الأمن السوري يوقف ويغرّم تجاراً بسبب كلمة "دولار" في محادثاتهم على واتساب

10 يونيو 2024
قيود على تعامل السوريين بالدولار، دمشق 21 سبتمبر 2005 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- في حملة أمنية بدمشق، تم استهداف تجار بتهمة التعامل بالدولار، مع تفتيش الهواتف وابتزاز مالي دون إيصالات رسمية.
- التجار يواجهون اعتقالات وضغوطًا بناءً على اشتباه في التعامل بالدولار، مع استخدام أساليب متقدمة لاسترجاع المحادثات كدليل اتهام.
- القانون يحظر التعامل بغير الليرة مع عقوبات قاسية، لكن الاقتصاد يعاني من تدهور، والسلطات تبتز التجار، مما يفاقم الوضع الاقتصادي والمعيشي.

طاولت حملات نفذها فرع الأمن السوري الجنائي بدمشق، قبل يومين، العديد من التجار السوريين في العاصمة بتهمة التعامل بالدولار، بناءً على تقارير ووشايات كيدية، هدفها التربح والبلطجة على حساب أشخاص ينظر إليهم على أنهم من الطبقة الغنية في البلاد، حتى أصبح مجرد النطق بكلمة "دولار" معرضاً سلامة المواطنين وحريتهم للخطر.

مصدر مطلع في دمشق قال لـ"العربي الجديد" إن الدوريات التي أرسلها فرع الأمن الجنائي التابع للنظام السوري مشكلة من عناصر من فروع أمنية مختلفة. وأشار المصدر إلى أن الدوريات قامت بتفتيش جوالات التجار السوريين بعد توقيفهم بحثاً عن كلمات "دولار" ضمن محادثات الواتساب، زاعماً أنه تم ابتزاز التجار على مبالغ مالية كبيرة تحت اسم "الغرامات" دون أن يتم منحهم أية إيصالات أو سندات دفع.

وأكد التاجر الدمشقي "محمد.س" الذي فضل تجهيل كنيته لأسباب أمنية، ما جاء على لسان المصدر، مدعياً أن أحد أصدقائه التجار من منطقة  الحلبوني اعتقل بتهمة التعامل بالدولار على الرغم من عدم صحة التهمة، وأن المسألة لا تتعدى سؤالا لولده المهاجر في الولايات المتحدة الأميركية حول راتبه. وأردف أن الأمن أفرج عن صديقه بعد أن ابتزه بمبلغ تجاوز الثمانين مليون ليرة سورية، مقابل إطلاق سراحه.

مصدر من فرع الأمن الجنائي بدمشق أوضح لـ"العربي الجديد" الآلية التي تستخدمها الجنائية للبحث داخل تطبيق الواتساب، حيث أشار إلى أنها توظف مختصاً في التطبيقات يقوم باستعادة المحادثات حتى 3 سنوات مضت. ويقول المصدر إن اللجنة تقوم بالبحث عن كلمة "دولار"، دون التمحيص أو الالتفات لسياق ذكرها إن كان بقصد التعامل أو شيء آخر، لتقوم بعدها بابتزازهم مقابل إطلاق سراحهم، دون تحويلهم إلى القضاء المختص.

وفي حادثة أخرى تم اعتقال تاجر في مدينة دمشق يعمل بتجارة مواد الراتنجات (مواد أولية للدهانات) على إثر مكالمة هاتفية ورد من ضمنها كلمة الدولار، رغم أن التاجر بعد أن سأله الزبون عن قيمة السلعة بالدولار قام بإغلاق الهاتف. ويقول أحد المقربين من التاجر المذكور لـ"العربي الجديد" إن قريبه بقي في السجن لأكثر من خمسة عشر يوماً حتى تم جمع مبلغ مائة مليون ليرة لإخراجه من سجنه.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

 وكان القانون السوري قد أكد في المرسوم رقم 5 لعام 2024 على منع التعامل بغير الليرة السورية كوسيلة للدفع أو لأي نوع من أنواع التداول التجاري، محددا عقوبات تطاول المخالفين، منها السجن الذي قد يصل لسبع سنوات، أو التسوية ودفع الغرامات بعد المحاكمة الرسمية. كما سمح القانون السوري للشخص بحيازة مبلغ 10 آلاف دولار من دون التصريح عنه، بشرط ألا يستخدم في التداولات التجارية.

وتعاني مناطق سيطرة  النظام في سورية من  تردي الوضع الاقتصادي والمعيشي وإحجام أصحاب رؤوس الأموال عن الاستثمار فيها خوفا من الملاحقات الأمنية والجمركية، فيما تقوم السلطات بابتزاز التجار المستثمرين وإجبارهم على دفع الرشى مقابل الحفاظ على سمعتهم وتجارتهم.

وكان المكتب الاقتصادي الذي أنشأته أسماء الأخرس زوجة الرئيس السوري، هو المسؤول عن ملاحقة التجار وابتزازهم، وساهم في إخراج المئات منهم إلى خارج البلاد. وأودع العشرات من التجار في السجون قبل أن يدفعوا إتاوات كبيرة وصلت إلى مليار ونصف المليار ليرة ثمناً لحريتهم. لكن الآلية الجديدة لم تتضح بعد أن أزيحت الأخرس عن مكانها بحجة المرض.

المساهمون