حذّر البنك المركزي التونسي اليوم الأربعاء، من مخاطر تكثيف لجوء الخزينة للتمويل الداخلي في ظل غياب القدرة على تعبئة موارد خارجية، مؤكداً أن تمويل الميزانية من خلال اللجوء المتزايد للتداين في السوق الداخلية سيؤثر على واردات المواد الأساسية.
وقال إن "الاقتراض المكثف من السوق الداخلية قد يؤدي إلى تفاقم الضغوط على السيولة وإلى تيسير المقايضات بين مختلف التوظيفات، بما من شأنه تعطيل نشاط الأسواق المصرفية والمالية وسوق التأمينات".
ونبّه البنك المركزي في بيان صادر عن مجلس إدارته المجتمع اليوم من انعكاسات التدهور في الترقيم السيادي لتونس الذي ستكون له انعكاسات محتملة على الوضع المالي والاقتصادي بشكل عام وفق نص البيان.
وأكد أن التخفيض من الترقيم السيادي لتونس سيكون له تأثير السلبي محتمل على السير العادي لمعاملات التجارة الخارجية التي تقوم بها البنوك التونسية والمتعلقة بوجه خاص بواردات المواد الأساسية.
خفضت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني العالمية، السبت الماضي، تصنيف تونس إلى درجة Caa2، التي تعني تعرض الحكومة والبنك المركزي إلى مخاطر مالية عالية.
وقالت "موديز" في تقريرها حول تونس إن خفض التصنيف الائتماني "يعود لعدم وجود تمويل شامل حتى الآن لتلبية احتياجات الحكومة مما يزيد من مخاطر التخلف عن السداد"، مضيفة أنّ عدم تأمين برنامج تمويلي جديد من قبل صندوق النقد الدولي رغم التوصل إلى اتفاق إطاري مع تونس في أكتوبر/ تشرين الأول 2022، أدى إلى تفاقم وضع التمويل الصعب وزيادة الضغوط على احتياطي النقد الأجنبي للبلاد.
كذلك خفضت "موديز"، أمس الثلاثاء، تصنيف ودائع أربعة بنوك تونسية من caa1 إلى caa2 على المدى البعيد وهي بنك الأمان والبنك التونسي وبنك تونس العربي الدولي والشركة التونسية للبنك.
بينت الوكالة أن العامل الأساسي في تخفيض ترقيم كل البنوك الأربعة هو تواصل حالة عدم اليقين بسبب عدم وجود برنامج تمويل شامل، إلى حد الآن، لتلبية الاحتياجات التمويلية الهامة للحكومة مما يزيد من مخاطر التخلف عن السداد من قبل الدولة.
وقالت إن "تعامل البنوك التونسية بصفة مباشرة مع رقاع وسندات الخزينة (حوالي 57% من الأموال الذاتية في موفى أوت 2022) يجعلها عرضة إلى خطر متزايد يتعلق بالأصول وقدرة الإيفاء بالالتزامات المالية".
وشدد البنك المركزي اليوم الأربعاء، على ضرورة الإيفاء بشكل عاجل بالشروط المسبقة لاستكمال البرنامج الجديد مع صندوق النقد الدولي والتسريع بتفعيل الإصلاحات اللازمة بما يمكن من تصحيح الاختلالات في الميزانية وكذلك الاختلالات الخارجية.
وأشار المركزي التونسي إلى أن القرار الأخير الذي اتخذته وكالة التصنيف الدولية موديز بتخفيض الترقيم السيادي للبلاد بدرجة واحدة، من Caa1 إلى Caa2، مع آفاق سلبية سببه غياب التمويل الإجمالي حتى الآن بما يمكن من الاستجابة للحاجيات الهامة للحكومة وخاصة في مجال الموارد الخارجية.
تحتاج تونس إلى تمويلات خارجية بقيمة 4 مليارات دولار من أجل تمويل الموازنة والالتزام بسداد أقساط ديونها الخارجية.
وتوصلت تونس قبل نحو 4 أشهر إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي يقضي بإقراض البلاد 1.9 مليار دولار مقسطة على 4 سنوات، غير أنه لم يتم توقيع الاتفاق النهائي، بينما توقع محافظ البنك المركزي مروان العباسي بداية يناير/كانون الثاني الماضي، التوصل إلى اتفاق نهائي قريباً، من دون ذكر موعد محدد، وذلك بعد إتمام المصادقة على قانون إصلاح المؤسسات الحكومية والتوافق بشأنه مع الاتحاد العام التونسي للشغل.
وتونس التي تكافح لحل أسوأ أزماتها المالية، تسعى للحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار من صندوق النقد مقابل إصلاحات لا تحظى بقبول شعبي، تشمل خفض الإنفاق وتجميد الأجور وتخفيضات في دعم الطاقة والغذاء.