يصوت مجلس النواب المصري خلال جلساته المنعقدة هذا الأسبوع، نهائياً على مشروع قانون "الصكوك السيادية" المقدم من الحكومة، والذي وافق عليه مجلس الشيوخ، ويهدف إلى دخول مصر عالم التمويل الإسلامي، من خلال إصدارها صكوك الدين خلال الفترة المقبلة لتمويل بعض المشروعات المتعثرة، ومنها العاصمة الإدارية الجديدة، ومدينة العلمين الجديدة.
وحسب مصدر مطلع لـ"العربي الجديد"، أدخلت اللجنة الاقتصادية في البرلمان تعديلاً على مشروع القانون، لاستثناء شركات التصكيك (المصدرة للصكوك) من رقابة هيئة الرقابة المالية، بدعوى أن الهدف الرئيسي من القانون تمويل العجز في الموازنة العامة للدولة، من خلال جذب المستثمرين من الأسواق الدولية، وإعطاء حامل الصك ملكية حصة في أصول مشروع محدد أو نشاط استثماري، وتكون قابلة للتداول وفقاً لصيغ التمويل الإسلامي.
وشهدت مصر تسارعاً في الاقتراض من الخارج عبر أدوات الدين خلال الأعوام الأخيرة، ما رفع الدين الخارجي للبلاد إلى 129.2 مليار دولار بنهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي، مرتفعاً بنحو 14.7% على أساس سنوي، حيث سجل 112.67 مليار دولار في ديسمبر/ كانون الأول 2019. وتُعَدّ الصكوك أحد أنواع الأوراق المالية التي تصدرها وزارة المالية، بحسب ما تحدده نشرة الإصدار التي تقرها الهيئة الشرعية، وتكون متوافقة مع الشريعة الإسلامية.
ونص القانون على أن تصدر الصكوك بالجنيه المصري، أو بالعملات الأجنبية، من طريق طروحات عامة أو خاصة بالسوق المحلية أو بالأسواق الدولية. ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين، ولا تزيد على خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن 500 ألف جنيه، ولا تزيد على 5 ملايين جنيه، أو بإحدى العقوبتين، كل من أصدر صكوكاً سيادية، أو عرضها للتداول على خلاف الأحكام المقررة في التشريع.
وحدد القانون الجهات المختصة بإصدار الصكوك السيادية، وشكلها، وصفاتها، ومدى توافقها مع أحكام الشريعة الإسلامية، فضلاً عن تفاصيل عملية إصدار الصكوك، وتداولها، وسريان المعاملة الضريبية عليها، وحقوق مالك الصكوك، والالتزامات المقررة للمنتفع. وكذلك نظم قواعد حفظ الصكوك، وتداولها داخل مصر وخارجها، ارتباطاً بقواعد القيد والتداول بنظام الحفظ المركزي، والبورصة المصرية، المطبقة على الأوراق المالية الحكومية، والآثار المترتبة عن انتهاء مدة الصك.
وتصدر الصكوك بنظام حق الانتفاع لمدة 30 عاماً، ويحظر اتخاذ إجراءات الحجز، أو أية إجراءات تنفيذية أخرى على الأصول التي تصدر على أساسها الصكوك. وللشركات بأنواعها الحق في إصدار الصكوك كوسيلة للحصول على التمويل، ويتشارك المساهمون في الربح والخسارة مع الشركة.
وتستهدف الحكومة المصرية من وراء إصدار هذه الصكوك جذب مستثمرين جدد من المصريين والأجانب، ممن يفضلون المعاملات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، والذين يعزفون عن استثمار أموالهم فى الأنواع المعروفة حالياً من الأوراق والأدوات المالية الحكومية.
وتختلف الصكوك عن الأوراق المالية الحكومية الأخرى (كالسندات وأذون الخزانة)، في أنها تخضع للمضاربة، وتتعرض للخسارة أو الربح، بوصفها تمثل حصصاً شائعة في حقوق منفعة الأصول المملوكة للدولة ملكية خاصة، أو لأي من الأشخاص الاعتبارية العامة، فالممول شريك في حقوق الانتفاع بالأصول المذكورة. أما السندات وأذون الخزانة، فهي أوراق مالية محددة بأجل، ومضمونة بعائد فائدة إضافي لقيمتها يُصرَف بانتهاء أجلها.
وقالت الحكومة في المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون، إن الصكوك من منتجات الدخل الثابت، وتشبه السندات التقليدية تماماً، ولكن لا تُحتسب عليها فائدة، مبينة أنها تتميز بعائد مرتفع مقارنة بأدوات الدين الأخرى، نظراً لارتفاع حجم المخاطر فيها، في وقت تنخفض فيه سعر الفائدة للسندات والأذون، لعدم وجود مخاطر في تداولاتها.
وبخلاف الضغوط المالية التي تتعرض لها المشروعات الحكومية المترامية، يواجه القطاع الخاصة في مصر صعوبات متزايدة، في ظل استمرار التداعيات الناجمة عن جائحة فيروس كورونا، رغم عدم إقدام الدولة على تعطيل الأعمال خلال الجائحة.
وأظهرت بيانات صادرة عن مؤسسة "آي إتش إس ماركت" العالمية للأبحاث مطلع يونيو/ حزيران الجاري، أنّ مؤشر مديري المشتريات استمر في نطاق الانكماش، خلال مايو/ أيار الماضي، للشهر السادس على التوالي، نتيجة انخفاض الإنتاج والأعمال الجديدة.
وذكرت المؤسسة الدولية أن المؤشر الذي يرصد أداء القطاع الخاص غير النفطي، سجل 48.6 نقطة الشهر الماضي. ويعني انخفاض المؤشر عن مستوى 50 نقطة، أن ثمة انكماشاً، في حين أنّ تخطيه هذا المستوى يشير إلى النمو. وأفادت بأنّ الاقتصاد غير النفطي في مصر، يواصل الانكماش منذ ديسمبر/ كانون الأول 2020، في ظل تدهور ظروف الأعمال.