تترقب الأسواق العالمية موجة جديدة من قرارات البنوك المركزية الرئيسة في العالم لخفض أسعار الفائدة في اجتماعاتها التي ستأتي عقب انتخابات الرئاسة الأميركية المقررة يوم الثلاثاء المقبل. ووفقاً لوكالة بلومبيرغ الأميركية، السبت، فإن بنك الاحتياط الفيدرالي (المركزي الأميركي) وبنك إنكلترا (المركزي البريطاني) والبنك المركزي السويدي ستتجه إلى خفض أسعار الفائدة في اجتماعاتها خلال الأسبوع الجاري، بينما من المتوقع أن ترفع البرازيل أسعار الفائدة بشكل كبير.
وستحدد البنوك المركزية في الدول الغنية والمسؤولة تكاليف الاقتراض في اجتماعاتها، الخميس المقبل، والتي ستأتي بعد يومين من انتخابات الرئاسة الأميركية، متمسكة بأي يقينيات يمكنها تمييزها بشأن المسار المحتمل للسياسة الأميركية على مدى السنوات الأربع المقبلة.
ومع اقتراب موعد الانتخابات الأميركية في الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني، قد يجد المسؤولون الماليون من واشنطن إلى لندن أنفسهم في حالة من الترقب، حتى بغض النظر عن الانتخابات، فقد أعرب صناع السياسات في الولايات المتحدة بالفعل عن رغبتهم في المضي قدماً بوتيرة أكثر تدرجاً في خفض أسعار الفائدة، بعد خفضها بنصف نقطة مئوية في سبتمبر/أيلول. ويتوقع خبراء الاقتصاد على نطاق واسع تحركاً بربع نقطة مئوية يوم الخميس، يليه تحرك آخر في ديسمبر/كانون الأول، وقد ازداد اقتناعهم بعد أن أظهرت البيانات يوم الجمعة أضعف وتيرة توظيف منذ عام 2020.
ويحاول مسؤولو المركزي الأميركي الابتعاد عن السياسة، ومع ذلك فقد أطلقوا دورة خفض أسعار الفائدة قبل المرحلة الأخيرة من الانتخابات التي قد تتوقف نتيجتها على شعور الناخبين تجاه الاقتصاد. وفي حين تشير التوقعات إلى تأكيد رئيس المركزي الأميركي جيروم باول أن الظروف الحالية تبرر سياسة أقل تقييداً عندما يتحدث بعد القرار، فإنه وزملاءه ما زالوا يخاطرون بردات فعل سياسية عنيفة.
كما تواجه البنوك المركزية في مناطق أخرى من العالم مجموعة من المخاطر تتراوح من تباطؤ النمو الاقتصادي إلى التضخم المستمر، حتى قبل أن تفكر في نوع الضربة التي قد يفرضها الرئيس الأميركي السابق والمرشح الحالي دونالد ترامب على التجارة العالمية فعلياً. وبينما من المرجح أن يبقي البنك المركزي الأسترالي على تكاليف الاقتراض معلقة مرة أخرى في قرار يوم الثلاثاء، قبل ساعات من فتح صناديق الاقتراع في الولايات المتحدة، فإن بنوكاً مركزية أخرى على استعداد للتحرك، حيث من المتوقع أن يخفض مسؤولو البنوك المركزية في بريطانيا والسويد والتشيك وأماكن أخرى أسعار الفائدة في قرارات بعد يوم الانتخابات، بينما يتوقع أن يخالف البنك المركزي البرازيلي الاتجاه ويرفع أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية.
توقعات خفض أسعار الفائدة عالمياً
في ظل هذا التقارب الشديد في السباق الرئاسي، ربما يحتاج صناع السياسات في البنوك المركزية الذين يحددون أسعار الفائدة وتكاليف الاقتراض في اجتماعاتهم المرتقبة خلال الأيام المقبلة، إلى الاستعداد لانتظار طويل حتى يجري التوصل إلى نتيجة محسومة للانتخابات الأميركية.
وفي بريطانيا، توقع 49 خبيراً في استطلاع لوكالة بلومبيرغ، أن يقوم بنك إنكلترا بخفض أسعار الفائدة بمقدار 0.25% في اجتماعه المقرر الخميس المقبل. يأتي بعد خطط الاقتراض والإنفاق الأعلى التي جرى الكشف عنها في ميزانية حكومة حزب العمال والتي دفعت تكاليف الاقتراض في المملكة المتحدة إلى أعلى مستوياتها في عام. وفي السويد، يتوقع أن يقرر البنك المركزي خفض أسعار الفائدة 0.5% إلى 2.75% الخميس المقبل، بعدما أظهرت بيانات اقتصادية رسمية انكماش الاقتصاد في الربع الثالث من عام 2024، بينما انخفض معدل التضخم لأقل من 2%.
وفي منطقة اليورو، من المرجح أن تثبت البيانات الصناعية أهميتها، مع جدولة الأرقام من فرنسا وألمانيا وإيطاليا. ومن المقرر أن يتحدث العديد من صناع السياسات، بما في ذلك رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، ونائب الرئيس لويس دي جويندوس، وكبير الاقتصاديين فيليب لين. ومن المرجح أن تظهر البيانات التركية غداً الاثنين، انخفاض التضخم قليلاً في أكتوبر/تشرين الأول، إلى 48%. ويهدف البنك المركزي إلى إبطائه إلى نطاق 38% إلى 42% بحلول نهاية العام، مما يسمح له بالبدء في خفض المعدل من مستواه الحالي البالغ 50%.
وتوقع بنك قطر الوطني "QNB" في تقريره الأسبوعي، أمس، أن تدفع الأوضاع النقدية التقييدية وركود النشاط والمخاطر السلبية التي تهدد النمو الاقتصادي، في سياق انخفاض التضخم، البنك المركزي الأوروبي إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 150 نقطة أساس بحلول منتصف عام 2025، ليصل سعر الفائدة الأساسي على الودائع إلى 1.75%. وقال التقرير إنه في أقل من عام ونصف العام، أدت سلسلة قياسية من عشر زيادات متتالية في أسعار الفائدة إلى ارتفاع سعر الفائدة على الودائع إلى 4%، وهي أعلى نقطة تاريخية له.
وبفضل عودة سلسلة التوريد إلى طبيعتها والسياسة النقدية المتشددة، كُبح التضخم، فقد جرى تخفيضه من ذروته البالغة 10.6% إلى أقل من النسبة المستهدفة من قبل البنك المركزي والتي تبلغ 2%. ورأى التقرير أنه مع بقاء التضخم تحت السيطرة، بدأ البنك المركزي الأوروبي مرحلة جديدة من تخفيضات أسعار الفائدة في يونيو/حزيران الماضي، ليصل سعر الفائدة على الودائع إلى 3.25%.