تراجعت الأسهم العالمية يوم الثلاثاء، مع تصاعد التوترات بين أكبر قوتين نوويتين في العالم، روسيا والولايات المتحدة، حيث لجأ المستثمرون إلى الأصول الآمنة، بينما فضل البعض تخفيف انكشافهم على أسواق الأسهم حتى تستقر الأمور. وشهد مؤشر ستوكس 600، الذي يقيس أداء الأسهم الأوروبية، انخفاضًا بنحو 1% بحلول الساعة 12:23 ظهراً بتوقيت لندن، ليصل إلى 498.56 نقطة، وهو أدنى مستوى له منذ شهر أغسطس/آب.
وفي أسواق الأسهم في الولايات المتحدة، تراجعت العقود الآجلة المرتبطة بمؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 0.55%، وانخفضت العقود الآجلة لمؤشر إس آند بي بنحو 0.35%، بينما فقدت العقود الآجلة لمؤشر ناسداك 100 حوالي 0.22%، وذلك قبل نحو ساعة من بدء تداولات الأسهم الرسمية في بورصة نيويورك.
وتأتي هذه الانخفاضات بعد أن عدل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عقيدة روسيا النووية لتوسيع الظروف التي قد تدفع موسكو إلى استخدام ترسانتها النووية، حسبما أفادت وكالة الأنباء الروسية "تاس" يوم الثلاثاء. وتوسع التعديلات الجديدة بشكل كبير الظروف التي يمكن لروسيا أن تعتبر فيها الرد النووي ضروريًا.
ووفقاً للمتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، فإن العقيدة الجديدة تنص على أن "الاتحاد الروسي يحتفظ بحق استخدام الأسلحة النووية في حالة وقوع عدوان باستخدام أسلحة تقليدية ضد روسيا أو جمهورية بيلاروسيا، مما يخلق تهديدًا خطيرًا للسيادة أو السلامة الإقليمية". كما يعتبر أي عدوان على روسيا من قبل دولة غير نووية بمشاركة أو دعم دولة نووية هجومًا مشتركًا، وفقًا لما ورد في تقرير قناة أن بي سي الإخبارية.
ويوم الأحد، نقلت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية عن مسؤولين أميركيين قولهم إن الرئيس جو بايدن سمح لأوكرانيا بأول استخدام للصواريخ طويلة المدى التي زودتها بها الولايات المتحدة من قبل لشن ضربات داخل روسيا. وبحسب الصحيفة، يعد قرار بايدن تغييرًا كبيرًا في سياسة الولايات المتحدة، ويأتي قبل شهرين من تولي الرئيس المنتخب دونالد ترامب منصبه، والذي تعهد بالحد من الدعم الأميركي المقدم لأوكرانيا.
ودفع احتمال انجراف القوتين العظميين نحو تصعيد نووي المستثمرين نحو الأسواق الآمنة، حيث ارتفعت أسعار الذهب بنسبة 0.8% بحلول الساعة 11:52 صباحًا بتوقيت لندن. وفي أسواق العملات، ارتفع الين الياباني بنسبة 0.7% مقابل اليورو وبنسبة 0.36% مقابل الدولار، بينما أضاف الفرنك السويسري 0.3% مقابل اليورو.
وقال إريك نيلسون، خبير الاقتصاد الكلي في "ويلز فارغو"، لقناة سي أن بي سي الاقتصادية: "الانخفاض الحاد في عوائد السندات وتغير سعر الدولار مقابل الين كان ملحوظًا، لكن الأكثر دلالة هو مدى سرعة تلاشي ذلك". وأضاف: "لا يزال هناك ميل للاستعداد لارتفاع التضخم والنمو المستدام مع اقترابنا من الأسابيع الأخيرة من العام. غالبية المشاركين في السوق يتذكرون المخاطر المرتبطة بالعناوين الرئيسية خلال المراحل الأولى من الحرب الروسية-الأوكرانية، وسيكونون ميالين لتجاهل أي انخفاضات في العوائد طالما ظلت التصعيدات في الغالب لفظية".
وعلى الرغم من أن موسكو كانت قد أشارت منذ شهور إلى اهتمامها بتحديث عقيدتها النووية، فإن تنفيذ التعديلات جاء بعد أقل من يومين من صدور قرار بايدن بالسماح لكييف باستخدام الصواريخ طويلة المدى أميركية الصنع داخل الأراضي الروسية. ومع ذلك، يبقى أن نرى ما إذا كان حلفاء الناتو، الذين يقدمون دعمًا عسكريًا وإنسانيًا مهمًا لأوكرانيا، سيتبعون نهج البيت الأبيض في السماح لكييف باستخدام أسلحتهم محلية الصنع في الهجمات على الأراضي الروسية.
وحتى الآن، تجنبت دول الناتو بشكل كبير هذه الخطوة خوفًا من إجراءات انتقامية من موسكو. وأشار بوتين سابقًا إلى خطر الاستفزاز النووي إذا تدخل التحالف رسميًا في الحرب، قائلًا في يونيو/حزيران الماضي إن روسيا تزيد من ترسانتها النووية، التي تعد الأكبر عالميًا، بعد أن ورث الكرملين معظم أسلحة الاتحاد السوفييتي المنحل.
ومع إحياء الذكرى الألف يوم لبدء الحرب الروسية الأوكرانية اليوم الثلاثاء، صرحت وزارة الدفاع الروسية بأن كييف أطلقت ستة صواريخ باليستية طويلة المدى أميركية الصنع خلال ضربة ليلية على منطقة بريانسك في الغرب، وفقًا لتقرير "أن بي سي". وقالت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية في تحديث على فيسبوك إنها "ألحقت أضرارًا بالنيران" في بريانسك، دون تحديد ما إذا كانت كييف قد استخدمت أسلحة أميركية الصنع في ذلك.
وقالت تيفاني ماكغي، الرئيسة التنفيذية لشركة Pivotal Advisors للاستشارات المالية، لقناة سي أن بي سي الاقتصادية: "الصراع يتصاعد... أتوقع بوضوح رؤية رد فعل فوري". لكنها أكدت الحاجة إلى مراجعة التأثير على الأسواق على المدى الطويل، مشيرة إلى ردود فعل مماثلة قصيرة الأجل منذ غزو روسيا الشامل لجارتها في فبراير/شباط 2022.
وبالتزامن، بقيت أسواق النفط، التي تأثرت بشكل مباشر بالحرب بسبب العقوبات الغربية على إمدادات النفط الروسية، في المنطقة السلبية يوم الثلاثاء على الرغم من تزايد احتمالات المواجهة بين اثنين من أكبر منتجي النفط الخام في العالم. وانخفضت العقود الآجلة لعقد "برنت" لشهر يناير/كانون الثاني بنسبة 0.37% بحلول الساعة 12:33 ظهرًا بتوقيت لندن، بينما انخفضت العقود الآجلة لشهر ديسمبر/كانون الأول لنفط خام غرب تكساس الوسيط (WTI) بنسبة 0.74% مقارنة بتسويات يوم الاثنين.