يراقب تجار النفط والمشتقات البترولية في أسواق الطاقة الكبرى بحذر اجتماع منظمة الدول المصدرة للنفط" أوبك" وحلفائها يوم الخميس المقبل والنتائج المتوقعة بشأن زيادة الإنتاج المرتقبة، وسط الارتفاع السريع في الطلب العالمي على المشتقات الذي دفع الخامات النفطية إلى مستويات سعرية لم تشهدها منذ سنوات.
ويتجه خام برنت بسرعة نحو بلوغ 80 دولاراً للبرميل بعد اختراقه حاجز 75 دولاراً ومواصلة التحليق فوق 76 دولاراً، أمس الإثنين.
ويتوقع محللون أن يمنح اجتماع الخميس الاقتصادات الكبرى والتجار مساراً لخطط "أوبك +" بشأن المعروض النفطي المتوقع في أغسطس/ آب المقبل، وربما بقية شهور السنة.
وتواجه "أوبك" منذ شهور ضغوطاً من قبل الاقتصادات الكبرى المستهلكة للنفط وتطالبها بضرورة زيادة المعروض لخفض الأسعار التي باتت ترفع معدل التضخم وتهدد دورة الانتعاش العالمي الوليدة بعد الخروج التدريجي من جائحة كورونا.
يتجه خام برنت بسرعة نحو بلوغ 80 دولاراً للبرميل بعد اختراقه حاجز 75 دولاراً ومواصلة التحليق فوق 76 دولاراً، يوم الإثنين
الهند تعاني من التفشي الواسع لجائحة كورونا، والولايات المتحدة قلقة من ارتفاع التضخم الذي بلغ 5% في مايو/ أيار الماضي، وسط الزيادة الكبيرة في أسعار الغازولين والمشتقات في الصناعة والسفر.
وبشأن زيادة الإنتاج، يتوقع مصرف "آي إن زد" النيوزيلندي في مذكرة أن ترفع "أوبك+" سقف الإنتاج بنحو 500 ألف برميل يومياً في أغسطس.
وتوافقه في ذلك الرئيسة التنفيذية لشركة " فاندا إنسايتس" الأميركية، فاندانا هاري، التي قالت في مذكرة إنّ "أوبك تتجه لإضافة 500 ألف برميل يومياً لسقف الإنتاج لشهر أغسطس في هذا الاجتماع".
لكنّ هاري ترى أنّ هذا الرقم لن يكفي لتغطية النقص في المعروض العالمي مقارنة بالطلب المتوقع خلال الصيف الجاري.
وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن أسواق العالم بحاجة إلى خامات نفطية إضافية بمقدار 4.6 ملايين برميل يومياً خلال الربع الثالث بين بداية يوليو/ تموز ونهاية سبتمبر/ أيلول المقبلين، فوق سقف الإنتاج الذي اتفقت عليه المنظمة ليوليو المقبل.
وفي المقابل يتوقع المصرف الاستثماري النيوزيلدني "آي إن زد" في المذكرة، ارتفاع الطلب العالمي على الخامات النفطية بنحو 4.7 ملايين برميل يومياً في الربع الثالث من العام الجاري. وكانت المنظمة وحلفاؤها قد رفعوا سقف الإنتاج بنحو 1.5 مليون برميل يومياً خلال العام الجاري.
ويشهد العالم حالياً ارتفاعاً كبيراً في الطلب على الغازولين، إذ يشير المصرف النيوزيلندي في مذكرته إلى ارتفاع الطلب في أميركا إلى أعلى مستوياته، إذ بلغ الطلب المستويات التي كان عليها في عام 2019 قبل تفشي الجائحة، وكذلك ارتفع الطلب في ألمانيا.
ويبلغ الطلب في الصين على الغازولين 9.5 ملايين برميل يومياً خلال الصيف الجاري، وهذه هي الاقتصادات الكبرى المستهلكة للمشتقات النفطية في العالم إلى جانب اليابان والهند، تحكي قصة تعطش الأسواق لمزيد من النفط.
لكن، على الرغم من العوامل التي تدعم احتمال رفع " أوبك+" لسقف الإنتاج بمستويات فوق مليون برميل يومياً، يرى محللون أنّ المنظمة البترولية ستكون حذرة في سياسة زيادة رفع المعروض النفطي، وذلك بسبب التحديات العديدة التي تواجه النمو الاقتصادي العالمي.
ويرى محللون أنّ المنظمة البترولية، مع حلفائها، تواجه خمسة تحديات في اجتماع الخميس المقبل بشأن قراءة السوق النفطي وتحديد كمية الزيادة في سقف الإنتاج التي ستقررها، وهذه التحديات هي، انتشار مشتق دلتا من فيروس كورونا من الهند إلى أوروبا وآسيا، وهو عامل بات يهدد بتأجيل دورة الانتعاش الاقتصادي للدول التي بدأت الخروج التدريجي من الإغلاق وتقييد الحركة. والعامل الثاني هو عودة النفط الصخري للاستثمار وبقوة في الكشوفات النفطية.
العامل الثالث، ضغوط الصين على الشركات الحكومية لخفض الواردات النفطية بسبب الفائض الكبير في سوق المشتقات وتراجع هامش أرباح المصافي.
والعامل الرابع احتمال عودة إيران إلى السوق النفطي خلال العام الجاري. والخامس يتعلق بالضغوط التي تواجهها المنظمة من الولايات المتحدة ومستهلكين كبار في آسيا من بينهم الهند.
على صعيد جائحة كورونا، تشير نشرة "إس أند بي غلوبال إنتيليجنس" الأميركية، إلى أنّ محللي الطاقة والمضاربين على عقود النفط الآجلة باتوا يتخوفون من تداعيات مشتق دلتا من الفيروس على السوق النفطية، إذ بات ينتشر بسرعة في بريطانيا وأستراليا ودول أوروبية عدة.
وعلى صعيد النفط الإيراني، من المتوقع أن تضع "أوبك +" في قراراتها احتمال دخول النفط الإيراني إلى الأسواق خلال العام الجاري في حال إلغاء العقوبات الأميركية والتوصل لاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني.
في هذا الشأن، يتوقع محللو نشرة "إس أند بي غلوبال" في تحليلهم أمس الإثنين، أن تتمكن الولايات المتحدة من عقد اتفاق نووي جديد مع إيران بحلول سبتمبر المقبل، وأن يقود ذلك إلى تخفيف الحظر النفطي المشدد، وبالتالي ارتفاع صادرات الخام والمكثفات النفطية الإيرانية إلى 1.5 مليون برميل يومياً بحلول ديسمبر/ كانون الأول المقبل، من مستوياتها الحالية البالغة 600 ألف برميل يومياً.
لكن، في المقابل، يعتقد خبراء أنّ إدارة بايدن تعمل على إدراج شرطين في المفاوضات النووية مع طهران، ربما يعرقلان الاتفاق النووي، أحدهما خاص بالصواريخ الإيرانية والآخر بعلاقات إيران مع جيرانها، خصوصاً سورية والعراق ودول الخليج.
وحتى الآن يرفض الرئيس الجديد إبراهيم رئيسي مثل هذه الشروط، حسب ما ذكر مستشاره النفطي، الأسبوع الماضي.
تتوقع وكالة الطاقة الدولية أنّ العالم بحاجة إلى خامات نفطية إضافية بمقدار 4.6 ملايين برميل يومياً خلال الربع الثالث فوق سقف الإنتاج الذي اتفقت عليه المنظمة لشهر يوليو
وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أنّ العالم بحاجة إلى خامات نفطية إضافية بمقدار 4.6 ملايين برميل يومياً خلال الربع الثالث بين بداية يوليو حتى نهاية سبتمبر فوق سقف الإنتاج الذي اتفقت عليه المنظمة لشهر يوليو المقبل. وبالتالي ربما يخفف ذلك من تأثير دخول النفط الإيراني المحتمل على أسعار النفط المرتفعة.
ومن ناحية مخاطر النفط الصخري وشركات النفط العالمية الكبرى المستقلة على نفط "أوبك" تقول شركة "رايستاد" النرويجية في تقريرها الصادر يوم 23 يونيو/ حزيران الجاري، إنّ مسرح الكشوفات والتنقيب النفطي العالمي عاد للنشاط بقوة، خاصة في الولايات المتحدة.
وتتوقع الشركة النرويجية في تقريرها أن تستثمر شركات النفط الصخري نحو 60 مليار دولار في الصناعة النفطية خلال العام الجاري. وتعمل شركات النفط الأميركية الكبرى على مقاومة سياسات بايدن البيئية التي تحد من الكشوفات والتنقيب وتنفق بسخاء على "اللوبيات السياسية في واشنطن".
ولدى شركات النفط العالمية الكبرى سيولة نقدية ضخمة جاهزة للاستثمار. وتقدر شركة "رايستاد" أن تتمكن شركات النفط العالمية بما في ذلك شركات النفط الصخري من مراكمة سيولة نقدية قد تبلغ 343 مليار دولار خلال العام الجاري.
وهذه السيولة هي الأعلى التي تحققها الشركات النفطية غير الحكومية منذ عام 2008 الذي ارتفعت فيه السيولة الدولارية لديها إلى 311 مليار دولار.
من جانبها تتوقع وكالة "بلومبيرغ" أن تبلغ إيرادات شركات النفط العالمية نصف تريليون دولار خلال العام الجاري. كما تتوقع الوكالة أن تتمكن شركات النفط الصخري من جمع تدفقات نقدية تقدر بنحو 30 مليار دولار، وبالتالي تتمكن من تغطية جزء من خسائرها المقدرة بنحو 300 مليار دولار خلال السنوات الماضية.
أما بالنسبة للطلب الصيني، فقالت نشرة "أويل برايس" الأميركية، إنّ تراجع هامش ربح المصافي في الصين من 1.65 دولار للبرميل في إبريل/ نيسان الماضي إلى نحو 3 سنتات في منتصف مايو الماضي، أدى إلى ضغوط حكومية ضدها.
وكانت بكين قد ضغطت على شركات النفط الحكومية الكبرى في مايو الماضي وطالبتها بإرسال بياناتها حول استخدامات النفط الخام الذي تستورده لتخفيض الفائض الضخم في سوق المشتقات وإغلاق ثغرات الضرائب التي كانت تستغلها في السابق.