تراجعت العملة التركية، ظهر اليوم الاثنين، بشكل طفيف أمام العملات الأجنبية، وزاد سعر الدولار في سوق الصرف عن 21.5 ليرة، وارتفع سعر العملة الأميركية، لأول مرة، في المصارف الحكومية والخاصة، إلى أكثر من 20 ليرة، إذ تشتري المصارف اليوم الليرة بسعر 21.1 ليرة للدولار، وتبيعها بسعر 20.8 ليرة للدولار.
وقال فراس شعبو، أستاذ المالية بجامعة باشاك شهير، أن فترة مخاوف نتائج الانتخابات الرئاسية التي ستشهدها تركيا الأحد المقبل بدأت تتزايد في الأسواق، رافعة مستوى المضاربة رغم التريث والانتظار الذي يغلب على المكتنزين والمتعاملين بالليرة.
ويبرر شعبو رفع المصارف السعر بنشراتها الرسمية اليوم بأن تركيا بدأت تشهد ولادة سوق هامشية وبسعر مختلف، أحياناً كثيراً، عن سعر نشرات المصارف، ما دفع المصارف، حكومية وخاصة، لرفع السعر، خشية خروج الدولار من خزائنها باتجاه السوق وعدم مواكبتها الأسعار التي تتبدل لحظياً.
ويلفت المتخصص شعبو إلى أن حالة عدم اليقين، سواء بمن سيصل للرئاسة، وبالتالي التوقع بنسف قرارات ونهج اقتصادي، أو حتى بالقرارات الحكومية الحالية، ما زاد من مخاوف السوق، معتبراً أن إحجام المستثمرين خلال فترة ما قبل الانتخابات وتراجع السياح والصادرات، خلال الفترة الراهنة، أثر على عرض العملات الأجنبية في السوق وزاد من الطلب والمضاربات.
كما يرى مراقبون أن اقتراب موعد اجتماع لجنة السياسات في المصرف المركزي، الخميس المقبل، وما بدأ يتردد حول تخفيض سعر الفائدة، ولو بنسبة ضئيلة، أو إبقاء الفائدة عند 8.5%، يزيد من تراجع سعر الليرة، لأن بعض الآمال ذهبت لفوز مرشح المعارضة الذي وعد برفع سعر الفائدة واعتماد النهج الأوروبي.
ومن المرتقب أن تعلن لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي قرارها بشأن سعر الفائدة يوم الخميس المقبل، بحسب بيان المصرف الذي أشار اليوم إلى اجتماع الجنة برئاسة محافظ البنك المركزي، شهاب كافجي أوغلو.
ورغم تثبيت البنك المركزي التركي، لجلستين سابقتين، سعر الفائدة عند 8.5%، تزيد توقعات اقتصاديين بأن يبقى سعر الفائدة من دون تحريك، لأن فترة الانتخابات وتهاوي سعر الليرة، لا يسمح باستمرار تطبيق سياسة الرئيس أردوغان بتخفيض سعر الفائدة.
ويرجّح مراقبون في تركيا، زيادة تدخّل المصرف المركزي التركي، عبر ضخ كميات دولارية في السوق، لمنع تهاوي سعر الصرف قبل جولة الانتخابات الرئاسية الثانية الأحد المقبل، مشيرين إلى ما وصفوه بمخاوف بعض شركات الصيرفة التي وصلت لإغلاق بعضها السبت الماضي، عشية الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي شهدتها تركيا.
وتستمر الحكومة التركية، برأي المراقبين، في جهودها للحفاظ على استقرار الليرة التي تراجعت من نحو 19.5 ليرة للدولار، قبل الجولة الأولى للانتخابات، إلى ما يزيد عن 21.5 ليرة اليوم، وذلك عبر القرارات وضخ الدولار، لضمان ثقة الجمهور في عملة يُنظر إليها على أنها مقياس للصحة الاقتصادية للبلاد.
وشكل إلغاء الدولرة في البنوك التركية جزءًا من السياسة المالية غير التقليدية للرئيس رجب طيب أردوغان لخفض التضخم المرتفع مع الاستمرار في تطبيق أسعار فائدة منخفضة، بهدف جعل الليرة وسيلة التبادل الوحيدة في المعاملات التجارية المحلية.
وكانت تركيا، قبل جولة الانتخابات الأولى، التي لم تحسم فوز مرشح الجمهور الحاكم، رجب طيب أردوغان، على مرشح المعارضة، كمال كلجدار أوغلو، قد كثفت القيود على المصارف، واتخذت إجراءات عدة احترازية، تحسباً لتهاوي سعر الليرة بحال حسم الانتخابات.
وتشير مصادر إلى أن البنك المركزي التركي وجّه قرارات "شفوية" للمصارف، للحد من بيع الدولارات للشركات التي ليست بحاجة ملحّة لسداد مستحقاتها، مقابل منح الأولوية لأصحاب الودائع بالليرة ضمن نظام الادخار (كيه كيه إم) الذي تبلغ قيمته حاليا 100 مليار دولار.
كما أصدر البنك المركزي التركي سابقاً، قواعد مصرفية أخرى لرفع نسبة ودائع البنوك بالليرة إلى 65% خلال النصف الأول من العام الحالي، فإذا قلت عن نسبة 60% فعلى البنوك إيداع جزء أكبر من الودائع بالعملات الأجنبية لدى "المركزي"، وشراء 7% إضافية من السندات الحكومية بالعملة المحلية، وفي حال تجاوزت تلك النسبة، تُعفى البنوك من الاحتفاظ ببعض السندات الحكومية بالعملة المحلية.