أصدر البنك الدولي تقريرا تقييما جديدا للأوضاع الاقتصادية في سورية وخسائر الزلزال وتوقعاته بشأن الناتج المحلي. وتوقع البنك في تقريره الذي نشر مساء السبت أن ينكمش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي لسورية بنسبة 5.5% في عام 2023 في أعقاب الزلزالين اللذين ضربا المناطق الشمالية والغربية للبلاد في 26 من شباط/فبراير.
وفي ظل محدودية الموارد العامة، وضعف الاستثمارات الخاصة، وقلة المساعدات الإنسانية التي تصل إلى المناطق المتضررة، قال البنك إن النمو الاقتصادي قد يشهد مزيداً من الانكماش إذا تباطأت أعمال إعادة الإعمار.
وقدّر البنك الأضرار المادية الناجمة عن الزلزال بـ3.7 مليارات دولار، أمَّا الخسائر فتُقدَّر بنحو 1.5 مليار دولار، ليبلغ إجمالي قيمة الأضرار والخسائر 5.2 مليارات دولار. وتُمثِّل الخسائر انخفاض الإنتاج في القطاعات الإنتاجية، وتقلص الإيرادات، وارتفاع تكاليف التشغيل في مجال تقديم الخدمات.
ويتصدر قطاع الإسكان قائمة القطاعات المتضررة (24% من إجمالي الأضرار)، تليه قطاعات النقل والبيئة (نتيجة التكلفة المرتبطة برفع الأنقاض) والزراعة. وعلى صعيد الخسائر، تكبَّد قطاع الزراعة أشد الأضرار، إذ انخفضت إمدادات المواد الغذائية بمقدار 1.3 مليار دولار (83% من إجمالي الخسائر). وتعرّضت محافظة حلب لأكبر قدر من الأضرار (44% من إجمالي الأضرار، أغلبها في قطاع الإسكان ثم الزراعة)، تلتها محافظة إدلب (21%). وجاءت مدينة حلب أيضاً على رأس قائمة المدن الأشد تضرراً، إذ بلغ نصيبها نحو 60% من مجموع الأضرار، تلتها اللاذقية (12%)، وأعزاز (10%).
ومن المتوقع، بحسب البنك، أن يزداد انكماش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي لسورية بمقدار 2.3 نقطة مئوية في عام 2023 بسبب الزلزال، وذلك بالإضافة إلى انكماش سبق توقعه وقدره 3.2% للعام 2023.
وأكد البنك أن الزلزال ساهم في تدهور شديد على مستوى الأوضاع الإنسانية، لاسيما منها الأمن الغذائي وخطورة المباني السكنية. حيث تضررت بشدة الشرائح الهشة من السكان مثل النساء والأطفال وكبار السن وذوي الإعاقة، وكذلك الفقراء. وكانت المناطق المتأثرة بالزلزال موطناً لحوالي 3 ملايين من النازحين داخلياً، أي 50% من مجموع النازحين داخلياً في سورية الذين كانوا يواجهون أصلاً صعوبات شديدة في أحوالهم المعيشية، بحسب التقرير.
وقدر البنك احتياجات التمويل لإعادة الإعمار والتعافي في المحافظات الست المشمولة بـ7.9 مليارات دولار، منها 3.7 مليارات دولار في السنة الأولى بعد الزلزال و4.2 مليارات دولار في السنتين التاليتين.
وحول دلالة هذه الأرقام، قال الخبير الاقتصادي السوري نديم عبد الجبار لـ"العربي الجديد" إن التقديرات الأخيرة ترسم واقعا مأساويا للوضع الاقتصادي في سورية، مضيفا أن الزلزال رغم أنه فاقم الأزمة لكن واقع الحال كان يشير إلى أن الاقتصاد كان بالأصل يسير نحو الهاوية بسبب السياسات التي يتبعها نظام الأسد وتأثير الحرب على البلاد.
وأوضح عبد الجبار أن انهيار الليرة المتواصل في الأشهر الأخيرة أدى لانكماش قيمة الموازنة بأكثر من النصف خلال العام الحالي، وأشار إلى أن أكثر من 70 بالمائة من الشعب السوري بات يعتمد على الحوالات الخارجية والمساعدات، وهو مؤشر واضح إلى ما وصل إليه وضع الاقتصاد السوري.