- الاستثمارات الأجنبية، التي تراجعت حتى منتصف 2022، عادت للارتفاع بشكل ملحوظ بفضل الاتفاقيات الدولية ورفع أسعار الفائدة، ما يدل على تغير كبير في المعنويات تجاه الاقتصاد.
- الزيادة في الاستثمارات الأجنبية تساعد في خفض التكلفة المالية للحكومة المصرية لكن تحمل مخاطر بسبب طبيعتها المتقلبة، مما يستدعي الحذر من الاعتماد المفرط عليها.
قال مصرفيون إنّ مستثمرين أجانب ضخوا مليارات الدولارات في أذون خزانة مصر منذ إعلان القاهرة عن اتفاق دعم مالي بقيمة ثمانية مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي في السادس من مارس / آذار.
وجاء الإعلان عن الاتفاق في أعقاب صفقة استثمارية كبرى بقيمة 35 مليار دولار عقدتها مصر مع دولة الإمارات، كما تزامن مع انخفاض حاد في قيمة الجنيه وقرار للبنك المركزي برفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة 600 نقطة أساس، ما مكن المالية العامة المتعثرة من التقاط أنفاسها.
وعزف المستثمرون الأجانب عن أذون وسندات الخزانة المصرية في أواخر عام 2021 بسبب القلق إزاء المغالاة في قيمة العملة والخوف من عدم قدرة الحكومة على السداد. وعرف هذا النوع من الاستثمارات باسم "الأموال الساخنة"، لسهولة تحركها بين الأسواق المختلفة بحثاً عن العائد الأعلى والابتعاد عن المخاطر.
وبصورة عامة، يطلق اسم "الأموال الساخنة" على الاستثمارات قصيرة الأجل، التي تكون عادة في شكل سندات حكومية أو أدوات الدين، ويجرى تحويلها بصورة خاطفة بين البلدان بحثًا عن أعلى عائد ممكن. وتبقى الأموال الساخنة في أي بلد لفترات قصيرة، عادةً ما تكون بضعة أشهر، أو سنوات قليلة، حيث تُحوّل إلى عملات أخرى أو استثمارات أخرى مع تغير الظروف.
وتراجعت استثمارات المَحافظ، أو الأموال الساخنة، التي كانت مصدراً مهماً للدولار بالنسبة لمصر، لكنها عرضة للصدمات، بواقع 20.98 مليار دولار في عام حتى نهاية يونيو/ حزيران 2022 وتراجعت 3.77 مليارات دولار أخرى في العام التالي، وفقاً لبيانات ميزان المدفوعات من البنك المركزي.
وقال مصرفيون ومحللون إنّ اتفاق مصر مع صندوق النقد الدولي والدعم المالي الآخر تسببا منذ ذلك الحين في تحول المعنويات. وقال جيمس سوانستون من "كابيتال إيكونوميكس": "كانت السندات المحلية المصرية تُتداول بعوائد مرتفعة للغاية، ولا تزال في ظل توفير صندوق النقد الدولي واتفاق الدعم الثنائي الآخر الثقة في عدم التخلف في سداد الديون السيادية".
وأشارت تقديرات أحد كبار المصرفيين، الأسبوع الماضي، إلى أن المستثمرين الأجانب اشتروا أذون وسندات خزانة بقيمة خمسة مليارات دولار من خلال السوق الأولية و9.5 مليارات دولار أخرى من السوق الثانوية عبر مستثمرين. وقدر تقرير ثان إجمالي الاستثمارات الأجنبية في السوقين بما يتراوح بين 11 و12 مليار دولار حتى يوم الاثنين.
وارتفعت استثمارات المحافظ بجميع آجال الاستحقاق بمقدار 228.8 مليون دولار فقط في الأشهر الستة الأخيرة من عام 2023، وفقاً لبيانات البنك المركزي الصادرة يوم الاثنين.
وحتى 31 نوفمبر/ تشرين الثاني، وهي أحدث بيانات متاحة للبنك المركزي، اشترى المستثمرون الأجانب أذون خزانة بقيمة 389.7 مليار جنيه بآجال استحقاق عام أو أقل، وهو ما يعادل نحو 12.6 مليار دولار بسعر الصرف الرسمي في ذلك الوقت.
ويساعد إقبال المستثمرين الأجانب في خفض التكلفة المرتفعة التي تتحملها الحكومة لتمويل عجز الميزانية، ويمكن أن يساعد في سد الفجوة حتى يصل المزيد من الدعم حسب التعهدات في الشهرين إلى ثلاثة أشهر المقبلة. وأبلغت مصر صندوق النقد العام الماضي أنها ستعمل على تطوير أدوات دين بأسعار فائدة متغيرة وآجال أطول.
وبعد الاتفاق مع الصندوق في السادس من مارس/ آذار، قفز متوسط العائد على أذون الخزانة لأجل عام واحد إلى 32.30% من 29.91% بعد زيادة أسعار الفائدة 600 نقطة أساس. لكن الطلب الدولي المتزايد منذ ذلك الحين أدى إلى انخفاضه إلى 25.75%. وقال أحد المتعاملين في البنوك المصرية إن تدفق الأموال الأجنبية كان هائلاً لدرجة أنه "خرب السوق على اللاعبين المحليين".
ووفقاً لبيانات وزارة المالية، شكلت مدفوعات الفائدة ما يقرب من 55% من إجمالي الإنفاق الحكومي في الأشهر الثمانية حتى نهاية فبراير/ شباط ارتفاعاً من 41% فقط قبل عام. وقال سوانستون: "على صناع السياسات توخي الحذر حتى لا يعتمدوا بشكل مفرط على ما يسمى بتدفقات ‘الأموال الساخنة‘ التي تجعل مصر عرضة للتوقف المفاجئ لتدفقات رأس المال أو خروجها".
(رويترز، العربي الجديد)