يشكّل النقص في العمالة الماهرة ضغطاً على الاقتصاد الألماني، الأمر الذي دفع العديد من الشركات إلى اعتماد مسار جديد يتكل على نموذج التوظيف الخارجي لإنجاز الأعمال. هذا في وقت تلغي قطاعات مختلفة العديد من الوظائف مع إعادة الهيكلة للعمليات التنظيمية التي تتطلب مهارات مغايرة.
وفي هذا الإطار، بينت شبكة "إيه آر دي" الإخبارية، أن الشركات في ألمانيا تستجيب بقوة لهذه النماذج في ظل الصعوبات بالحصول على خدمات موظفين جدد من أصحاب القدرات والمؤهلات العالية، خاصة في تطوير خدمات البرمجيات.
مدير معهد سوق العمل والبحوث المهنية بيرند فيتسنبيرغر، في ردّ على سؤال للشبكة عينها عما إذا كانت هذه النماذج ستشكل سابقة في الاقتصاد الألماني قال إن ذلك جيد للغاية عندما يتعلق الأمر بالموظفين المهرة الذين يتحدثون الإنكليزية، وبالأخص في مجال تكنولوجيا المعلومات أو على سبيل المثال في صناعة النشر، حيث يمكن الاستعانة أيضا بمصادر خارجية في المهام الرقمية وإتمام العمل من المنزل.
بالإضافة إلى ذلك، أشار فيتسنبيرغر إلى أن نقل الأعمال إلى الخارج يساعد في توفير التكاليف لأن الأجور أقل في العديد من البلدان مقارنة بألمانيا، مبرزا أن العديد من الشركات تكون بحاجة للموظفين لفترة محدودة فقط، ومن أجل إنجاز مشاريع معينة، ولهذا السبب يتم توظيفهم كمستقلين، ولا يحصلون على رواتب إلا عند الحاجة لخدماتهم، وقبل كل شيء تبقى تكاليف الموظفين قابلة للإدارة وتحديد الأتعاب، مبينا أن شركات البرمجيات الألمانية تقوم بتعيين موظفين من الهند عادة يعملون لمصلحتها بشكل دائم أو كموظفين مستقلين.
ورجح مدير المعهد أن يزداد هذا التوجه في المستقبل، قبل أن يوضح أن هذا النموذج مناسب فقط لبعض القطاعات في الاقتصاد الألماني ولا يمكن اعتماده في كل صناعة أو مهنة، ولا ينطبق على سبيل المثال على قطاع التمريض أو البناء والمقاولات، حيث العديد من الوظائف شاغرة، وبالتالي "تبقى علينا مواصلة التركيز على جذب الموظفين في الداخل ومن الخارج".
وبخصوص إلغاء شركات رائدة لآلاف الوظائف بينها شركات مثل "باير" و"أس أيه بي" رغم نقص الموظفين في البلاد، اعتبر أن ذلك يعود لكون نماذج الأعمال القديمة لم تعد تتوافق مع التطور والابتكارالحاصلين مع التحول الرقمي الذي يُعتبر العامل الأكثر تأثيرا في تغيير الطريقة التي يتم بها الإنتاج في الاقتصاد الألماني.
وبحسب الشبكة عينها، فإن هذا الواقع يتطلب من الشركات وحتى الصناعات بأكملها أن تتفاعل معها إذا أرادت أن تظل قادرة على المنافسة.
تحديات الاقتصاد الألماني
وقالت مديرة معهد التوظيف وقابلية التوظيف في لودفيغسهافن، جوتا رامب، في وقت سابق من هذا الأسبوع في مقابلة مع ايه اردي، إن عالم الأعمال بات أسرع وأكثر تعقيدا، مشيرة إلى أن التغيير هو القاعدة.
واعتبر أنزو ويبرمن من معهد سوق العمل والبحوث المهنية، أن وضع الاقتصاد الألماني سيصبح أسوأ مع تقاعد ما يسمى "جيل طفرة المواليد" في السنوات المقبلة، مفيدا بأنه "سيكون لدينا 7 ملايين عامل أقل بحلول عام 2035، إذا لم يكن هناك تعويض عن النقص الموجود". وتابع أن "ما يجعل الوضع أكثر تعقيدا هو أن متطلبات الشركات للموظفين الجدد ومؤهلات الباحثين عن العمل لا تتطابق في كثير من الأحيان، بعدما بتنا أمام مجالات عمل جديدة تماما مثل الطاقة المتجددة أو تكنولوجيا الهيدروجين والرقمنة والذكاء الاصطناعي".