتفاع الأسعار في إسرائيل
إحدى المطالبات الرئيسية لشركات المواد الغذائية وكبار المستوردين في إسرائيل تتعلق بتكاليف الشحن، والتي تمثل جزءاً من تكلفة المنتجات المستوردة. ولكن، يكشف تحليل أجراه كبير اقتصاديي الأسواق في بنك هبوعليم، مودي شفرير، أن تكاليف الشحن ارتفعت بالفعل في أكتوبر 2023، في أعقاب تهديدات الحوثيين في اليمن للشحن الإسرائيلي الذي يمر عبر مضيق باب المندب والبحر الأحمر، لكنها انخفضت بشكل كبير في نهاية العام الماضي وأوائل عام 2024.
في الواقع، وفق "غلوبس" انخفضت الأسعار في إسرائيل لمدة ثلاثة عشر أسبوعاً متتالياً. ولكن الأسعار الآن أعلى مما كانت عليه قبل اندلاع حرب غزة مباشرة، لكنها لا تزال كما كانت في نهاية عام 2022.
وإلى جانب تكاليف الشحن، تنشأ بعض الحركة في الأسعار من تقلبات أسعار العملات. وفي هذا الصدد أيضاً، من الصعب العثور على أي مبرر لارتفاع الأسعار، وفق الموقع الإسرائيلي. وكلما كان الشيكل أقوى، زادت القوة الشرائية للمستوردين. الشيكل أضعف مما كان عليه في بداية عام 2023، لكنه ارتفع مقابل الدولار مقارنة ببداية الحرب على غزة.
انخفاض الأسعار عالمياً
ويقول كبير الاقتصاديين في بيت الاستثمار الإسرائيلي ميتاف أليكس زابيجينسكي لـ "غلوبس": "بسبب الطلب القوي، تشعر الشركات بالارتياح لرفع الأسعار في إسرائيل حتى لو لم يكن لذلك أي مبرر اقتصادي". ودرس العوامل العالمية مثل أسعار السلع الأساسية وتكاليف استيراد المنتجات الغذائية والمواد الخام لصناعة الأغذية إلى إسرائيل.
ويتابع: "أسعار الواردات العالمية لم تتغير، ولم يحدث ارتفاع حاد"، على الرغم من أنه يتحوط من تعليقه بالإشارة إلى أن بيانات أسعار الواردات تنشر بتأخير طويل في إسرائيل، ولا توجد حتى الآن بيانات عن أسعار الواردات في الربع الأول.
وعلى المستوى العالمي، البيانات متوفرة، ولم يلاحظ أي ارتفاع. ويقول: "إن أسعار السلع الزراعية الرئيسية، باستثناء البن والكاكاو، والتي انخفضت أسعارها بشكل حاد مؤخراً، هي أقل من مستوياتها في بداية العام. وحتى نهاية عام 2023 (آخر البيانات المعروفة) لم تكن هناك حالات استثنائية ارتفاع أسعار المواد الغذائية المستوردة أو المواد الخام اللازمة للصناعة الغذائية والزراعة".
مطالبة أخرى أثارتها الشركات لتبرير ارتفاع الأسعار وهي ارتفاع الأجور. ارتفعت الأجور بشكل عام في إسرائيل، وارتفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 5.5% في إبريل/ نيسان إلى 5880 شيكلاً شهريّاً. وهذا يؤثر بالفعل على المنتجين المحليين، لكن فحص البيانات يظهر أن شركات الأغذية كانت أقل تأثراً من القطاعات الأخرى.
ويقول زابيزينسكي إن تكاليف العمالة في صناعة المواد الغذائية ارتفعت بأقل من المتوسط في الاقتصاد. "تُظهر إحصاءات الإنتاج الصناعي أن التكلفة الشهرية لوظيفة بأجر في صناعة المواد الغذائية ارتفعت خلال العامين الماضيين بنسبة أقل مما كانت عليه في الصناعة بشكل عام (9% مقابل 15%)، ولم يكن هناك طلب غير عادي على الغذاء".
هناك عاملان يقول زابيزينسكي يبرران ارتفاع الأسعار هما الطاقة والضرائب، "لقد ارتفعت الطاقة والضرائب في الآونة الأخيرة. ومع ذلك، فإن هذه الارتفاعات لا تفسر الارتفاع الحاد في الأسعار، على الرغم من أنها تؤثر على أرباح المستوردين". ويضيف: "أعتقد أن تجار التجزئة يستغلون الفرصة ويرفعون أسعار مختلف المنتجات المستوردة".